للحرمين رب يحميهما

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١١/يوليو/٢٠١٦ ٠٠:٠٦ ص
للحرمين رب يحميهما

ناصر اليحمدي

أيادي الإرهاب الغادرة التي صارت تضرب هنا وهناك لم تعد تستثن حرمة مقدسات أو أو تحترم حياة طفل برئ ليس له ذنب أو تقدر أثرا يقف شامخا عبر التاريخ ولم تغيره أصابع الزمن بل نراها تعبث في كل مكان بالعالم سواء دولة آمنة أو غير مستقرة حتى أنه لم يعد يتوقع أحد أين ستكون الضربة القادمة.
والهجمات الإرهابية التي ضربت ثلاث مدن في الشقيقة السعودية في اليوم قبل الأخير من شهر رمضان تظهر أن الإرهاب لا دين له فهو لا يحترم حتى أكثر الأماكن قدسية لدى المسلمين وهو المسجد النبوي الشريف الذي شهد أحد التفجيرات الثلاثة في مركز أمني بالقرب منه والاثنان الآخران في القنصيلة الأمريكية ومصلين بالقطيف.
لاشك أن من يقوم بمثل هذا العمل الخسيس لا يمت للإسلام بصلة إذ كيف يجرؤ على تفجير قنبلة بالقرب من قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يعتقد أنه بذلك يرضي ربه ورسوله ؟.. ففي الوقت الذي يقدر فيه المسلمون حرمة وأهمية العشر الأواخر من الشهر الفضيل ويتحرون فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ويتطلعون لمغفرة ربهم والعتق من النار فيصومون ويقومون ويتهجدون يأتي هذا المخبول ليفسد عليهم روحانياتهم ويعكر صفوهم في أيام عيد الفطر التي يفرح فيها من في الأرض والسماء بقبوله سبحانه لصوم الصائمين.
إن هذا العمل الدنئ ليس له ما يبرره .. فمهما كانت درجة الخلاف بين الإرهابيين والحكومات أو السلطات أو مهما كانت أفكارهم منحرفة لم يكن يتصور أحد أن يصل بهم الجنون والانحراف لتفجير مسجد الرسول ثاني أقدس مساجد الأرض والتي يشد الرحال إليها والصلاة فيه تعدل ألف صلاة فيما سواه .. هذا المسجد الذي يعدل في حرمته حرمة بيت الله الحرام وجعل الله المدينة المنورة على مدار التاريخ ملاذا آمنا لكل خائف .. فهذه الجريمة دليل دامغ على مدى الكراهية والحقد الذي يكنه الإرهابيون ضد مقدساتنا الدينية فهم لا دين ولا إيمان لهم ويسعون لزعزعة استقرار الأمة الإسلامية بأسرها.
لاشك أن هذه التفجيرات الآثمة الهدف منها في المقام الأول هو بث بذور الفتنة بين المسلمين وجر المنطقة بأسرها إلى صراع طائفي يضرب كافة جنباتها .. فهذا مخطط رسمته الأيادي الصهيوأمريكية لنشر الفوضى في المنطقة والقضاء على أهلها عن طريق الاقتتال والاحتراب الداخلي ليقضي المسلمون على بعضهم البعض .. وتعمل أجهزة المخابرات على ذلك فتواصل عمليات غسيل المخ للمتشددين وتجند الشباب من مختلف الجنسيات لتنفيذ مخططاتها الخبيثة.
إن التزامن بين التفجيرات الثلاثة والتي وقعت بعد أيام من عمليات أسقطت أعدادا كبيرة في تركيا وبنجلاديش والعراق ولبنان يوضح أن هذه العمليات مدبرة وفق مخطط مرسوم لإثارة الفتنة والفوضى في الأمة الإسلامية كلها وإفساد فرحة المسلمين بالأيام الأخيرة من شهر رمضان وإثارة غضب المسلمين في جميع أنحاء العالم
لابد للمسلمين أن يتكاتفوا للدفاع عن دينهم ومقدساتهم ويفوتوا الفرصة على كل من يسعى لضعف عقيدتنا عن طريق نشر الوعي الديني والإسلامي بين أبنائنا حتى يشبوا وهم متمسكون بمبادئ دينهم وهويتهم الأصيلة .. وعلينا أن نرسم خططا نحن أيضا لتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام في الخارج والداخل .. وليعلم المتطرفون أن الحرمين خط أحمر لا يستطيعون الاقتراب منهما لأن لهما ربا يحميهما مهما بلغت قوتهم وأن "الله متم نوره ولو كره الكافرون".

