عواصم –
ذكر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية أمس الثلاثاء أن قادة أفارقة يستخدمون ميزانياتهم الدفاعية لشراء الولاء وبناء «شبكات محسوبية»، وهو ما يؤدي إلى اندفاع أشخاص نحو الانضمام إلى جماعات إرهابية مثل بوكو حرام.
وأوضح التقرير الذي أجرى تقييما لخطر الفساد في المؤسسات الدفاعية لـ 47 دولة أفريقية أن هذا النوع من الفساد يمكن اعتباره «عامل دفع» لجماعات مسلحة مثل بوكو حرام والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والشباب في أفريقيا.
وأضاف أنه «بينما دفعت العوامل الأيديولوجية بالتأكيد مجندين جدد إلى تلك التنظيمات، فإن دور الفساد كعامل دفع لا يمكن التقليل منه».
وتابع: «لقد قوض الفساد شرعية (تلك) الدول وأدى إلى توليد شعور بخيبة الأمل والخذلان في جميع أنحاء أفريقيا».
وأوضح التقرير أن الإنفاق العسكري زاد بنسبة 91 % في أفريقيا خلال العقد الماضي لكن لا توجد لجان برلمانية أو هيئات لمكافحة الفساد والتدقيق المالي في معظم تلك الدول.
وقال: «بالتعامل مع القطاع الدفاعي على أنه استثنائي، تم تقويض كفاءته».
وتابع التقرير أن ثمة حكومات أجنبية تمارس نفوذا غير مبرر على قرارات الشراء الدفاعي في 70 % من الدول التي شملها المسح.
وأضاف أن دولا مثل الصين والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا تسعى للاستفادة من الميزانيات الدفاعية المرتفعة في أفريقيا عبر مبيعات الأسلحة.
وتيرة متصاعدة
في أول ديسمبر الفائت حذرت منظمة الشفافية الدولية من تصاعد وتيرة الفساد في القارة الإفريقية ، مشيرة إلى أن جنوب إفريقيا تحتل رأس قائمة الدول التي يرى مواطنوها أن هذه المشكلة ازدادت سوءا العام الفائت. ونقل موقع «كابيتال أف أم» الإخباري الكينى عن جوزيه أوجاز رئيس منظمة الشفافية الدولية قوله : «إن الفساد يؤدى إلى زيادة الفقر والتهميش «مشيرا إلى أن نشر الوثائق والحقائق يمثل العامل الرئيسي لمحاربة الفساد».
وكشفت نتائج استطلاع رأى أجرته المنظمة فى 28 دولة إفريقية ونقل موقع «كابيتال أف أم» مقتطفات منه، أن 83 % من المشاركين في الاستطلاع فى جنوب إفريقيا يرون أن وتيرة الفساد ازدادت، وأن غانا ونيجيريا من الدول الإفريقية الأكثر تضررا من الفساد.
وأشارت نتائج الاستطلاع إلى اعتبار المشاركين في الاستطلاع جهاز الشرطة ورؤساء الشركات والمسؤولين بالحكومات والمحاكم ، مؤسسات فاسدة، حيث دفع 75 مليون شخص رشاو خلال العام الماضي للمسؤولين بهذه الجهات.
وأوضح التقرير أن الفساد ساهم، خلال تفشى مرض إيبولا القاتل في ليبيريا وسيراليون، في بطء تعامل حكومتي البلدين مع المرض، وأوضح التقرير:» في هاتين الدولتين بلغت معدلات دفع الرشاوي مستويات عالية، وأن قطاع الشرطة تأثر بمستويات الفساد العالية».
وأشار التقرير إلى أن 58% ممن شاركوا فى الاستطلاع، الذى اقتصر على دول منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، يعتقدون أن مستويات الفساد آخذة فى الارتفاع.
وفى بوتسوانا، قال 54 % من المشاركين فى الاستطلاع إن حكومتهم تقوم بدور جيد فى محاربة الفساد، بينما تبلغ هذه النسبة فى جنوب إفريقيا 20 % فقط ، وجاءت مدغشقر فى ذيل القائمة حيث لم تزد نسبة الراضين عن أداء الحكومة فى محاربة الفساد على 9 % فقط.
«سرطان الفساد»
من جهته تطرق الرئيس الأمريكي باراك أوباما في كلمة له في مقر الاتحاد الأفريقي، لنقاط عديدة تخص القارة السمراء إذ طالب بالقضاء على الفساد وانتقد القادة الذين يتمسكون بالسلطة، لكنه طالب العالم في الوقت نفسه بتغيير نظرته النمطية تجاه أفريقيا.
وأدان الرئيس الأمريكي في خطاب بمقر الاتحاد الأفريقي في أديس ابابا، (28 يوليو 2015) القادة الأفارقة الذين يتمسكون بالسلطة ويعيقون تقدم الديمقراطية، مشددا على أهمية القضاء على الفساد في القارة السمراء.
وقال أوباما، أول رئيس أمريكي يتحدث في الاتحاد الأفريقي أن «التقدم الديمقراطي في أفريقيا يصبح خطرا عندما يرفض القادة التخلي عن السلطة بعد انتهاء ولاياتهم». وأضاف «لا أحد يجب أن يبقى رئيسا مدى الحياة».
ودعا أوباما إلى القضاء على ما سماه «سرطان الفساد» وتبني مبادئ الديمقراطية لضمان تقدمها.
وقال الرئيس الأمريكي: «لا شيء يمكن أن يحرر طاقة أفريقيا الاقتصادية مثل استئصال سرطان الفساد». وأضاف: «الفساد موجود في كل مكان في العالم» لكنه «في أفريقيا يبتلع مليارات الدولارات من اقتصاديات البلدان، وهي أموال يمكن استخدامها لاستحداث وظائف وبناء مستشفيات ومدارس».
وأكد «وحدهم الأفارقة يستطيعون القضاء على الفساد في بلدانهم»، واعدا بأن تساعد الولايات المتحدة الحكومات الأفريقية المصممة على مكافحة أوساط المال غير المشروع على اتخاذ إجراءات وتشجيع الحكم الرشيد والشفافية ودولة القانون. وتابع أوباما: «التقدم في أفريقيا مرتبط أيضا بالديمقراطية لان الأفارقة مثل الجميع يستحقون شرف التمكن من إدارة حياتهم بأنفسهم».
وعلى صعيد النزاعات في أفريقيا، أكد أوباما أن بلاده تقف بجانب أفريقيا لمكافحة الإرهاب وإنهاء النزاعات، محذرا بأن التقدم في القارة «سيتوقف على الأمن والسلام».
وقال: «في وقت تقف أفريقيا بوجه الإرهاب والنزاعات، أود التأكيد لكم بأن الولايات المتحدة تقف بجانبكم» ذاكرا مخاطر حركة الشباب في الصومال وبوكو حرام في نيجيريا والمتمردين في مالي والجهاديين في تونس وجيش الرب للمقاومة في أفريقيا الوسطى.
في الوقت نفسه، دعا أوباما إلى تغيير نظرة العالم لأفريقيا والأخذ بـ (التطور التاريخي) الذي أنجز والتخلي عن الصور المسبقة عن قارة تعاني من الفقر والحرب. وقال: «بعد نصف قرن من استقلال الدول، حان الوقت للتخلي عن الصور النمطية القديمة لأفريقيا غارقة إلى الأبد في الفقر والنزاعات. على العالم أن يقر بتقدم أفريقيا الاستثنائي».