"اجتثاث البعث".. أغرق العراق في أزماته الراهنة

الحدث الثلاثاء ١٢/يوليو/٢٠١٦ ٠٦:٣٧ ص

لندن – ش – وكالات
ثمةَ مثل عربي ضاربٌ في القدم يقول: "بعد خرابِ البصرةِ لا تنفعُ الحسرة"، والمقصود منه أن الندم لا ينفعُ بعد فوات الأوان، وهذا ما حدثَ للعراق بعد احتلالهِ، وتدمير قدراتهِ، ومؤسسات الدولة.
وبعدَ فوات الأوان، جاءَ التحقيق الدولي المعروف إعلاميا بـ "تشيلكوت"، ليقول إن العراق لم يكن يمتلك أسلحة دمار شاملة، وأن كل الفرضيات التي بنيت على خطر العراق، إقليميا، ودوليا، لم تستند إلى وقائع، وإنما إلى مجموعة أكاذيب.
وفي سياق ذلك، كانت هنالك جُملة من التصويبات أطلقها قادة وساسة الغرب؛ إذ اعتبر وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أن قرار طرد مؤيدي حزب البعث من الجيش العراقي كان أكبر خطأ في التخطيط الغربي فيما بعد غزو العراق عام 2003.
وجاء تصريح هاموند في إطار موجة الانتقادات البريطانية شديدة اللهجة للنهج الأمريكي في العراق، وذلك في أعقاب نشر تقرير لجنة التحقيق البريطانية المستقلة حول الدور البريطاني في غزو العراق، والذي استنتج أن التدخل العسكري كان "خطأ" وجاء بعواقب وخيمة طويلة الأمد.
وقال هاموند في تصريحات أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني: "العديد من القضايا التي نراها في العراق اليوم جاءت بسبب القرار المأساوي لتفكيك الجيش العراقي وإطلاق برنامج اجتثاث البعث"..، وبحسب هامون: "كان ذلك أكبر خطأ في التخطيط ما بعد النزاع المسلح. ولو اتجهنا في طريق مختلف، لرأينا اليوم، ربما، نتيجة مختلفة".
وأضاف هاموند: "من الواضح اليوم أن عددا كبيرا من الضباط البعثيين شكلوا "النواة المهنية" لداعش في سوريا والعراق، وضمنوا لهذا التنظيم القدرات العسكرية التي أظهرها خلال عملياته.
واعتبر هاموند أن طموحات أولئك الذين توغلوا في العراق في عام 2003، كانت "مفرطة". قائلا: "ربما كانت الطموحات مفرطة فيما يخص تفكيك مثل هذه الدولة المعقدة فيها حضارة عريقة وتقاليد وثقافة خاصة بها، لنقيم في مكان هذه الدولة كيانا حكوميا على طراز أطلسي، ونحن نسير في العديد من الأحيان خلافا للثقافة المحلية والتقاليد".
ورغم تصريحات هاموند، فإنه لم يأتي بجديد، إذ خلص تحقيق "تشيلكوت" أن سياسة اجتثاث حزب البعث التي تزعمها السياسي الراحل الذي أيدته الولايات المتحدة أحمد الجلبي «كان لها تأثيرا سلبيا كبيرا ومستمرا على العراق» ومهدت لصراع طائفي دموي يعصف بالبلاد اليوم.
ووجد التحقيق البريطاني الذي يقوده السير جون تشيلكوت أن المملكة المتحدة والمسؤولين الأمريكيين سعوا لكنهم فشلوا في أغلب الأحوال للحد من عمليات التطهير التي قادها الجلبي وغيره من الساسة وأدت إلى زعزعة التوزان العرقي والديني في العراق.
وقال تشيلكوت الذي راجع سجلات تخص الحكومة البريطانية وقابل مسؤولين بريطانيين ارتبطوا بالسياسة في العراق إنه بينما افترض المسؤولون الأمريكيون والبريطانيون قبل الحرب أنه ينبغي اجتثاث بعض البعثيين الموالين لصدام حسين فإنه لم يجر الاتفاق على «خطة واضحة» في هذا الصدد قبل غزو العراق في 2003.
وأوضح تشيلكوت أن خلافات بين المسؤولين الأمريكيين والعراقيين بشأن مدى اتساع عمليات التطهير بدأت على الفور بعد سقوط صدام حسين. واتفق مسؤولون أمريكيون وبريطانيون على أنه ينبغي أن تمتد العمليات إلى المستويات الثلاثة العليا في صفوف أعضاء الحزب لتشمل ما يصل إلى خمسة آلاف فرد لكن بعض الساسة العراقيين جادلوا بأنه ينبغي أن يغطي التطهير مستوى رابعا مما عرض 30 ألفا آخرين من موظفي الحكومة وبينهم مدرسون إلى الفصل من العمل.
ومع ذلك قال تشيلكوت إن سلطة التحالف بعد الحرب في العراق قامت باجتثاث الصفوف الأربعة الأولى. وفصل القرار أعضاء حزب البعث من وظائف حكومية وحظرها عليهم في
وكان العراق قد شكل الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث وهي هيئة حكومية تهدف إلى اجتثاث حزب البعث الحاكم للعراق في زمن الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وذلك لاجتثاث فكره وتصفية دوائر الدولة من أعضائه، وهي هيئة دستورية تم التصديق عليها في الدستور العراقي الذي وضع في عام 2005.
وبحسب الموسوعة الحرة "ويكيبيديا"، فإن هدف الهيئة إزاحة كبار أعضاء البعث أو المشتركين بالجرائم في زمن النظام السابق عن الوظائف في القطاع العام وقطاع الدولة ويحق لأي شخص الدفاع عن نفسه أمام لجنة قضائية مستقلة عن طريق الاستئناف.
وتهدف الهيئة أيضا إلى إزالة أثار البعث من الحياة والمجتمع، وإعادة تأهيل كوادر البعث بأفكار تقدمية ديمقراطية جديدة تحترم حقوق الإنسان والرأي الآخر ونبذ الأفكار القديمة الشاذة من خلال مخاضرات تقوم الهيئة بأعدادها في دورات مخصصة لهم لغرض اعادتهم إلى الخدمة بشرط ان لا يكونون مدانين في جرائم.