فاتورة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يدفعها العالم

مؤشر الاثنين ٠٤/يوليو/٢٠١٦ ٠٤:٢٠ ص

دبي -
من المتوقع أن تؤدي نتيجة الاستفتاء البريطاني إلى زيادة التقلب في الأسواق المالية خلال الأسابيع المقبلة وقد تعيق النمو الاقتصادي في حال عدم إلغاء إجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بسرعة. وقد ساهمت الإجراءات السريعة التي اتخذتها البنوك المركزية، وخاصة بنك إنجلترا وبنك سويسرا الوطني إلى وقف القلق الذي انتشر في أعقاب الاستفتاء. إلا أنه قد تكون هناك إجراءات جديدة مطلوبة في حال ارتفاع التقلّب بشكل أكثر.

ويقول ديمبيك رئيس قسم التحليلات الشاملة لدى ساكسو بنك كريستوفر إن المؤشرات تؤكد تراجع التطلعات بالنسبة للاقتصاد العالمي، مما يؤكد أن العودة إلى نمو مستدام هو أمر بعيد المنال. فمؤشر مديري المشتريات الصناعي العالمي على وشك الدخول في مرحلة تقلص مما قد يؤدي إلى انخفاض توقعات النمو الصادرة عن صندوق النقد الدولي في نهاية هذا الفصل.
ويضيف ديمبيك: «جاء النمو في الولايات المتحدة وأوروبا والصين مخيباً للآمال بحسب مؤشر المفاجآت الاقتصادية من سيتي بنك، على الرغم من تحسن الوضع في الولايات المتحدة خلال الأسابيع الأخيرة، مما يقلل من خطر الركود على المدى القريب إلى المتوسط. فبعد بداية جيدة مطلع العام، تبدو دلالات التباطؤ واضحة على النمو في اليابان منذ بداية شهر يونيو. فخلال أسبوعين، انخفض مؤشر المفاجآت الاقتصادية لليابان من ذروته السنوية البالغة 76.8 إلى 40. وسيكون للارتباك الناتج عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ثقله على مستوى ثقة الأعمال والاستثمارات خلال المدى المتوسط، مما قد يزيد من تباطؤ الاقتصاد، على الأقل بالنسبة لأوروبا. فيما يؤكد النمط السلبي في قطاع التصنيع خطر حدوث تباطؤ عالمي. فقد كان مؤشر مديري مشتريات التصنيع العالمي عند مستوى خطير في شهر مايو بلغ 50 نقطة ومن الأرجح أن يتقلص خلال الأشهر المقبلة حيث إن الأرجح هو عدم القدرة على تحقيق أهداف النمو العالمية نتيجة لضعف النشاط الاقتصادي في الدول المتقدمة والصعوبات الهيكلية في الدول الناشئة. وبحلول نهاية الفصل الثالث، من المرجح أن يقوم صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته للنمو العالمي والتي تتراوح حالياً ما بين 3.1% إلى 3.2% (3.4% كتقدير أولي). ولا يزال المستوى الحالي للنمو العالمي أقل من معدل النمو السنوي البالغ 3.46% خلال الفترة بين 2000 إلى 2007. وقد وصل مؤشر مدير مشتريات التصنيع في الولايات المتحدة إلى 51.4 في يونيو إلا أن النمط لا يزال ضعيفاً منذ بداية العام».

أوروبا وتباطؤ النمو
وحول أوروبا يؤكد ديمبيك أن التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي شكل صدمة بسبب الفجوة الكبيرة بين توقعات السوق والنتائج الرسمية للاستفتاء الذي جرى في المملكة المتحدة. وبالرغم من أن الوقت لا يزال مبكراً على تقييم الآثار الاقتصادية لخروج بريطانيا بشكل دقيق، إلا أن المرجح أن الغموض الذي يلف العملية السياسية والذي هو على وشك أن يبدأ سيكون له أثر سلبي على الاستثمار والنمو في أوروبا. وسيقدم إصدار استبيان الخدمات واستبيانات مديري المشتريات في المملكة المتحدة في 5 يوليو دليلاً على مشاعر الشركات بعد اتخاذ قرار الخروج. إلا أنه من الضروري الانتظار حتى منتصف يوليو لمعرفة ردود أفعال الشركات في المملكة المتحدة بشكل أوضح مع صدور بعض التقارير التي ترصد نشاطات الأعمال وإجراءات التوظيف. وفي حال ارتفاع التقلب في السوق، فإن بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي على استعداد للتدخل لتوفير المزيد من السيولة في السوق. وبالنظر إلى علاوات العوائد في منطقة اليورو والوضع المالي في المملكة المتحدة، فليست هناك حاجة للاستجابة الطارئة من بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي في الوقت الحالي. ومن وجهة نظرنا، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو انهيار سياسي أكثر من كونه انهياراً اقتصادياً أو مالياً.

