تطوير إدارة الحركة الجوية لضمان الأمان والكفاءة

مؤشر الأحد ١٧/يوليو/٢٠١٦ ٢٢:٣٠ م
تطوير إدارة الحركة الجوية لضمان الأمان والكفاءة

مسقط - ش

اكد نائب الرئيس لإدارة الحركة الجوية في بوينج لخدمات الطيران نيل بلانزر ان الحركة الجوّية تشهد يومياً ما يقدّر بنحو 100 ألف رحلة تجارية في جميع أنحاء العالم ، وهذا ما يعادل رحلة واحدة أو أكثر في الثانية، أو حوالي اثنتي عشرة رحلة في الوقت الذي استغرقته قراءة هذا الكلمات. وخلف هذه الوقائع، والإحصاءات، تكمُن أهميّة نظام إدارة الحركة الجوية المعقّد الذي يجمع بين التكنولوجيا ومهارة الإنسان لضمان الأمان والكفاءة، والذي يقود أداء الحركة الجويّة المعقّدة التي تجري في الأجواء المزدحمة في جميع أنحاء العالم يومياً.

تحقيق هذا المسعى ليس بالأمر السهل
ومن المتوقع أن تواصل الحركة الجويَة العالمية نموّها خلال العقدين القادمين، مع تقديرات بوصول معدل نموها في منطقة الشرق الأوسط إلى 6.2% بحلول عام 2034. ومع التوقعات بدخول 3,180 طائرة إضافية بقيمة 730 مليار دولار أمريكي إلى الأساطيل الجوية في الشرق الأوسط خلال السنوات العشرين القادمة، يتوجّب تحويل أنظمة إدارة الحركة الجوية لمواكبة صناعة الطيران وتنمية القدرات على متن طائرات اليوم. ومع التّطور السريع الذي يشهده قطاع الطيران التجاري المعقّد، فإنّ تحقيق هذا المسعى ليس بالأمر السهل.
وفي واقع الأمر، كان الاستمرار في استخدام الأنظمة القديمة لمراقبة الحركة الجوية ذا أثر سلبي على السلامة، والبيئة، والنّمو المستدام لقطاع الطيران التجاري، وهذا ما دفع إلى إعادة النظر عالمياً في البنية التحتية لنظام مراقبة الحركة الجويّة

اتّسمت بالأمان والموثوقية
وعلى الرّغم من أنَّ الأنظمة التقليدية التي صُممت قبل نصف قرن، اتّسمت بالأمان والموثوقية إلى حدٍ ما، إلّا أنّها ابتعدت كلّ البعد عن الكفاءة. وأوضح مثال على ذلك هو حقيقة أن الطّائرات العاملة في البلدان ذات الأنظمة التقليدية، لا يمكنها ببساطة السفر ضمن مسارات مباشرة من نقطة الانطلاق إلى وجهاتها. وبدلاً من ذلك، يقوم الطيارون بالتحليق بطائراتهم ذهاباً وإياباً عبر شبكة من الأجهزة الراديوية للمساعدات الملاحية، أو المعروفة بـ NAVAIDs، والتي تقع على المسار إلى وجهتهم - وهي لا تمثّل بالضرورة المسار المباشر. وكلُّ جهاز راديوي للمساعدات الملاحية لديه وحدات تحكم تقوم بمراقبة تحليق الطائرات في مجالها الجوي والتواصل مع قادة الطائرات قبل تسليم الرحلة لزملائهم في المحطّة التالية حسب خطة رحلة الطائرة.

تأثير مباشر على كفاءة عمليات الطيران.
ولهذا الأمر تأثير مباشر على كفاءة عمليات الطيران. وعلى الرغم من أن الطائرات الحديثة، مثل طائرة بوينج دريملاينر 787 أعادت تعريف كفاءة استهلاك الوقود وساهمت في جعل النّقل الجوي أكثر استدامة من الناحية الاقتصادية والبيئية، إلّا أنّ غياب المسار المباشر يفضي إلى زيادةٍ غير ضرورية بشكل عام في حرق الوقود. وهذا ما يؤثر بدوره سلباً على اقتصاديات عملية التّشغيل لشركات الطيران ويؤدي إلى زيادة الانبعاثات الكربونية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإنَّ استخدام التكنولوجيا الراديوية التناظرية القديمة يقلل من القدرة على تتبع موقع الطائرات بدقّة، مما أجبر أجهزة التحكّم على الحفاظ على مسافات أمان كبيرة بين الرحلات الجويّة وخفض عدد الطائرات التي قد تستخدم ممرّاً جوياً معيناً. فعلى سبيل المثال، قد تستخدم طائرتان أو أكثر ممرّاً جوياً بأمان، غير أنَّ أجهزة التحكّم التي تعتمد بشكل اضطراري على الأنظمة الراديوية قد لا تكون قادرة على السماح باستخدام طائرة أخرى لذات المسار في الوقت نفسه، وهذا ما يحدّ بشكل كبير من كفاءة استخدام المجال الجوي المدني ويسهمُ في الازدحام والتأخير.

