تقرير إخباري: زيارة "شكري" إلى "تل أبيب" تخلط الأوراق في مصر وتثير الانقسام

الحدث الثلاثاء ١٢/يوليو/٢٠١٦ ٠٦:٣٣ ص
تقرير إخباري:
زيارة "شكري" إلى "تل أبيب" تخلط الأوراق في مصر وتثير الانقسام

القاهرة - خالد البحيري
أثارت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى إسرائيل ردود فعل متباينة سواء في الداخل المصري الذي يرفض أي تقارب مع دولة الاحتلال الصهيوني، أو في المنطقة العربية، وبقدر ما أحيطت الزيارة بالغموض والسرية، تدفقت تساؤلات عديدة لم تجد أجوبة شافية لها، أهمها ما يتعلق بتوقيت الزيارة ومغزاها والأهداف غير المعلنة لها والنتائج التي تمخضت عنها، وما الذي تجنيه القضية الفلسطينية من هذا التقارب؟ والصلة بين هذه الزيارة والتقارب التركي الإسرائيلي، والتقارب الروسي التركي، وزيارة نتنياهو الأخيرة إلى عدد من الدول الإفريقية، وتأزم ملف سد النهضة بين أثيوبيا ومصر.
ما أعلنته الخارجية المصرية أن الزيارة التي جاءت بعد انقطاع دام 9 سنوات متصلة تهدف بالأساس إلى تحريك عملية السلام الراكدة منذ سنوات لتخفيف الاحتقان في المنطقة والترتيب لمؤتمر باريس الذي دعا له الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، لكن كثير من المراقبين يرون أن الزيارة في جوهرها تغير جذري في تعاطي النظام المصري مع الكيان الصهيوني والتعامل معه على أساس الجوار وليس العداء، خاصة مع تعاظم دور إسرائيل في المنطقة لا سيما في العمق الإفريقي لمصر.
ملمح آخر لا يمكن تجاهله في هذه الزيارة وهي أن الخارجية المصرية قد استعادت الملفات التي تم الدفع بها إلى جهاز المخابرات العامة المصرية خلال الفترة الأخيرة من حكم الرئيس السابق حسني مبارك، ومنها ملف القضية الفلسطينية الذي كان بيد اللواء عمر سليمان وكانت الخارجية المصرية في الصف الخلفي دائما، وكان القرار الأول والأخير لرئيس الجهاز، حتى وإن رافقه وزير الخارجية.
أيضا كانت هناك ملفات تتعلق بالسودان وأثيوبيا انتقلت إلى الخارجية المصرية في فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ما يعني أن التعامل المصري مع هذه الدول والكيانات أصبح تعاملا دبلوماسيا وسياسيا وليس على أساس أمني استخباراتي.

دفاع واستنكار
انقسم المصريون عقب الإعلان عن بدء الزيارة إلى فريقين أحدهما يراها خيانة للقضية الفلسطينية والاستعانة بالعدو من أجل أنجاز بعض الملفات التي تعاني مصر في التوصل لحلول بشأنها، مثل سد النهضة، محاربة الإرهاب في شبه جزيرة سيناء، بينما يؤكد آخرون أن هذه الزيارة مهمة للغاية وأنها تخدم المصالح المصرية في ظل توترات دولية ونظام دولي لا يجيد سوى الحديث بلغة المصالح والمنافع المتبادلة بين الدول.
الفريق المناهض للزيارة ضم عددا من العسكريين والمفكرين ومن بينهم اللواء محمد هاني زاهر المرشح الرئاسي السابق الذي انتقد زيارة سامح شكري وزير الخارجية للقدس المحتلة ومقابلة نيتنياهو رئس وزراء الاحتلال ووصفها بالخطاء التاريخي، وكتب زاهر عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "زيارة سامح شكري للقدس خطأ تاريخي لأنه اعتراف من مصر بشرعية القدس عاصمة لإسرائيل.. وهكذا تمضي اسرائيل في مخططاتها بكل نجاح واقتدار".
أما الدكتور نادر نور الدين الأستاذ بجامعة القاهرة فقد قفز لأحد أسباب الزيارة غير المعلن وهو محاولة مصر طلب الوساطة من إسرائيل لدى أثيوبيا لتجاوز أزمة سد النهضة وقال: " لا تسمحوا لإثيوبيا بأن تلاعبنا بإسرائيل.. فإثيوبيا دولة فقيرة زراعيا وأقل دول منابع النيل امتلاكا للأراضي الزراعية وكلها جبال وهضاب ولا تزيد أراضيها عن 10 ملايين هكتار (24 مليون فدان) أغلبها أراضي مراعي للحيوانات ومؤجرة منها 5 ملايين فدان لشركات إنتاج الوقود الحيوي، كما أنها دولة حبيسة بلا سواحل وبلا ثروات معدنية أو مواد خام.. ضرب الدول بالدول أمر "خايب" وجربناه مع روسيا وآتي بنتائج عكسية، ولن نسمح لإثيوبيا ولا إسرائيل أن تلاعبنا فأثبتوا ولا تتخوفوا."
أما النائب البرلماني المقرب من النظام مصطفى بكري فأكد أن مجلس النواب المصري لم يكن على علم بالزيارة وفوجئ بها عقب زيارة رئيس وزراء إسرائيل إلى عدة دول إفريقية من دول حوض النيل.
وقال: إن الزيارة تهدف الى الاطلاع على ما جرى في أفريقيا، بالإضافة إلى متابعة تطورات الأوضاع في الأراضي المحتلة، وشدد على أنه يتوجب على وزير الخارجية المثول أمام مجلس النواب لشرح أسبابها ونتائجها.

حفاوة إسرائيلية
أما الصحف العبرية الصادرة أمس الاثنين فقد احتفت بالزيارة واعتبرتها تتويجا لانتعاش العلاقات بين القاهرة وتل أبيب في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأكدت أنها تهدف إلى دفع عملية السلام وربما ترتيب لقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس السيسي، فضلا عن ترتيب لقاء ثنائي بين نيتنياهو وأبو مازن.
وألمحت الصحف العبرية إلى أن دورا مصريا للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس في قطاع غزة يلوح في الأفق، وهو الإنجاز الذي لو تحقق وتمت الصفقة فإن أسهم نتنياهو سوف ترتفع وتضمن له مزيدا من الوقت في السلطة.
قالت وسائل الإعلام العبرية أيضا إن سامح شكري التقي قيادات المعارضة في إسرائيل مثل تسبي ليفني ويتسحاق من أجل اقناعهم في الانخراط في عملية السلام ودعم توجهات نيتنياهو الرامية إلى القبول بحلول تضمن دولة فلسطينية وأخرى إسرئيلية.