اليمنيون.. عاشوا عيداً بطعم الجوع

الحدث السبت ٠٩/يوليو/٢٠١٦ ٢٢:٣٦ م

عدن – إبراهيم مجاهد
حلَّ عيد الفطر على اليمن وهو غير سعيد، خلافاً للصفةِ التي حملها وعرف بها من قبل، وبالنسبة للسواد الأعظم من اليمنيين، فالعيد لهذا العام، افتقد صفاتهُ، في ظل تعيشه اليمن من حرب مجنونة أتت على معظم مقومات الحياة البسيطة.
حل العيد على المواطن اليمني وهو يعيش ظروف معيشية سيئة للغاية في ظل استمرار الصراع وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.. واستمرار غياب الخدمات الأساسية سيما في المناطق التي تشهد مواجهات مسلحة.. هذا لا يعني أن المناطق المحررة فيها العيد سعيد.
ارتفاع الأسعار وتدهور العملة بشكل مخيف واستمرار عجز الحكومة الشرعية في توفير الخدمات الأساسية وفق حاجة المواطنين يعكر فرحة العيد على اليمنيين في هذه المناطق، ناهيك عن استمرار نزيف الدم اليمني في ظل الحرب التي خلفت من القتلى والجرحى والمشردين والمعاقين ما يجعل اليمن الذي بات غير سعيداً، يفقد مذاق فرحة عيد سعيد..
فاقم إغلاق البنك المركزي دون استكمال صرف مرتبات الموظفين لشهر يونيو الفائت وقبيل إجازة عيد الفطر من معاناة اليمنيين، فأطل عيد الفطر لهذا العام ونكهة الفرحة غائبة عن منازل كثير من اليمنيين. إلا أن "صالح السلامي" وآخرين داهمهم العيد كرعب مفزع وأكثر وجعاً.. "السلامي" يعول أسرتين بعد وفاة أخيه لكنه منذ ثلاثة أشهر بلا راتب.
يقول: بعد أن فقدت الأمل في الراتب وأوصد البنك المركزي أبوابه قبل يوم من الإجازة الرسمية على خلاف العادة دون استكمال صرف المرتبات وقفت عاجز عن عمل أي شيء حتى التفكير تجمد..
"السلامي" في صنعاء وعائلته في الريف حال الوضع بينه وبين أفراد أسرته وأيتام أخيه.. وبألم شديد وحيرة أشد يقول: إن بقيت في صنعاء سأحتاج إلى "مصاريف" نقود وإن غادرت نحو القرية سأحتاج إلى "مصاريف" نقود، لهذا فالعيد هذا العام له مرارة جعلتني مشتت الذهن لا أعرف كيف أخرج من هذه الدوامة.
وبحسب الخبير الاقتصادي اليمني أحمد سالم شماخ فإن الوضع الاقتصادي والمعيشي والمالي بلغ خلال هذه الفترة أعلى مراحل الانهيار، وأن مالية الدولة والقطاع الخاص يعيشان اليوم ظاهرة هذا التعثر باعتبارات أن إفرازات الحرب والحصار لازالت مفروضة وضاغطة لشل حركة المقومات الأساسية في هذا البلد.
ويضيف أن ذلك قد انعكس سلبيا على الحياة ووضعية أفراد المجتمع والى تراجع القدرة الشرائية، ولإيقاف ذلك لا بد من المسارعة بجملة من المعالجات والإجراءات الحقيقية، وعلى رأس تلك المعالجات، الحل السياسي وإيقاف الحرب، يلي ذلك استئناف تصدير النفط وغيره.
ويشير شماخ إلى أن الوضع الاقتصادي في اليمن، وتحديدا في هذه المرحلة يتطلب الاستعداد لما سيواجهه اليمنيون في الأيام القادمة من مصاعب اقتصادية ومعيشية، وذلك حتى تتمكن مكينة الاقتصادي اليمني من الوقوف من جديد لمواجهة هذه التحديات، وهذا ليس بالأمر الهين أو العادي.
وأمام هذا الوضع يحذر شماخ من خطر كبير يهدد اليمنيين في حياتهم وفي مستوى معيشتهم اليومية التي أصبحت صعبة أصلاً، وأيضا هناك خطر على سلطات الأمر الواقع، حيث أصبحت كل السلطات القائمة في البلد غير قادرة على السيطرة على الوضع الاقتصادي أو المعيشي أو تحسين ظروف المواطنين الاقتصادية والمعيشية والصحية والتعليمية.
وبشأن مشاورات الكويت والأمل الذي كان يعلقه اليمنيون عليها للخروج من الأزمة التي تعيشها البلد، يوضح شماخ انه رغم استمرار تلك المفاوضات نحو 67 يوما، بين الأطراف اليمنية، إلاّ أنها في حقيقة الأمر رفعت مستوى اليأس والإحباط لدى المجتمع اليمني، ولم تأتِ بأي جديد يفيد اليمنيين.
وبحسب شماخ فإن فشل المشاورات سيؤدي إلى انعكاسات خطيرة وسلبية على المجتمع ، كما أن الوضع القائم يشير الى دخول اليمنيين في وضع كارثي لا يحمد عقباه في شتى الجوانب، خلال الأيام القادمة في حال عدم اتخاذ أي قرارات أو حلول عاجلة، أو الحسم لأي طرف، وسيلقي بآثاره على شتى المجالات، ويرى شماخ أنه في حال عدم إيجاد أي حلول فأن الأيام القادمة ستكون هي الأسوأ في حياة اليمنيين. كون الوضع قد وصل الى حد لا يطاق وتفاقمت الضائقة المالية للدولة، واشتدت وطأتها على أفراد المجتمع اليمني، في ظل هذه الظروف بالغة التعقيد التي عجزت فيها السلطة الشرعية وسلطات الانقلاب عن تلبية الاحتياجات الاقتصادية والمعيشية الضرورية للمواطنين البسطاء.
ويضيف الخبير اليمني إن الفقر والجوع يسيران في خطين متوازيين، إذ بلغت نسبة الفقر أكثر من 70 % من إجمالي عدد السكان في اليمن، في ظل عدم توفر سبل العيش البسيط وليس الكريم فحسب، وتراجع القدرة الشرائية وغياب المجتمع الدولي والمؤسسات الرسمية الدولية عن مساعدة اليمن والتي برزت فيها الكثير من الدول الإقليمية والدولية والتي تبحث لها في هذا البلد عن موطئ قدم، وفقا لمخططاتها السياسية، إلا أن في المجال الاقتصادي، يبدو أنها تريد اليمن أن يصل الى ما وصلت إليه دول كالصومال وسوريا والعراق، بحيث تتمكن هذه الدول - بحسب شماخ - من إحكام سيطرتها على الممرات البحرية كباب المندب، وغيره.