تحديث أنظمة إدارة الحركة الجوية
وفي العقد الماضي، قادت منظمة الطيران المدني الدولي والتي سارت على خطاها برامج الجيل القادم لإدارة الطيران الاتحادية وبرامج السماء الأوروبية الواحدة للبحوث المتقدّمة مهمة تحديث أنظمة إدارة الحركة الجوية العالمية التي تعزّز من القدرات على متن الطائرات. فيما تقود حلول المجال الجوي، لوحدة تنظيم أعمال الطيران الرقمية داخل خدمات الطيران التجاري، مشاركة بوينج للطائرات التجارية في هذه البرامج مع منظمة الطيران المدني الدولي، وإدارة الطيران الفيدرالية ( وبرامج السماء الأوروبية الواحدة للبحوث المتقدّمة ( إلى جانب مزوّدي الخدمة للملاحة الجويّة العالمية وشركات الطيران والمطارات، لضمان أن تتمتع الطائرات حاضراً ومستقبلاً – مثل دور الأقمار الاصطناعية في تمكين نظام تحديد المواقع العالمية (GPS) - بالقدرة على لعب دورٍ أكبر في تحسين تدفّق الحركة الجوية، وزيادة القدرات وتحسين الأجواء.

توظيف التكنولوجيا
وبناءً على ذلك، أسهم التوافر القياسي لإلكترونيات الطيران المتطورة حالياً وقدرات تبادل البيانات وأحدث تقنيات الاتصالات في الطائرات الحديثة، في السماح لمنظمة الطيران المدني الدولي بتنفيذ نظام الملاحة القائم على الأداء مع الدول الأعضاء. ويقوم نظام الملاحة القائم على الأداء، والذي يتضمن العلوم المستفادة من خبرة بوينج في عدة عقود لتحسين عمليات الطيران لعملائها - كمشاركتها في تطوير نظام الملاحة الجوية المستقبلية في التسعينات - بتوظيف التكنولوجيا في صميم الجهود الرامية إلى تحويل وتحديث نظام (ATM) وجعله قياسياً.
وبعيداً عن القيود المفروضة على نظام (ATC) القائم على الاستشعار، يحسّن نظام الملاحة القائم على الأداء من استخدام إلكترونيات الطيران، وحلول إدارة المعلومات مثل حقيبة الطيران الإلكترونية، والاتصالات التي تعتمد على البيانات. ومع بدء تنفيذ مراحل مختلفة بالفعل في منطقة الشرق الأوسط ، حيث من المتوقع أن يصل الاستثمار الإقليمي في معدات نظام (ATC) إلى 4.23 مليار دولار بحلول عام 2020، يتيح نظام الملاحة القائمة على الأداء التوجيه المباشر بشكل أكبر؛ في مسارات الأصل ذات الكفاءة والّتي تقلل من الوقت الذي تستغرقه الطائرات في إجراءات ما قبل الهبوط، وتخفّض من تغييرات الارتفاع خلال الرحلة. وتؤثر كل هذه الجوانب بشكل مباشر على جهود شركات الطيران لتعزيز السلامة وتوفير الوقود، وزيادة الكفاءة، ما يؤدّي إلى خفض البصمة الكربونية وتكاليف التشغيل.

تحديثات وتجديدات إضافية.
والأهم من ذلك، يساعد استخدام نظام الملاحة القائم على الأداء في نظام تحديد المواقع العالمية (GPS) على تقليل المسافات الفاصلة بين الطائرات في الأجواء، مما يسمح لأجهزة التّحكم استخدام المجال الجوي المتاح بكفاءة أكثر كنتيجة مباشرة لإمكانية الوصول إلى بيانات الموقع بدقّة. وبالإضافة إلى ذلك، يمهّد استخدام تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية الطريق أمام الاتصالات التي تعتمد على البيانات، مما يتيح تبادل البيانات مباشرة بين إدارة الطيران الحاسوبية وأنظمة مراقبة الحركة الجوية وبالتالي تقليل فارق الوقت اللازم للاتصالات وتعزيز العمليات بشكل أكبر.
وما هذه سوى بعض التغييرات والتحوّلات التي تجري وراء الكواليس في عالم الطيران التجاري اليوم. وبلا شكّ، فعند تنفيذ برنامج الملاحة القائم على الأداء لمنظمة الطيران المدني الدولي في غضون سنوات قليلة، ستشهد الصّناعة والتكنولوجيا المتاحة تطوراً أكبر من ذلك، ما يتطلّب تحديثات وتجديدات إضافية. وهذا ما يُعتبر انعكاساً لطبيعة قطاع الطيران الديناميكية، فالابتكار والتحسين المستمر هو شريان الحياة لهذه الصناعة بأكملها.
يشغل نيل بلانزر منصب