* * *
مخططات إسرائيل تتغلغل في أفريقيا
تسعى الدولة العبرية لترسيخ أقدامها على المستوى الدولي وتعمل ليس على تقوية علاقاتها مع الدول العظمى فحسب بل إيجاد موطئ قدم في كل محفل دولي وإقليمي .. فبعد حصولها على رئاسة لجنة القانون الدولي إحدى اللجان الست للجمعية العامة للأمم المتحدة بالرغم من أنها أكبر منتهك لحقوق الإنسان والقانون الدولي تسعى أيضا للحصول على صفة عضو مراقب في منظمة الاتحاد الأفريقي رغم أنها لا تنتمي للقارة السمراء.
إن إسرائيل تتبع خطوات مدروسة لتحسين مكانتها الدولية كي تفوت أية فرصة على التحركات الفلسطينية لإدانة تصرفاتها وإنهاء الاحتلال .. فتل أبيب لا تكتفي بالحصول على الدعم الأمريكي اللامتناهي فاتجهت في الآونة الأخيرة لكسب ود روسيا والتطبيع مع تركيا والآن مع الدول الأفريقية وهي تريد بذلك أن تحاصر العالم العربي من جميع جهاته.
لقد حرصت إسرائيل على أن يكون لها تواجد في القارة السمراء حيث كانت في السابق عضوا مراقبا على الاتحاد الأفريقي إلا أنها فقدت هذا المنصب بعد حل منظمة الوحدة الأفريقية عام 2002 .. وفي الآونة الأخيرة أخذت تتبع استراتيجية جديدة خاصة في منطقة حوض النيل فهي تمد يد المساعدة للدول الفقيرة بدعوى نشر التنمية فيها وقامت بتعيين ملحق عسكري في بعض الدول كإثيوبيا وأوغندا وكينيا .. إلا أن علاقاتها تحولت مؤخرا من دبلوماسية لعسكرية .. فبانضمامها لمنظمة الاتحاد الأفريقي كعضو مراقب يحق لها المشاركة في اجتماعات المنظمة والتصويت على القرارات وتقديم التعديلات ويحق لها الانضمام لبروتوكول المحكمة الجنائية الدولية وغيرها من الاتفاقيات العالمية .. كما أنها ستكون على دراية بكل ما يخص المنظمات التابعة للاتحاد الأفريقي بحيث تستطيع التحكم في الثروات التي تمتلكها القارة السمراء كونها ثاني أغنى قارات العالم ، والتدخل في الأزمات التي تقع يبن دولها مثل أزمة مصر مع دول حوض النيل والتي لإسرائيل يد فيها بشكل كبير بتشجيعها إثيوبيا لبناء سد النهضة على منبع مياه نهر النيل وهو ما سيقلل من كمية المياه في النهر المتجهة للقاهرة وبالتالي فإن انضمام إسرائيل لمنظمة الاتحاد الأفريقي يجعلها أحد المتحكمين في الأمن المائي المصري.
لاشك أن إسرائيل تريد بانضمامها لمنظمة الاتحاد الأفريقي أن تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد فمن ناحية تغطي على مخططاتها الاستيطانية والتهويدية في القدس الشرقية والضفة الغربية ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية ومن ناحية أخرى إضعاف دور مصر الإقليمي والأفريقي في القارة السمراء.
إن أصابع إسرائيل بدأت تعبث بأكثر من طرف عربي ويجب على العرب جميعا التصدي لهذه الخطط الخبيثة بالاتحاد والتضامن والضغط على الدول الكبرى لإيقافها عند حدها وعن العبث بالمصالح العربية.

* * *
من فيض الخاطر
من أشعار نزار قباني :
في مرفأ عينيك الأزرق أمطار من ضوء مسموع
وشموس دائخة وقلوع ترسم رحلتها للمطلق
في مرفأ عينيك الأزرق شباك بحري مفتوح
وطيور في الأبعاد تلوح تبحث عن جزر لم تخلق
في مرفأ عينيك الأزرق يتساقط ثلج في تموز
ومراكب حبلى بالفيروز أغرقت الدنيا ولم تغرق

* * *
آخر كلام
يقول الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة .. وإن خالها تخفى على الناس تُعلم