«الخروج البريطاني» يهزاقتصاد العالم

مؤشر السبت ١٦/يوليو/٢٠١٦ ٠٣:١١ ص
«الخروج البريطاني» يهزاقتصاد العالم

مسقط -
أصدر «ساكسو بنك» المتخصص في التداول والاستثمار عبر الإنترنت تقريره الفصلي «التداولات الرئيسية» والذي يسلّط الضوء على أبرز توقعات البنك وأهم أفكاره بخصوص الربع الثالث من العام 2016. ويشير التقرير إلى حالة انعدام الرضا التي تخيّم على الأجواء؛ إذ يسود انعدام اليقين على أوروبا، وقد وصلت الدورة الاقتصادية المحكومة بالمديونية إلى ذروتها، في حين تطرأ تعديلات على العقود الاجتماعية مع نفور المصوّتين من النظام السياسي النخبوي القائم. ومن هنا، ستتمحور نشاطات أسواق التداول في الربع الثالث حول العثور على أفضل السبل لتجنّب تأثيرات التقلبات المتزايدة، وفهم كيف تؤثر المعنويات والتوجهات العامّة على الوجهة الاجتماعية، وذلك مع تقبّل حقيقة أن الاقتصاد العالمي- بما يشمل الولايات المتحدة- على وشك أن يشهد نوعاً من الركود مجدداً.

الأمور قد تنزلق إلى الأسوأ

سيبقى تأثير هزّة البريكست حاضراً بقوة لفترة من الوقت، مع تواصل ضعف الجنيه الاسترليني بعد نتيجة التصويت، ولو أنّ هذه التأثيرات ستتضاءل شيئاً فشيئاً. ونتوقع أن يصل سعر صرف اليورو مقابل الجنيه الاسترليني إلى قمّة أعلى قياساً بأسعار صرف الاسترليني مع عملات أخرى، مما سيطرح أسئلة بعيدة المدى بالنسبة لأوروبا بعد هذا الانحدار الكبير للعملة البريطانية. وعلى الضفة الأخرى من الأطلسي، من المستبعد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي – الذي يتخذ قراراته بناءً على معنويات السوق ربما- بتوفير أي دعم سوى اكتفائه بعدم فعل أي شيء (وهو حاله الآن)، وقد يعتقد بأن السياسة النقدية ليست الإجابة الأمثل على مخاطر الركود الجديدة. وبعبارة أخرى، يبدو بأن الدولار سيكون الملاذ الأكثر أماناً على مدى الأشهر القليلة المقبلة.

تغييرات حقيقية

وقال كبير الاقتصاديين ورئيس شؤون المعلومات لدى «ساكسو بنك» ستين جاكوبسن معلّقاً: «أنا شخصياً لست قلقاً للغاية حيال البريكست، فقد علّمتني الأزمات السابقة أن هذا النوع من الأحداث يؤدي إلى تغييرات حقيقية في معظم الأحيان، أو إلى إصلاحات حقيقية في أحيان أخرى. ولنا مثال على ذلك في ارتفاع ومعدلات النمو والتوظيف في المملكة المتّحدة في أعقاب أزمة آلية سعر الصرف الأوروبي التي شهدناها العام 1992». وأضاف: «سيسفر هذا الواقع عن تطورات إيجابية على مدى الأشهر الـ 6 إلى الـ 12 المقبلة، حيث سنشهد نزعة نحو إجراء التغييرات التي آن أوانها فعلاً، غير أننا سنعاني في الوقت عينه من جوانب سلبية تتمثل في ازدياد مستويات التقلّبات وانعدام اليقين».

