بسنا سياح يا حسين بسنا..

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٣/يوليو/٢٠١٦ ٠٠:١٢ ص

لميس ضيف
«بسنا سياح» عبارة تحلم بنطقها كل دول العالم وتبتهل الله لها ابتهالا.. لم أسمع بدولة تقولها بعد، ولم أكن لأظن أني سأسمع بدولة تنطقها. فليس ثمة استثمار مجز محدود المخاطر كالسياحة. فدخل السياحة تجاوز في العالم 7.6 تريليون دولار متخطيا قطاعات عدة منها صناعة الأسلحة والطائرات. لا غرو إذن أن تتنافس كل الدول على كعكة السياح الذين تتكئ عليهم أضخم الاقتصادات وأكبرها. لكني قرأت قبل أيام خبراً فاجأني وعكر صفو صباحي !

يقول الخبر «أمستردام تخشى الغرق في بحر السياح»، وفي المتن يتطرق الخبر لـ «قلق» السكان والمسؤولين الهولنديين من تزايد السياح الذين بلغ عددهم 17 مليون سائح متفوقا على عدد سكان المدينة نفسها !
أما مصدر قلقهم فيعدو الخشية من ارتفاع الأسعار والضيق من الزحام. يقول سبيستيان ميير الناطق باسم المجلس البلدي إن السياح يزدادون بنسبة 5 % سنويا، ما يعني أنهم سيصلون لـ 23 مليونا بعد أعوام معدودة، وهو ما يعني ضغطا قد لا تتحمله تلك المدينة الوديعة..
قد يقول قائل: جو بديع وطبيعة خلابة فلماذا لا تتقاطر وفود السياح عليهم إذن؟
والحقيقة أن مناخ أوروبا متشابه حد التطابق. وأثبتت التجارب أن السياح لا يعنيهم المناخ كثيرا، والدليل تعاقب الأقدام على جنوب شرق آسيا التي لا يختلف جوها الخانق عن جونا. كما أن باقي الدول لا تعوزها المساحات الخضراء ولا المسطحات المائية، فما هو سر التفوق الأمستردامي يا ترى؟
ليس في الأمر ما يدعو للعجب إن علمتم أن الفريق المسؤول عن الترويج للمدينة أنفق قرابة 12 بليون يورو على الثقافة والترويج للبرامج في العاصمة الهولندية. فالسياح في العالم لديهم ذائقة مختلفة عنا نحن الخليجيين الذين نفكر في الأسواق في المقام الأول. لذا فوجود متاحف بحرية وأخرى تاريخية ومتاحف للسينما بل ومتاحف للوحات المشاهير جعل المدينة «مقصدا يريد الناس أن يزوره»، كما يقول ماشتيلد ليغتيوفيت الناطق باسم فريق الترويج الذي يتعرض لضغوط من المجلس البلدي بالمدينة لـ «تخفيف الترويج» أو «تحويل الأنظار» لمدن أخرى في البلاد كي لا يضطر الأهالي للانتظار في طوابير لدخول مطعم أو مقهى !
ولكوني قد دخلت شخصيا عدداً من المتاحف في أمستردام «كمتحف السينما، والفن المعاصر ومتحف التعذيب وفان خوخ وغيرها»، أستطيع أن أقول إنها كانت دون التوقعات، وليست جذابة بما يكفي، ولكني لست بمقياس يعتد به لأني في النهاية سليلة ذات البيئة التي تعتبر التسوق وتناول الطعام «فعاليات» تستحق طي المسافات والسفر من أجلها !!
أظن أن ما نريد قوله هنا للدول التي تحلم بهطول السياح عليها أن السماء لا تُمطر سياحا. لتجذب تلك الملايين عليك أن تنفق الملايين وتبتكر برامج ثقافية لاجتذابهم. دولنا ليست فقيرة ثقافيا ولدينا الكثير لنرويه للعالم. كل ما نحتاجه هو توجيه جهودنا للمساقات الصحيحة لننال حصتنا من كعكة السياح الشهية.