مسقط-ش
تعد الحلوى زينة الموائد العمانية ورفيقة العمانيين في أعيادهم ومختلف أفراحهم السعيدة سواء كانوا داخل أو خارج حدود الوطن، ففيها نكهة التاريخ وتبحر معها القيم والهوية العمانية لترسوا بأجمل حلتها في مختلف بلدان العالم، وما أروع العماني حين يقوم بنفسه في صناعتها في أرض الإغتراب متحديا الصعوبات لينقل تاريخ هذه الحلوى العمانية اللذيذة للناس في الخارج.
في السطور التالية نستعرض تجربة مجموعة من الشباب العماني المبتعث للدراسة إلى أرض الكنغر، والذين شمروا عن سواعدهم لصناعة الحلوى العمانية في أحد أبعد قارات العالم.
الأسباب
سعود البوسعيدي خريج ماجستير علاقات عامة من كوينزلاند الاسترالية، وهو أول طالب عماني يقوم بإعداد الحلوى في كوينزلاند، وعن الأسباب التي دفعته لصناعة الحلوى العمانية يقول: بدأت صناعة الحلوى العمانية منذ الشهر الأول من وصولي إلى أرض الكنغر تحديدا في شهر أكتوبر 2013م، وكانت البداية تشجيعا من أصدقائي وشغفا مني في معرفة مدى نجاح التجربة خارج الوطن.
كما يقول إسماعيل الحبسي وهو أيضا طالب في كوينزلاند عن أهم الأسباب التي دفعته لتعلم صناعة الحلوى: اشتياقنا وحبنا للحلوى العمانية، وكذلك المحافظة على العادات والتقاليد العمانية الأصيلة، كما شجعني على تعلمها سعود البوسعيدي، حيث كان حريص لنقل المهنة وتعليمها للآخرين، وكنت أساعده أثناء تواجده في أستراليا في إعداد الحلوى.
أما محمود الخروصي وهو طالب في بيرث الاسترالية فيقول: الإحتفالات والأعياد الوطنية كانت الدافع الأساسي لصناعة الحلوى هنا ، حيث أن إحتفال الشعب العماني لا يتم إلا بوجود الحلوى العمانية.
توفر الأدوات
وعند سؤالنا عن كيفية توفيرالأدوات والمكونات اللازمة في صناعة الحلوى يجيب البوسعيدي: حينما قررت خوض غمار التجربة الجديدة بأستراليا بدأت البحث عن المكونات مثل النشا والسكر والزعفران وهي المكونات الأساسية فتمكنت حينها من توفير كافة المكونات، علما بأني قمت لاحقا بجلب بعض المكونات من عمان بحثا عن الجودة الأفضل، وكذلك بحثت عن الأدوات لصناعة الحلوى العمانية في أستراليا فوجدت الأدوات التي تساعدني على إعداد الحلوى وبجودة جيدة، وقمت بعدها بجلب بعض الأدوات ذات الجودة العالية من أرض الوطن سعيا لإعداد منتج عماني عالي الجودة.
ويقول الحبسي : أغلب الأدوات كانت هدية من الأخ سعود تركها لنا لكي نستخدمها وتشجيعا منه لنحافظ على إعداد الحلوى العمانية والبعض الآخر موجودة ومتوفرة في أستراليا ولله الحمد.
أما الخروصي فيجيب: توجد بعض المحلات العربية هنا التي توفر معظم الأدوات التي نحتاجها لصناعة الحلوى.
التجارب الأولى
وعن الفترة التي التي استغرقها البوسعيدي في صناعة الحلوى العمانية، وعن تجاربه الأولى يقول: بدأت تعلم هذه الحرفة وأنا في سن الرابعة عشر مع والدي وأخوتي، وأخذت مني بعض الوقت حتى أتقنها ورافقتني هذه الحرفة لمدة 9 سنوات تقريبا، بعدها تم ابتعاثي لنيل درجة الماجستير، ووجدت نفسي لا أملك القدرة على التوقف عن مزاولة هذه الحرفة، وأكملت المشوار هناك، أما بالنسبة إلى صناعتها في مدينة بريزبن الأسترالية التي كنت أدرس فيها فلم يستغرق ذلك مني الكثير حتى أتقن صناعتها، فبمجرد توفير الأدوات والمكونات باشرت في إعدادها بكل حماس وشغف للحصل على نتيجة أفضل.