وكان التباطؤ الاقتصادي قد بدأ في أوروبا حتى قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وهو مرشح للارتفاع. يشير مؤشر النمو الرائد إلى تباطؤ شديد في منطقة اليورو خلال الفصول المقبلة من العام. وكان الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته دول الاتحاد هو الاعتماد بشكل كبير على السياسات النقدية وإهمال توظيف السياسات المالية. إن معدلات الفائدة المتراجعة تمثل فرصة تاريخية للاستثمار، وخاصة في البنى التحتية والتقنيات الحديثة. في حالة ألمانيا، وهي الدولة الوحيدة التي تملك أموالاً عامة سليمة للغاية، 80% من السندات الحكومية لها عوائد سلبية، ومع ذلك فإن الدولة لا تقترض من أجل أن تستثمر. وسيقوم البنك المركزي الأوروبي بإجراء مراجعة لإطار السياسات النقدية في شهر سبتمبر وخاصة فيما يتعلق بمشتريات الشركات التي بدأت في 8 يونيو بقيمة كلية بلغت 5 بلايين يورو في الشهر ومن الأرجح أن تفتح المجال أمام المزيد من التسهيلات على المستوى المتوسط.

أصداء من شرق أوروبا

في دول أوروبا الشرقية والوسطى، يقول ديمبيك إن التركيز سيكون هذا الشهر على هنغاريا وبولندا بعد صدور أرقام التضخم في كل من 8 يوليو و12 يوليو على الترتيب. فبولندا تعاني من الركود منذ يوليو 2014 ومن غير المرجح أن يتحسن الوضع خلال المدى المتوسط. أما في هنغاريا، فلا يزال التضخم ضعيفاً للغاية. إلا أن البنوك المركزية في كلتا الدولتين اختارت الإبقاء على معدلات الفائدة كما هي على المدى البعيد. وهي تواجه تحدياً صعباً يتمثل في دعم التضخم دون الإضرار بالنشاط الاقتصادي. ومن المتوقع أن يحافظ البنك المركزي الهنغاري على معدل الفائدة الأساسي عند نسبة 0.9% والبنك المركزي البولندي عند الحد الأدنى غير المسبوق بنسبة 1.5% خلال الأشهر القادمة. وبالرغم من النمو الاقتصادي الخادع في الدولتين خلال الربع الأول (-0.1% في بولندا و0.9% في هنغاريا)، إلا أنه لا يوجد أي ضغط سياسي لعودة التسهيلات. وفي المقابل يشير المؤشر الرئيسي إلى فك ارتباط النمط الاقتصادي فيما بين الدول الاسكندنافية. فمن جهة، قد تشهد السويد والدنمارك المزيد من التباطؤ الاقتصادي، ومن جهة أخرى، قد يزداد النمو الاقتصادي في النرويج قوة مدفوعاً بارتفاع أسعار النفط. وقد بدأ التراجع الاقتصادي بالفعل في السويد حيث بدأ الناتج المحلي الإجمالي بالتراجع بعد أن وصل ذروته عند 4.8% في الربع الأخير من العام 2015. وليس التحول ملحوظاً بعد في النرويج والدنمارك بالنسبة لمعدلات إجمالي الناتج المحلي، إلا أن هذا التحول سيبدأ في الظهور بحلول نهاية العام 2016.

تركيا عند مفترق طرق
ويختم مؤكداً أن الاهتمام سينصب على تركيا هذا الشهر مع نشر أحدث أرقام مؤشر أسعار المستهلك في 4 يوليو وبيانات مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي في 13 يوليو. وبالرغم من المخاطر السياسية المتعلقة بتقوية القوى الرئاسية وتشديد الرقابة على إجراءات البنك المركزي، إلا أن الزخم الاقتصادي لا يزال إيجابياً في تركيا. وقد تراجع الناتج المحلي الإجمالي منذ بداية العام ولكنه لا يزال أعلى من متوسطه المتحرك، ويرجع الفضل في ذلك على نحو خاص إلى الاستهلاك المحلي القوي وضعف الليرة التركية مما أدى إلى تعزيز الصادرات التي وصلت إلى 12 بليون دولار أمريكي في شهر أبريل الفائت.