مسلمو فرنسا يتحدون ضد الإرهاب

الحدث السبت ١٦/يوليو/٢٠١٦ ٢٣:٣٦ م
مسلمو فرنسا يتحدون ضد الإرهاب

باريس - هدى الزين
تعيش فرنسا تحت صدمة كبيرة بعد هجوم نيس الذي أودى بحياة 84 قتيلا وخلف عشرات الجرحى. وبمجرد أن بدأ الحديث عن أن ما حدث اعتداء متعمد بدأت ردود أفعال الهيئات الإسلامية في أوروبا تتوالى وتندد كلها بالحادث الدموي حتى قبل تحديد هوية الفاعل وإعلان أي جهة مسؤوليتها عن ما وقع .

فرنسا في حداد
وقد اعلن الحداد في فرنسا لمدة ثلاث ايام تعبيرا عن الحزن الذي ساد فرنسا بكل اطيافها على الضحايا اللذين سقطوا في ليلة العيد الوطني الفرنسي في مدينة نيس الساحلية في جنوب فرنسا الذي يعتبر عيدا للفرح والبهجة في كل عام .
وياتي اعتداء نيس بعد ثمانية أشهر من اعتداءات باريس التي أوقعت 130 قتيلا في نوفمبر، لتغرق فرنسا مجددا في مشاهد من الرعب والدماء، وهذه المرة في منطقة سياحية تشهد إقبالا كبيرا على كورنيش "برومناد ديزانغليه" الشهيرة المحاذية للبحر المتوسط، على الكوت دازور
فقد دعا المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، المسلمين إلى الدعاء بالرحمة لضحايا هجوم نيس الذي وصفه بـ "الهمجي" في صلاة الجمعة. وأدان المجلس في بيان له نقله التلفزيون الفرنسي الرسمي الاعتداء بشدة، معربا عن مشاعر "التضامن والتعاطف" مع أسر الضحايا ومتمنيا الشفاء للمصابين، ومعتبرا أن هذا الاعتداء استهدف "بلادنا في العيد الوطني 14 يوليو، الذي يجسد الحرية والإخاء والمساواة.

الذئاب المنفردة
وقد اصاب الحادث الإرهابي الاخير المسلمين في فرنسا بالصدمة والذهول والخوف من تنامي الإسلاموفوبيا وخصوصا مع استغلال الاحزاب اليمينية المتطرفة لهذه الاعمال الإرهابية التي تلصق بالإسلام والمسلمين رغم انها أعمال منفردة يقوم بها بعض المتطرفين واللذين ينتمون لداعش والقاعدة ويطلق عليهم لقب "الذئاب المنفردة" وهم متطرفون معظمهم من ابناء المغرب العربي و يحملون الجنسية الفرنسية.
وقد نددت المنظمات والتمثيليات الإسلامية بالهجوم إلإرهابي الذي ينذر بتزايد الاعتداءات ضد المسلمين وانتشار الكراهية تجاههم والإسلاموفوبيا. رغم ان الاعتداءات كان من ضحاياها عرب ومسلمين سواء من المقيمين أو السواح كما في حادثة نيس التي جرت ليلة الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي

تنامي الإرهاب وأسبابه
حول الأسباب الكامنة في تنامي الإرهاب في فرنسا مؤخرا، يجيب رئيس المؤتمر الدولي للاديان من اجل السلام المفكر والباحث غالب بن شيخ قائلا: نعيش حربا عالمية متجزئة الأطراف حتى وصل الإرهاب إلى القارات الاربعة واصبحت الامور متشعبة العوامل وكثيرة الابعاد وهو يعود إلى اسباب عديدة منها الاجتماعي والسياسي وماهو استراتيجي وما هو نفسي ولاهوتي ووفي كل هذه الحالات فان فكرة الانسنة غائبة تماما فنرى ان العنف والإرهاب وصل حتى إلى المسجد الحرام في المدينة المنورة ونحن كمسلمين نعيش في فرنسا علينا ان نشجب وندين مثل هذه الاعتداءات الوحشية الاجرامية والتي تعود إلى غياب التربية والتعليم والتفكير الحسن.
أما عمر الأصفر من اتحاد المنظمات الإسلامية، فيقول إن هذا الحادث الوحشي الذي شهدته مدينة نيس ليلة الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي هو فاجعة للمسلمين وخصوصا المسلمين المقيمين في مدينة نيس الذي سينعكس على حياتهم في المجتمع الذي يعيشون فيه.. وهذا الحادث الإرهابي الذي ضرب السياحة في فرنسا في الصيف الحالي سيكون له نتائج كارثية على الجميع حيث يعيش في فرنسا جالية إسلامية يقدر عددها بـ5 ملايين شخص على الأقل - وهي الجالية الإسلامية الأكبر في أوروبا الغربية.
ويتابع الأصفر قائلا: نحن كاتحاد للمنظمات الإسلامية في فرنسا عبرنا عن استيائنا ورفضنا لهذه الاعمال الوحشية التي لاتمت لديننا الإسلامي الحنيف بصلة وايضا عبرنا عن تعازينا لاهالي الضحايا من الموتى وتمنينا للجرحى السلامة كما أدان المجلس الإسلامي الفرنسي هذا العمل الوحشي ووصفه بالهجوم البربري .
وكمواطنين فرنسيين بالدرجة الاولى نددنا وسنتكرنا الإرهاب بصورة عامة منذ حادث شارل ابيدو وصولا حادثة نيس التي كانت حصيلة دهس الإرهابي للجموع المحتشدة بالاحتفال وقتل 84 ضحية بينهم اطفال وكلك عددا من العرب والمسلمين فيما 18 جريحاً ما زالوا في حال "حرجة جداً ,, وهذا الشخص القاتل والجبان قام بهذا العمل الاجرامي الخسيس الذي لايمت بصلة إلى الإسلام والمسلمين والإسلام برئ من افعاله.

