هذا ما زرعنـاه !!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٣/يوليو/٢٠١٦ ٠٠:١٣ ص

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

أهداني أحد الأصدقاء قصاصة جريدة كتبت فيها مقالا قبل 25 عاما، أي نحو ربع قرن من الزمان، نشر في ملحق عمان الثقافي، تحدثت (وفق رأيي الشخصي، وفي وقت يقال إنه لم تكن فيه حرية النقد متاحة كالآن، وليست كما هو شأن المطالبين بها في عام 2011) عن وضع ثقافي لا تعجبني حيويته، ولا وضوح المشروع السائرة فيه الحالة الثقافية في البلاد، حيث الركود يخيّم على المشهد.

كانت وزارة الإعلام لا تتعامل مع انتقاد مؤسسات الحكومة، كما تفعل اليوم، حيث النقد (حدّ القسوة) متاح حاليا، إنما كان لما حدث من ربع قرن جرأة أكبر..
وكانت الجهات المعنية بالثقافة متعددة، كما هو شأنها اليوم، اختفت الهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية (وبقي الشق الرياضي بوزارة مستقلة) لكن خرجت إلى الوجود الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء، كمؤسسة محسوبة على المجتمع المدني، تتكامل مع الجهد الحكومي، لكنها ليست بقوة أن تؤسس صروحا ثقافية..
كان في تلك الفترة ما سمي بمسارح الشباب، وكان هناك أمل كبير أن يقام مبنى للمسرح تحقق في دارسيت، لكنه تداعى مبنى ومعنى، وأغلقت أبوابه، ورأت الجهات المعنية أن بقاءه شاهداً على واقع المسرح العماني أفضل من تسليمه للجمعية العمانية للمسرح لتستفيد منه، وهي تبحث لها عن مقر!
الوضع الثقافي بات اليوم أفضل، ازدهار الكتابة والنشر والفعاليات، لكن دون حالة تأسيس حقيقية ترعاها الدولة، كأنما الأمنيات التي خبأناها طوال العقود الثلاثة الماضية بقيت عصيّة على التحقيق، حتى أني تمنيت إقامة البنى الأساسية للثقافة إلى وزارة النقل والاتصالات للنظر إليها باعتبارها مشروع شارع أو ميناء صغير، أو إلى بلدية مسقط لتقيم مسرحا في العاصمة مسقط بدل هذا الجفاف المؤلم، وكم هي التناقضات رهيبة أن يعلن عن إقامة مراكز ثقافية ترفيهية في عدد من المحافظات بينما تخلو عاصمة البلاد منها، ويقام في محافظة ظفار عدة مسارح ذات مستوى لا تجده.. مسقط!!
أحسب أن العمر سيمتد بي، أو أن هناك من سينبش في مقالي هذا بعد ربع قرن آخر ليجد أن حلمنا بمجمع عمان الثقافي لا يزال واقعا في منطقة الوهم الذي عشناه عشرات من السنين مضت، وأن المسارح التي قيل إنها ستكون هنا وهناك تصريحات مسؤولين «منفصلين عن الواقع الثقافي» وأن مكتبة الطفل مبنى مغلق.. وربما أن مهرجان المسرح العماني سيغدو تراثا أيضا، ربما سيبقى مهرجان الشعر العماني كونه جاء بأوامر سامية، إنما، من يدري؟! لجنة تطوير الدراما والمسرح في السلطنة جاءت بأوامر سامية واختفت في ظروف (ليست) غامضة!
لو أننا فعّلنا دور الثقافة في بلادنا منذ تلك السنوات لما وجدنا هذا الجيل الذي لا يفكر إلا في الوظيفة والراتب والواتساب، وخريج الجامعة والكلية لا يجيد (وليس للتعميم) كتابة جملة عربية صحيحة، وعلاقته بالكتاب كعلاقة (الجهة المعنية).. بالكتّاب.