تمزّق المشهد الكلّي الأوروبي

و من أبرز توقعات «ساكسو» لأهم أصناف الأصول في الربع الثالث من العام الجاري تمزّق للمشهد الكلّي الأوروبي ناجم عن أزمة اللاجئين فكنّا نقول بأن أوروبا تسير قدماً عندما تعصف بها الأزمات، غير أن هذا الاعتقاد بدأ يتراجع في ظل محدودية الإصلاحات التي أقدم عليها الاتحاد الأوروبي خلال السنين القليلة الفائتة». و تجسّد الهجرة أهم عوامل الخطر التي تحدّق بالاتحاد الأوروبي منذ أزمة الديون السيادية، علماً أن هذه الأزمة قد تعرّضت لأعلى سوية من التجاهل قياساً بغيرها. ومن هنا، فإن أوروبا تبدو ممّزقة أكثر من أي وقت مضى بعد خروج المملكة المتحدة منها، إذ أن سوء سياسات التعامل مع الهجرة والركود الاقتصادي قد أدّيا إلى نشوء توجّه مناهض للطبقات النخبوية في شتى أنحاء القارّة العجوز. وفي الحقيقة، إن نتائج المفاجئة للتصويت البريطاني تشكّلان تهديدين جديين لبروكسل، لذا لا بد من إيجاد حلّ يوحّد الأطراف المحيطية والمركز ويضع حدّاً لسياسات الإصلاح الخجولة التي شهدناها على مدى السنوات الأخيرة.

أرباح منخفضة لفترات طويلة

هبطت السندات مجدداً إلى قيعان غير مسبوقة بعد البريكست، وهو ما ينبئ (جنباً إلى جنب مع اللهجة لطيفة النبرة التي تبنّتها أخيراً رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جانيت يلين)، بأن أرباح السندات ستبقى منخفضة لفترة طويلة جداً. ولكن بالمقابل، وعند النظر إلى ما وراء العناوين الاقتصادية السلبية، سنرى بأنّه ثمة بوادر تعكس تحسّناً في المعنويات ضمن مجالات اقتصادية عديدة؛ على سبيل المثال، إن العديد من عوامل الخطر المهمّة التي أثرت على الأسواق خلال الأشهر الستة المنصرمة قد وصلت إلى نهايتها أو أنها لم تعد ذات تأثير يُذكر الآن، وقد تراجعت المخاوف حيال مدى استقرار الأسواق الناشئة، وبدأ البنك المركزي الأوروبي يفكّر في التراجع عن التسهيلات الكميّة. وفي حال تحسّن المنظور الاقتصادي العالمي بشكل تدريجي، فإننا نتوقّع ارتفاعاً محدوداً في أهم السندات، ولاسيما السندات الأوربية الرئيسية.

ربع حاسم

تتسم نظرتنا تجاه الملكية بالسلبية خلال الربع الثالث من العام الجاري، وذلك بناءً على المنحى الحالي للاقتصاد العالمي؛ حيث ستبقى البنوك الأوروبية- التي تعتبر من بين القطاعات الأكثر تضرراً- رهينة تدني مستويات الثقة وخضوعها للمساءلة والتدقيق مجدداً بخصوص هوامش الفائدة الصافية كنتيجة لمعدلات الفائدة السلبية، في حين ستعاني الأسهم في المملكة المتحدة من انخفاض في القيمة، مما سيشكّل ضغطاً على مؤشر «فوتسي 100». ونظراً لتأثير نتيجة البريكست على النظام المالي، فإن معدلات الثقة بين الشركات والمستهلكين قد تتراجع لدرجة قد تضع الاقتصاد العالمي في حالة من السكون خلال الربع الأخير، وهذا هو السبب الذي يجعلنا ننظر إلى الأشهر القليلة المقبلة على أنها الفترة الأكثر حسماً منذ أزمة اليورو في العام 2012.

نَفَس جديد

لطالما كان الربع الثاني من كل عام مخالفاً للتيار العام منذ 2014، ولم يكن العام الجاري استثناءً لذلك بعد الصعود الإيجابي الذي قاده النفط والذهب، والذي نهض بقطاع السلع ككل. وفيما ندخل الربع الثالث، فإن إمكانيات النمو التي تنطوي عليها أهم الاقتصادات العالمية – بما فيها الولايات المتحدة والصين- أصبحت موضعاً للسؤال، إذ قد يكون لمشاكل أوروبا تأثير سلبي قوي على الأسواق العالمية. ونحن نرى بأن سعر النفط الخام لن يتجاوز 50 دولارا للبرميل عند أخذ هذا الواقع في عين الاعتبار إلى جانب حالة عدم اليقين الناجمة عن نتيجة البريكست واحتمال أن تزداد قوة الدولار، وذلك علماً أن حالة عدم اليقين ذاتها أفضت إلى ارتفاع قيمة الذهب كملاذ آمن، لذا نرفع توقعاتنا الإيجابية لأسعار الذهب بحلول نهاية العام إلى 1350 دولار للأونصة.