الوجود الإسلامي
وأضاف: الوجود الإسلامي في فرنسا قطع أشواطا كبيرة من التحول من الإسلام الوافد إلى الإسلام المقيم ومئات الالاف من الشباب اصبحوا مفخرة لدينهم ولاوطانهم والمجتمعات التي ينتمون اليها وقد نجحنا كمنظمات إسلامية في فرنسا في تحصينهم وفي تطعيمهم بالافكار والقيم الإسلامية الحسنة خلال 30 عاما لحض الاجيال المهاجرة الشابة سواء منها احترام قوانين البلد وقيم المواطنة والاندماج في المجتمع المحيط اما من يقوم بمثل هذه الاعمال الإرهابية الخسيسة فهو مجرد مجرم لايعرف الإسلام ولا طريق المسجد وهو يشوه صورة الإسلام الحنيف والقيم ا الإسلامية التي تتناسب مع كل زمان ومكان .
وندعو الساسة وصناع القرار ان ينتبهوا إلى التصريحات السريعة التي يروجها الاعلام المغرض و تعادي الإسلام وكلمة إسلام تعني مليار من المسلمين في العالم من اجل تافه واحمق ولا يمثل الا نفسه
أما المحلل السياسي ومدير الابحاث في المركز الوطني للبحوث العلمية متخصص بالحركات الإسلامية البروفسور فيصل بورغا فيفسر ما حدث في نيس، فقال: للأسف في مثل هذه الظروف المأساوية التي حدثت في نيس فإن وسائل الاعلام الفرنسية تركز على جانب واحد من الحرب الدائرة بين جانبين فمن خلال الحرب السياسية والعسكرية فإن فرنسا متحالفة مع أمريكا ضد الإرهاب.. وفرنسا تضرب داعش بالتحالف مع أمريكا في العراق وسوريا وهم يتصورون انهم يضربون بعيدا عن الارض الفرنسية، لذلك فإن جزءا من المسؤلية يقع على الجانب الغربي والفرنسي خصوصا، وليس على الجانب الإسلامي أو الشرقي فقط.. لأن من نتائج الحرب ضد داعش أن يفرز، وبشكل طبيعي، مثل هذه الأعمال الإرهابية كالتي تضرب حاليا مناطق في اوربا و في كل دولة في العالم تحارب الإرهاب.
ويقول كريستيان لوشون وهو مسؤول المعهد الفرنسي لتكوين الأئمة في باريس: إن معظم ردود الأفعال الرسمية على مستوى تمثيليات المسلمين في فرنسا لم تخرج بعد، لكنه يتوقع أن تخرج مسيرات حاشدة للمسلمين خاصة في مدينة نيس وباريس للتنديد بالهجوم الإرهابي كما حدث في الاعتداءات السابقة التي شهدتها فرنسا حيث خرجت مسيرات من تنظيم منظمات إسلامية مختلفة منها مسجد باريس وتجمع مسلمي فرنسا ونداء مسلمي فرنسا..
لكن من جهة أخرى يرى الخبير الفرنسي لوشون أن المجتمع الفرنسي يشهد تطورا ايجابيا بالنسبة للمهاجرين المسلمين. ومثلما هناك نماذج سيئة عن الإسلام توجد أخرى إيجابية، ففي الوقت الذي يهاجم فيه بعض من يسمون أنفسهم مسلمين فرنسا. نجد أن فئة كبيرة تدافع عن البلاد في نفس الوقت. فالأرقام الأخيرة تشير مثلا إلى أن 25 بالمائة من عناصر الجيش الفرنسي مسلمون".

*-*

داعش يعلن مسؤوليته عن اعتداء نيس الإرهابي

بيروت – أ.ف.ب
نفذ تنظيم داعش الاعتداء الذي وقع في مدينة نيس في جنوب شرق فرنسا والذي تسبب ليل الخميس الفائت بمقتل 84 شخصا على الاقل، وفق ما افادت وكالة "اعماق" التابعة للتنظيم المتطرف. ونقلت الوكالة عن "مصدر أمني" أن "منفذ عملية الدهس في نيس بفرنسا هو احد جنود التنظيم"، مشيرة إلى أنه "نفذ العملية استجابة لنداءات استهداف رعايا دول التحالف الذي يقاتل التنظيم"، وانقض مهاجم قالت السلطات الفرنسية أنه التونسي محمد لحويج بوهلال (31 عاما) ليل الخميس بشاحنة تبريد على حشود تجمعوا على الكورنيش البحري في مدينة نيس للاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي، ما اسفر عن مقتل 84 شخصا على الاقل وعشرات الجرحى.
وقتلت الشرطة المهاجم وعثرت في الشاحنة التي كان يقودها على وثائق هويته وعلى اسلحة. واكد النائب العام في باريس ان لحويج هلال "كان معروفا لدى الاجهزة الامنية والقضائية على خلفية اعمال تهديد وعنف وسرقة وتخريب تم ارتكابها بين عامي 2010 و2016".
وتبنى تنظيم داعش انطلاقا من مناطق سيطرته في سوريا والعراق، اعتداءات دامية في دول عدة ابرزها في فرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة واوقعت مئات القتلى والجرحى. ودعا التنظيم المتطرف في مناسبات عدة انصاره الى استهداف الدول المنضوية في التحالف الدولي بقيادة واشنطن والذي يشن منذ سبتمبر 2014 غارات جوية ضد مواقع المتطرفين في سوريا والعراق.