إنها عُمان يا سادة.. صلوا على النبي

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٠/يناير/٢٠١٦ ١٣:٣٧ م

" شيال.. عماني !!"
" طباخ .. عماني !!"
" تاكسي .. عماني !!"
" موظف خدمة غرف.. عماني !!"
عبارات ما فتئت أسمعها من زوارنا من خارج السلطنة .. لا تأتي بنبرة استنكار كما قد توحي الكلمات الصماء بل بنبرة دهشة وتعجب.. وهي دهشة في محلها ؛ ففي دول البترول ومدن الاسمنت تعد الوظائف المكتبية – والإدارية خصوصا – الخيار الأول لا للمتعلمين أنفسهم بل لأنصاف المتعلمين أيضا .. حتى الوظائف الأخرى التي يعمل بها المواطنون هي وظائف مريحة وذات سلطة " كالعاملين في سلك الشرطة على سبيل المثال " بل إن كثيرا من الدول تقدم علاوة خاصة لكل موظف لا يمارس عمله جلوسا تحت مسمى " بدل طبيعة عمل " وكأن الوضع الطبيعي هو أن يعمل المواطن جالسا في مكتب مكيف ولو اقتضى عمله جهدا جسديا استثنائيا فعليه أن يعوض ويُكرم تقديرا له على ذلك !
ما يراه الناس أمرا مثيرا للدهشة في السلطنة هو ما يراه المرء في كل دول العالم من شرقها - حيث النمور الآسيوية التي تقدس العمل- وصولا لغربها عريق الحضارة وراسخ الايدلوجية .. سائق التاكسي في بريطانيا بريطاني " بطن وظهر" والنادل في فرنسا فرنسي "أشقر أحمر" والشيال في تركيا تركي " ولعلمكم يشبه أحيانا أبطال المسلسلات".. لا أحد يستنكف عن العمل. بل ويجد الرجال في كثير من المجتمعات عزةً وفخرا في العمل اليدوي من نجارة وفلاحة وبناء .. ورغم أن الهجرة العالمية خلقت طبقات وافدة تستحوذ على بعض الوظائف في تلكم الدول إلا أن العنصر الوطني بقي طاغيا في الأغلب الأعم ..
عمان شجعت أبناءها على كل الوظائف بلا استثناء .. بل وجعلت بعض الوظائف حكرا عليهم لهذا الغرض.. ورغم أنها بلد مفتوح، ووجهة مثالية لكثير من الوافدين ، فإن عدد القوى العاملة الوافدة فيها محدود مقارنة بغيره .. وهناك حضور قوي للطاقات العمانية في كل المجالات ..
أذكر أني قبل سنوات زرت دولة خليجية شقيقة يقطن فيها أقرباء وعلى مدار 4 أيام لم أر مواطنا واحداً عدا أولئك الذين رأيتهم في المطار ..!!
ففي الأسواق والمطاعم ، التي هي الوجهة الفُضلى والتي تكاد تكون الوحيدة للسائح في دولة خليجية، لم يكن هناك مواطن واحد .. ففي بلد يتجاوز عدد وافديها الـ 80 % من السهل أن يضيع المواطنون في الزحام ، ويستحوذ الوافدون على كل شيء. وهو ما تيقظت له عدد من الدول الخليجية فصارت تضع مواطنا بزيه التقليدي في استقبال الفنادق الضخمة وفي أحيان كثيرة يكون هذا الموظف "مغشوشا" يلبس اللباس الخليجي ويرحب بالزبائن بصب القهوة رغم أنه وافد .. !
*****
العمل عبادة .. والعمل الشريف فخر لممتهنيه .. مجددا قدمت عمان نموذجا جميلا يُحتذى به عندما كبحت التوظيف الأجنبي ودعمت الطاقات الوطنية ولم تترك نفسها تحت رحمة الوافدين بل جعلت مقابل كل وافد مواطنا يشرب صنعته ويتمكن من أدواته .. وهذا هو الوضع الطبيعي، ولا يقنعنكم أحد بخلاف ذلك..
إنها عمان يا سادة.. صلوا على النبي ..