«الجهاد» من أجل.. الحياة

مقالات رأي و تحليلات السبت ٠٩/يوليو/٢٠١٦ ٢٣:٣٢ م
«الجهاد» من أجل.. الحياة

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com

الحياة جديرة أن تعاش.. وفيها، كما يقال، ما يستحق أن نحيا من أجله.

أما صنّاع الموت فليس لهم سوى.. الموت، ببساطة لأنهم لا يعرفون كيف يعيشون، فيسعون في الأرض قتلا.
القضية تكمن في مختصر بسيط: علموهم كيف يقدسون الحياة ليكفوا عن إرسال مخالفيهم إلى النهايات عبر مجازر دموية لا تفرق فيها المتفجرات والمفخخات بين مكونات الإنسانية، فيتساقطون فرادى وجماعات تحت مجرفة الموت، لا لشيء، سوى أن هناك من خطط للقتل الجماعي، لأهداف أحسبها سياسية فقط، فليس هناك من دين يقول بفعل كهذا، ولا مذهب يدعي شرعية قتل الناس بتفجير أسواقهم ومنازلهم، يستوي في ذلك قتلة ينتمون إلى فرق الموت المتنقلة بما تحمله من أسماء، أو حكومات تسقط البراميل المتفجرة أو تدك الأحياء السكنية بمن فيها، والجميع يرفع شعار «الله أكبر» والقاتل والمقتول ينطقان بشهادة أن لا إله إلا الله.
قد لا أقول جديدا في مشهدية إنسانية دموية كهذه، صاخبة بالقتل والرعب، وما حدث في الكرادة العراقية، أو في مطار اسطنبول، وما صدمنا من تفجير اقترب من مسجد نبي الإنسانية الداعي لحفظ حقوق البشر وحرمة دمائهم على بعضهم البعض إلا بحق لا يقترب منه أبدا مما يحدث في بلاد المسلمين وهي تقتل بعضها البعض، إن أوقف مجرمو الخارج آلة القتل عنهم.
أي فكر يدفع هؤلاء إلى تفجير أنفسهم وقتل أناس أبرياء، ليس لهم من ذنب سوى وجودهم في تلك اللحظة التي ينزع فيها مجرم إبرة الأمان عن حزامه الناسف أو حمولة سيارة من المتفجرات القادرة على إحالة مئات البشر في لحظات إلى أشلاء، فتغيب عائلات بأكملها في لحظة، لا يعرفون القاتل، ولا سبب قتلها.
هم نتاج مصنع القتل القائم على الفكر، فهل يمكن تعليمهم لغة أخرى غير لغة «القتل» هذه وحرية استباحة الدماء؟
هل يمكن تعويدهم على تعلم لغة الحياة، هذه النعمة التي وهبها الله للبشر، وقد قال لنبيه الكريم «إنك لا تهدي من أحببت» حيث الخالق يهدي من يشاء من خلقه، دون وصاية تعمد إلى الإبادة وهدم حياة ما يمكنهم من الناس دون مراعاة لشيء.
إن الشعوب التي لا ترفع راية الإسلام، من حولنا، هي التي تحارب من أجل الحياة، بالفكر والمعرفة، السلاح القادر على توجيــــه البشريـــة نحو صياغة فكــــرة العيـــش والتعايش التي يريدها الله من الآدمــــي الذي استخلفه على الأرض ليعمرها، لا ليزرع فيها آلاف المقابــر الجماعية بفكرة أنه موكل بإرسال من يراه، ومن يستطيعه، من البشر إلى الموت.
.. وقد غادرنا الشهر الفضيل، شهر الصوم والعبادة، موقنين أننا لم نصب إلا القليل من إيمانيات كانت كفيلة بتقريبنا من روحانيات فكرة الخلق والوجود، وقد عشنا لحظات الفرح بعيد الفطر السعيد فلم ندرك، في كثير من تفاصيل حياتنا، تلك الفرحة التي أرادها الله علينا لأن هناك من يوزع الموت في عشرات المدن والقرى على امتداد خارطة عالمنا الإسلامي، كأنه دلالة بينة على أننا فشلنا في إنتاج فكرة الحياة، ولا تأتي إلا بالعلم والمعرفة، فتناسلت أفكار الموت، وهي وضع طبيعي للجهل والتضليل، ذلك القادر على أن يقنع قاتلا أن ينهي حياة والديه وأهله، فكيف به يتردد عن قتل الآخرين، ليس لشيء، إلا لأنه لم يتعلم فن صناعة الحياة، لتغدو وسيلة لسعادة حياتين.