اليمن.. الكهرباء عصا بيد الساسة

الحدث الأحد ١٠/يوليو/٢٠١٦ ٢٣:٥٦ م
اليمن.. 
الكهرباء عصا بيد الساسة

عدن – إبراهيم مجاهد
يدفع صاحب عيادة في شارع الزبيري وسط صنعاء 20 ألف ريال يمني نهاية كل شهر مقابل خدمة توصيل تيار كهربائي يقدمها مستثمرين نافذين تابعين لجماعة الحوثي المسيطرة على الدولة بانقلاب مسلح منذ 21 سبتمبر 2014م.
يقول عادل البعداني صاحب "بقالة" محل لبيع المواد الغذائية بصنعاء أن سعر تيار الكهرباء من الاشتراك بالمولدات يكلفه أكثر من 10 آلاف ريال شهريا حيث سعر الكيلو وات بمائة وخمسين ريال يمني..
ومنذ أن دخلت الكهرباء اليمن وهي تستخدم ضمن أجندة الصراع السياسي والنزاع المسلح وأداة من أدواته الأساسية التي يستخدمها طرفا ما لإخضاع الآخر دون احترام للمجتمع اليمني وما يلحق بالأطفال والنساء والمدنيين من أضرار ودون أن يعيروا أي تقدير لخدماته الضرورية والأساسية.
ولو عدنا للأحداث التي مر بها اليمن خلال عقدين من الزمن سنجد انه تم فصل التيار الكهربائي عن المدن إبان حرب 1994م ومؤخرا تم استخدام الكهرباء وسيلة ابتزاز وإخضاع وإفشال لحكومة الوفاق منذ السنة الأولى من عمرها حيث كانت تنقطع بفعل فاعل بين الحين والآخر.. تارة بفعل قطاع طرق وأخرى تفجير أبراجها وانعدام في المشتقات وغيرها..
وكبدت الكهرباء أصحاب المشاريع والشركات التجارية خسائر فادحة ما أدى الى توقف الكثير منها، وخلفت لهم أضرار وبطالة لدى عمالها وعمال أصحاب المشاريع الحرفية الصغيرة الذين عجزوا عن توفير الكهرباء وهم الذين ترتكز عليهم الحركة الاقتصادية، وشكلت أحد أسباب ارتفاع البطالة.
كما أن توقفها النهائي شكل خطرا على أكثر من (25) ألف موظف ومتعاقد وإضافة إلى قائمة البطالة وهم موظفي مؤسسة ووزارة الكهرباء الذين يتوقف صرف مرتباتهم بين الحين والآخر ولشهور ولم يتقاضوا سوى نصف مرتباتهم وأصبحوا في قائمة البطالة كونهم يعولون اسر، فحياتهم مهددة بالتوقيف الكامل.
لقد كان استهلاك الكهرباء من المشتقات النفطية (ديزل خفيف وثقيل _ والمازوت) وما يقارب اثنين مليون برميل سنويا وذلك لتوليد (450)ميجا فقط، فهي لا تغطي احتياجات المواطنين والسوق ومع ذلك يتم فصلها.
يوضح الخبير الاقتصادي عبده أحمد زيد المقرمي انه منذ قرابة العامين وبسبب الحرب والنزاع المسلح المستمر حين تم توقفها نهائيا فخلفت أضراراً على المجتمع، وساعدت على دعم السوق السوداء.
أضرار جسدية لحقت بالأطفال والنساء والمسنين جراء الإضاءات الساطعة المؤثرة سلبا على أبصارهم وتسببت على انتشار العشى الليلي في الأطفال وساعدت في التكوين المبكر للمياه الزرقاء بالذات لدى المسنين بما فيه المخاطر المستقبلية لعيون الأطفال..
وتمثلت الأضرار النفسية في الخوف والقلق المستمر لدى الأطفال والنساء من الظلام مما اضطر أرباب الأسر الى التعامل مع السوق السوداء بالنسبة للمناطق التي لم تشهد النزاع المسلح.. أما في المنطق التي شهدت النزاع اجتمع فيها الخوف من الحرب ومن الظلام فهم أكثر تأثراً وأكثر عسرة من حيث وضعهم العام.
الكهرباء كثيرا ما تخلف خسائر مادية على الدولة، ونفسية لدى الأطفال والنساء والمسنين؛ إذ اضطر بعض أرباب الأسر إلى تحمل أعباء مادية لتوفيرها لعوائلهم بعد انقطاعها النهائي، وما لحق بالمستشفيات من مخاطر جراء توقفها.
ففي مطلع هذا العام وردت تقارير في صنعاء من شركات الطاقة الشمسية تقول إن مبيعاتها بلغ (350) مليون دولار خلاف على تبعاتها من المستلزمات وهذه المبيعات تم قياسها على مستوى المحافظات التي لم تشهد نزاع وبالذات أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، إذ ضاعفت هذه المبالغ المالية من معاناة أرباب الأسر لمواجهة توفير الغذاء والدواء لأبنائهم بالذات المعدومين وفاقدي أعمالهم.
ونشأ نوع آخر من السوق وهو أن أصحاب مال ومدعومين قاموا بالاستثمار في هذا المجال عبر مولدات كبيرة وبأسعار استغلالية حيث بلغ سعر الكيلوا وات (70) سنت من الدولار في وقت يعيش الموطن الفقير بأقل من نصف دولار في اليوم، وهذا يؤكد أن المستفيدين منها ليس من رفاهية او زيادة نعيم ولكنهم مضطرين وفضلوها على احتياجاتهم الضرورية من الطعام لما لحقت بأطفالهم من أضرار جسدية ونفسية جراء انقطاعها المستمر.