لعبة واقع افتراضي تتجاوز حدود الهوس

مزاج السبت ١٦/يوليو/٢٠١٦ ٢٣:٤٩ م

مسقط -
تُفاجئنا وسائل التواصل الاجتماعي كل مرة بقدراتها المتنامية على تحريك الجموع البشرية بشكل واقعي وليس افتراضي كما كنا نعتقد عند بداية ظهورها، في هذا الإطار لا يبدو هوس البوكيمون الذي أنتجته شركة نيتندو اليابانية يغرد خارج السرب، حيث أصيب به الملايين خلال أيام قليلة لتراهم يسيرون وأعينهم تلتصق بهواتفهم متابعين هذا المخلوق الافتراضي المتنقل في شوارع واقعية لاصطياده.

اللعبة تدخل في إطار ألعاب «الواقع المعزَّز» وهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة إلا أن نجاحها منقطع النظير هو ما لفت الانتباه إليها بهذا الشكل، ومن المستفيد في النهاية؟ بالطبع شركة نينتندو التي تمنحك اللعبة مجاناً لتبدأ اللعب وتنتقل إلى حيز الإدمان ومن ثم تبدأ بشراء الأدوات التي تساعدك على الصيد، الأمر باختصار هو تداخل الواقع بتفاصيله المكانية والزمانية مع الافتراض بجاذبيته المفترضة، لتكون النتيجة أشخاص يحدقون إلى هواتفهم ويتتبعون تعليمات الخرائط يبحثون عن كائن مجهول لاصطياده في أي مكان، وقد ذكرت إحدى المواقع أن بعض هؤلاء حاولوا الدخول إلى مراكز الشرطة والمؤسسات الحكومية الأخرى بحثاً عن البوكيمون ضاربين عرض الحائط بأبسط القوانين التي وضعت للحفاظ على سلامتهم أولاً.

لن نختلف أن الشركة المنتجة هي الرابح الأكبر، إلا أن الخطورة في الأمر تتجاوز اللعبة نحو قدرة وسائل «السوشل ميديا» على تحريك جموع متكاملة ضمن حالة من فقدان السيطرة أو وجود إرادة واعية وراء هذا التحرك الذي تديره جهة لا تتوخى سوى الربح المادي بغض النظر عن التأثيرات الجانبية لنشاطها والتي من الممكن أن تكون كارثية بكل ما للكلمة من معنى. فيسبوك، توتير، إنستجرام وغيرها، واليوم ألعاب الواقع المعزز، أصبحت -شئنا أم أبينا- جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، توجه وعينا وتشكل آراءنا ومواقفنا وفق اتجاهات يبنيها أناس يعملون في غرف مغلقة ولديهم أهداف معينة مادية أو غير مادية، إلا أنها ليست في مصلحة الكتلة الأكبر من البشرية في معظم الحالات، هذه الحقيقة البسيطة قد تفسر لنا حالة هوس البوكيمون الحالية، إلا أنها في ذات الوقت تطرح علينا سؤالاً ضميرياً كبيراً حول ما إذا كنا واعين لما يحدث ونفعل شيئاً لإيقافه أو ربما لاستيعابه والتعامل معه بنفس سلاحه، بحاصة وأن الحديث عن البوكيمون قد تجاوز مسالة الواقع الافتراضي والهوس به إلى الحدث عن تجنيد مباشر لجواسيس يعملون دون ان يعلموا لصالح جهات هي بالتأكيد أكبر من شركة لانتاج العاب افتراضية.