من جانب آخر يجيب الحبسي: في البداية كنت أساعد وأتعلم من الأخ سعود البوسعيدي في إعداد الحلوى، وأخذت منه بعض التفاصيل الدقيقة في كيفية تحضيرها بالشكل المثالي، وبعد أن تخرج سعود وعاد إلى السلطنة حاولت بنفسي إعداد الحلوى ولكن بكمية محدودة من 1 كيلو إلى 2 كيلو، والحمدلله وجدت التشجيع والتحفيز من إخواني العمانيين في أستراليا، وتطورت في إعداد الحلوى بالشكل المطلوب وصرت الآن أعدها بكميات كبيرة، وفي آخر مرة كانت في حدود 14 كيلو، ومشاركتي مع سعود كانت تقريبا 6 مرات، أما تجربتي في إعدادها بنفسي ومع مساعدة الأخوة فهي في حدود 6 محاولات.
وأوضح الخروصي قائلا: تستغرق صناعة الحلوى العمانية قرابة أربع ساعات متواصلة من العمل الشاق، وكانت التجارب الأولى موفقة نوعا ما، وذلك بفضل بعض الشباب المبتعثين الذين لديهم خلفية مسبقة عن صناعة الحلوى العمانية، ومع مرور الوقت مذاق الحلوى تحسن بشكل ملحوظ.
إختلاف بسيط
وعن ما إذا كان يختلف مذاق الحلوى العمانية في بلد الأغتراب عن صناعة الحلوى في عمان يقول البوسعيدي: في الواقع ليس هناك إختلاف كبير يذكر إنما هناك إختلاف طفيف جدا، وذلك بسبب جودة المكونات التي استخدمها عن المكونات العمانية، وذلك لصعوبة توفيرها مثل ماء الورد الجبلي والنشا العماني.
أما الحبسي فيقول: بصراحة مذاق الحلوى في عمان الذ بحكم وجود المكونات الأصلية، ووجودة صناعتها فمثلا ليس بإمكاننا الحصول على ماء ورد الجبل الأخضر في أستراليا، ولكننا نستخدم ماء الورد الإيراني وبالتأكيد الطعم والمذاق يختلف بشكل كبير.
ويقول الخروصي : مذاق الحلوى غالبا لا يكون مشابها تماما حتى في عمان من مصنع لآخر ،ولكن مذاق الحلوى التي نصنعها لا تقل حلاوة من تلك المصنعة في عمان.
المناسبات والأعياد
وعن الأوقات التي يقومون فيها بصناعة الحلوى العمانية في بلاد الغربة يقول البوسعيدي: لاقت الحلوى إقبالا كبيرا من العمانيين الدارسين في بريزبن، وذلك لقلة إمكانية حصولهم على هكذا حلوى في أستراليا، إضافة إلى الطعم الفريد والمعنى العميق الذي تضفيه لهم كون أن هناك إرتباط وثيق بين العماني والحلوى العمانية في محتلف الأزمنة والمناسبات لهذا السبب نقوم بصناعتها في المناسبات الدينية كعيد الفطر وعيد الأضحى المبارك وفي شهر رمضان، كذلك للحلوى حضور بارز في المعارض والفعاليات الثقافية التي تشارك فيها وتنظمها الجمعية العمانية في كوينزلاند.
ويشاركه الإجابة الحبسي حيث يقول: نقوم بتحضيرها في الأعياد وشهر رمضان المبارك وتجمعات الجمعية وكذلك في مناشط الجمعية المختلفة.
