هل الزوجة ملزمة بخدمة زوجها؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٤/يوليو/٢٠١٦ ٠٥:٣٧ ص
هل الزوجة ملزمة بخدمة زوجها؟

لميس ضيف

لا أعرف لم قرر وجهها التشبث في ذاكرتي، "مفتونة رحمنوفا" شابة في العشرين من طاجيكستان أنهت حياتها وحياة طفلها الرضيع برمي نفسها في النهر لتنضم لـ325 حالة انتحار خلال أقل من عامين كلهم من نصيب نساء تزوجن في عمر مبكر، وأقمن مع عائلات أزواجهن وتعرضن لسوء المعاملة التي تضاف لتردي الأحوال الاقتصادية فلم يجدن وسيلة للانعتاق من هذا الغبن إلا بإنهاء حياتهن!
في فبراير الفائت أهتز المجتمع لحادث مشابه: تعمد شابة لإغراق أطفالها الأربعة قبل إنهاء حياتها هي للسبب نفسه. ويبدو أن ثمة خطبا في تلك البيئة لتطفح منها حالات بهذا السوء والخافي أعظم بالتأكيد.
في الظروف الاقتصادية الصعبة، والمجتمعات التقليدية ذات الطابع العشائري، تتكتل العائلات في منزل واحد بشكل طبيعي سلس وتتنازل النسوة عن حقهن في الاستقلالية تلبية لرغبات الزوج، ولا تثريب، فكثيرا ما يكون للأمر وجه مضيء ولكن المآسي تبدأ وتستحكم عندما يُطالب الزوج زوجته بخدمة أهله أو خدمة منزلهم في حين اجمع جمهور الفقهاء على أن خدمة أهل الزوج "ليست واجبة على الزوجة" وليس لديها التزامات تجاههم بل واختلفوا في خدمة الزوج نفسها فمنهم من لم يرّ وجوبها بالمطلق وذلك لأنه ونقتبس "أن عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاع، لا الاستخدام وبذل المنافع" ما ينفي ما يحاول الرجال إقناع النساء به منذ سنين، وهو أنهم "قوامون" بمعنى "متحكمون" والحق أن القوامة في الآية الكريمة (الرجال قوامون على النساء) لا تجزم بوجوب أن تخدم الزوجة زوجها بل أن يكون هو الخادم لها المتولي لشؤونها والراعي لاحتياجاتها وليس العكس!
هناك فريق رأى العكس وأحتج أن العرف يرى بضرورة خدمة المرأة لزوجها والعقود المطلقة "كعقد الزواج" تنزّل على العرف. ويقول هؤلاء بأن المرأة مطالبة بالعمل في البيت، كما أن الرجل مطالب بالعمل والكسب خارجه متجاهلين حقيقة أن المرأة في زمننا تعمل كذلك. وتكسب خارجه أيضا للإنفاق على البيت.
والصحيح أن الحكم "المثالي" في هذا الخلاف هو ما جاء على لسان نبينا الكريم صلى الله عليه وآله، عندما جاءته امرأة تشكو الخدمة فقسم العمل بينها وبين زوجها فحكم عليها بالخدمة الباطنة، وحكم على زوجها بالخدمة الظاهرة. وفي كل الأحوال؛ وبعيدا عن رأي الشرع في ذلك؛ على الأزواج أن يدركوا أن كل "الخدمات" التي تقوم بها الزوجة "معروف" يجب أن يُقابل بالاهتمام بما في ذلك العناية بالأطفال والمنزل. فالزوجة ليست امةً لدى زوجها وليست بخادمة له ولا لأهله بكل تأكيد، ليحاسبها أو يضغط عليها ويعيشها في نكد بسبب طلباته المتراكمة.