تقرير إخباري: انتشار السلاح الفردي بلا ضوابط في لبنان يحصد الضحايا.. والأمن يسعى لوقفه

الحدث الثلاثاء ١٩/يوليو/٢٠١٦ ٠٠:١٥ ص
تقرير إخباري:
انتشار السلاح الفردي بلا ضوابط في لبنان يحصد الضحايا.. والأمن يسعى لوقفه

بيروت – ش – وكالات
احتفالا بولادة طفل أو باطلالة زعيم عبر التلفزيون، بفوز مرشح في الانتخابات أو بنجاح تلميذ في شهادة تعليمية، في مأتم شاب قتل في حادث سير أو على الجبهات، في مناسباتهم السعيدة والحزينة، يطلق لبنانيون الرصاص في الهواء في ممارسة تحولت إلى ظاهرة قاتلة.
ويعكس تنامي هذه الظاهرة حجم انتشار السلاح الفردي بلا ضوابط في لبنان منذ الحرب الأهلية (1975-1990) ويطرح ضرورة التشدد في تطبيق القوانين وتحديثها، وقد دفع القوى الأمنية إلى تفعيل تدخلها لملاحقة المتورطين.
ومنذ شهر مارس، أحصت القوى الأمنية مقتل اربعة اشخاص على الاقل بينهم ثلاثة اطفال في اطلاق نار في الهواء، واصابة ثمانية اشخاص آخرين برصاص طائش.
ونجا حسين عزب (15 عاما) باعجوبة خلال شهر مايو من الموت بعدما اخترقت رصاصة طائشة صدره وهو يسير في الشارع مع افراد من عائلته في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال الاحتفال بنتائج الانتخابات البلدية.
ويقول حسين لوكالة فرانس برس بعد تصفحه صورا على هاتف الخلوي تظهره مستلقيا على سرير المستشفى واخرى للرصاصة التي تم استئصالها، "شعرت بنار دخلت إلى صدري. بدأ الدم ينفر. خفت كثيرا. اعتقدت انني ساموت".
ويقول انه بات يسارع إلى الاختباء في كل مرة يسمع دويا حتى لو كان مجرد مفرقعات، ويضيف "تغيرت حياتي. اصبحت عصبيا كثيرا.. لا اتمكن من النوم وعندما اكون نائما استفيق مصابا بنوبات هلع".
وتقول والدته وفاء (45 سنة) بانفعال "هم كانوا يحتفلون بالفوز في الانتخابات فيما كنا نبكي دما". وفي مطلع يوليو، اصيب رجل في البقاع (شرق) برصاص طائش اطلق احتفالا برؤية الهلال عشية عيد الفطر، وقتل طفل في بيروت اثر صدور نتائج امتحانات البكالوريا الرسمية.

السلاح "زينة الرجال
وتتكرر الظاهرة في مناطق لبنانية مختلفة، لا سيما في الضاحية الجنوبية، احدى ابرز مناطق نفوذ حزب الله، وخصوصا خلال خطابات الامين العام للحزب حسن نصرالله.
ووجه نصرالله مرارا نداءات لم تجد صدى في الشارع، فما كان منه الا ان حذر محازبيه في 24 يونيو بان من يطلق النار في الهواء سيفصل من الحزب حتى من "يكون قاتل إسرائيل 30 سنة".
ويقر قاسم (36 عاما)، وهو بائع متجول في مدينة صيدا (جنوب)، باقدامه على اطلاق الرصاص ابتهاجا في مناسبات عدة على مدى السنوات الماضية، لكنه يشدد على انه لا يفعل ذلك "بين البيوت، انما في الساحات العامة بعدما اطلب من الناس الابتعاد".
ويقول "اول مرة اطلقت الرصاص كانت منذ 14 عاما حين ولدت ابنتي عروبة تزأمنا مع ذكرى استقلال لبنان في 22 نوفمبر". ويضيف "كانت اول فرحة لنا واطلقت حينها 75 رصاصة".
وكرر قاسم اطلاق رصاص الابتهاج، بحسب قوله، بعد شفاء ابنته من مرض اصيبت به وفي كل عيد استقلال ومع ولادة طفله الثاني. وبرغم اصابته سابقا بالخطأ خلال تنظيفه مسدسا، يقول "السلاح زينة الرجال". ثم يؤكد انه تخلى مؤخرا عن سلاحه.

4 ملايين قطعة سلاح
واذا كان من السهل على عناصر حزب الله الذي يقاتل في سوريا ويرفض التخلي عن ترسانته الضخمة بحجة مواجهة اسرائيل، الحصول على السلاح، الا ان ذلك لا يقتصر عليهم. إذ ينتشر السلاح الفردي بكثافة في لبنان، وهو بمعظمه غير مرخص، وفق ما يؤكد مسؤولون وناشطون في المجتمع المدني.
ويقدر فادي ابي علام، رئيس حركة "السلام الدائم"، وهي منظمة غير حكومية تنشط في مجال التوعية على مخاطر استخدام السلاح لفرانس برس، عدد قطع السلاح الخفيفة "بنحو اربعة ملايين قطعة سلاح اي عدد سكان لبنان".
ويستدرك "صحيح انه لا يوجد سلاح في بعض المنازل لكن هناك العشرات في بعضها الآخر. وينطبق على حيازة السلاح واستخدامه قانون الاسلحة الصادر العام 1959، ويعاقب "كل من أقدم على اطلاق النار في الاماكن الاهلة (...) بالحبس من ستة اشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من 500 ليرة إلى الف ليرة (0,6 دولار) أو باحدى هاتين العقوبتين". وتحول هذه العقوبة التي مرّ عليها الزمن بفعل تغير قيمة العملة، دون تعرض مطلقي النار لعقوبة فعلية.
ويقول النائب غسان مخيبر الذي تقدم مؤخرا باقتراح لتعديل هذه الاحكام "طالما للقاضي الحرية في اختيار احدى هاتين العقوبتين فانه يتجه إلى انزال عقوبة الغرامة البسيطة جدا".
ووقع عشرة نواب من مختلف الاحزاب الرئيسية على اقتراح القانون تمهيدا لمناقشته والتصويت عليه عندل اول جلسة للبرلمان المعطل منذ 2014 بسبب ازمة سياسية حادة في لبنان.
ويطالب الاقتراح بتشديد عقوبة السجن حتى 20 عاما ورفع قيمة الغرامة حتى 12500 دولار، وبإنزال العقوبتين معا بحق كل من يطلق الرصاص وتجريده من سلاحه.