ويضيف الخروصي: نقوم بصناعة الحلوى في العيدين سنوبا وبعض الإحتفالات الوطنية مثل العيد الوطني، كما قمنا بصناعة الحلوى العمانية عند الإحتفال بعودة جلالة السلطان سالما من رحلة العلاج في ألمانيا.
إقبال كبير
وعن إقبال الأجانب للحلوى أثناء إحتفالاتهم ومعارضهم يبين البوسعيدي: لا شك أن هناك إقبال كبير من الأجانب مصحوب بفضول لمعرفة المزيد عن الحلوى العمانية فالكثير منهم يسأل عن مكوناتها وكيفية إعدادها والبعض يراها حلوى من النوع الفاخر، وبالفعل فإن طعمها الفريد يأخذ المتذوق للسؤال والتطلع عن ماهيتها.
ويشاركة الخروصي في الرآي حيث يشير: الإقبال كبير جدا من معظم الأجانب هنا في أستراليا ، ويثنون على طعمها الفريد من نوعه.
ويبين الحبسي: بالتأكيد يعشقونها ويستفسرون عن الوصفة ومكوناتها وطريقة إعدادها .
أفضل الهدايا
وعن نصيحتهم للطلاب المبتعثين لتعلم صناعة الحلوى يقول البوسعيدي: أرى أن للحلوى العمانية دور بارز في التعريف بالثقافة العمانية، ولا يكون ذلك إلا من خلال جهود الشباب المبتعثين في تعلم صناعتها والحديث عنها بالشكل الصحيح، ونصيحتي أن يتعلموا أسرارها ومعانيها حتى يستطيعوا بذلك ممارستها والتعرف عليها وبناء على تجربة فإني أراها من أفضل الهدايا التي يقوم المبتعث العماني بتقديمها للأجانب.
ويقول الحبسي: صناعة الحلوى ليست صعبة ولكن تحتاج صبر وأنصحهم كذلك بمحاولة إعداد الحلوى بأنفسهم عدة مرات وعدم اليأس، وأنا متأكد بأن مستوى الحلوى سوف يكون أفضل في كل مره يعدونها وأنا بصراحة في كل مرة أتعلم شيئا جديدا في صناعة الحلوى، وأحاول أن أطور من مستواي في المرات المقبلة، وهناك عبارة إنجليزية تقول أن" الممارسة تصنع الإحتراف" .
وأما الخروصي فيقول: لتعلم صناعة الحلوى في بلد الإغتراب يجب التواصل في البداية مع مختصين وذو خبرات لتعلم وصفة صناعة الحلوى العمانية كما فعلنا هنا في بيرث، ربما يكون صناعة الحلوى يدويا يحتاج إلى جهد كبير ولكنها تستحق العناء.
ورش تدريبية
وأخيرا يقول البوسعيدي عم محاولته في تعليم زملائه لصناعة الحلوى العمانية: كان تعليم صناعة الحلوى من أبرز الأشياء التي كنت أسعى جاهدا لتحقيقها في أرض الغربة ،حيث قمت بإشراك مجموعة من زملاء الغربة في صناعتها وتعلمها وكان البعض شغوفا لتعلم صناعتها وممارستها وبحمد لله تحقق ذلك وقاموا بالحفاظ على مزاولة إعدادها بعد إنهائي للدراسة ومغادرتي لأرض الكنغر، وأشعر بالسعادة الغامرة في تحقق هذا الأمر وأوصيتهم بالإستمرار.
أما الحبسي فيبين: قمت إلى الآن بعمل ثلاث ورش لتعليم زملائي المبتعثين صناعة الحلوى العمانية، وهناك بعض الأشخاص فعلا مهتمين في التعلم، وإن شاء الله سوف يتمكنون من صناعة الحلوى بأنفسهم في الأيام المقبلة.
ويختم الخروصي الحديث قائلا: نعم قامت الجمعية بعمل حلقة في صناعة الحلوى لطلبة الدارسين في بيرث، وشهدت إقبالا كبيرا من الطلاب وأشادوا بالإجماع على أن مذاق الحلوى لا يقل حلاوة عن تلك المصنعة في عمان.