خفايا التطبيع الإسرائيلي التركي

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٤/يوليو/٢٠١٦ ٠٣:٤٨ ص
خفايا التطبيع الإسرائيلي التركي

ناصر اليحمدي

التطبيع العلني للعلاقات الدبلوماسية التركية الإسرائيلية الذي تم التوقيع عليه بين البلدين مؤخرا يطرح أكثر من علامة استفهام على هذا المشهد الميلودرامي خاصة بعد أن صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الوضع في قطاع غزة سيبقى على ما هو عليه ولن يفك الحصار المفروض عليه بعد توقيع اتفاقية التطبيع وذلك تحت ذريعة "دواعي أمنية" أو "مصلحة أمنية عليا" خوفا من دخول مواد قد تستخدم لأهداف عسكرية وأن هذا الأمر غير قابل للمساومة

لقد ساد التوتر بين الدولتين فترة من الزمن زادت على الست سنوات على أثر الهجوم الإسرائيلي على سفينة "مرمرة" التركية التي كانت تحمل مساعدات إنسانية لسكان قطاع غزة في محاولة لفك الحصار عنهم وأسفر الهجوم عن مقتل 9 مواطنين أتراك .. وكان الطرفان خلال هذه السنوات العجاف يتبادلان الاتهامات .. ولكن الوساطة الأمريكية نجحت في أن تعيد المياه إلى مجاريها بين البلدين فقدم نتنياهو اعتذارا عن الهجوم الدموي وألغت أنقرة كافة الإجراءات القانونية التي كانت اتخذتها ضد ضباط وجنود الاحتلال كما تم الاتفاق على أن تدفع إسرائيل 20 مليون دولار تعويضات لأقارب ضحايا السفينة مرمرة .. إلى آخر هذه البنود التي تدل على التطبيع السياسي والاقتصادي الكامل بين البلدين.
لاشك أن الظروف التي تمر بها المنطقة دفعت تركيا للبحث عن مصالحها الخاصة والتخلي عن مبادئ الخلافة التي كانت تنتهجها .. فالمهاجرون من ناحية والتهديد الكردي من ناحية أخرى يشكلون صداعا في رأس الحكومة التركية .. كذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي صعب من فرصة انضمام أنقرة إلى الاتحاد كما أن الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم أجمع نتيجة انخفاض أسعار النفط جعلت كل دولة تبحث عن بديل ينقذ الاقتصاد الوطني ومنها القطاع السياحي الذي تأمل تركيا أن يصل عدد السياح الإسرائيليين فيه إلى 500 ألف سائح .. إلى جانب أن الاتفاق الجديد سيفتح الباب أمام التعاون في استغلال الغاز الذي تتحكم فيه إسراائيل في البحر المتوسط.
لاشك أن أهم إضافة تسعى تركيا للحصول عليها من إعادة التطبيع مع إسرائيل هو كسب ثقة ورضا أمريكا وروسيا معا .. فكما أن الدولة العبرية تحظى برعاية أمريكا الكاملة فإنها كذلك بدأت في الآونة الأخيرة توطد علاقتها بروسيا وتم تبادل الكثير من الزيارات العلنية والسرية بين الطرفين خلال الشهور القليلة الماضية خاصة بعد أن وضعت موسكو لها موطئ قدم في منطقة الشرق الأوسط على حساب الهيمنة الأمريكية وبالتالي فإن الدولة الصهيونية لا تريد أن تفلت منها خيوط المتحكم في المنطقة لذلك فإنها تلعب دور الشريك الأصيل مع كلا الطرفين الأمريكي والروسي .. ومن هنا بحثت تركيا بعد أن فقدت الأمل في الانضمام للاتحاد الأوروبي عمن يعطيها ثقل ووزن في المنطقة فلم تجد سوى الدولة العبرية التي يتنامى دورها ليس على المستوى الإقليمي فقط بل الدولي أيضا بدليل فوزها برئاسة اللجنة القانونية بالأمم المتحدة رغم أنها الراعي الرسمي للإرهاب في العالم بارتكابها المجازر في حق الفلسطينيين جهارا نهارا على مرأى ومسمع من العالم كله.

* * *
وداعا رمضان .. وأهلا بالعيد
ساعات وينتهي شهر رمضان .. ويبقى أن يسأل كل منا نفسه هل حاله بعد انقضاء الشهر المبارك مثلما كان قبله أم أن هناك تغييرا في سلوكه وطريقة تفكيره وتعامله مع نفسه والناس ؟.
إن شهر رمضان المبارك يعتبر سوقا سنويا يعقده الله للمسلمين ثم ما يلبث أن ينفض وقد ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر واجتهد فيه من اجتهد رغبة في الوصول إلى المنزلة الرفيعة والمكانة العالية ببذل أقصى الجهد في شتى صنوف العبادة من صيام وصلاة وقيام وتهجد وذكر وتسبيح وقراءة قرآن وغيرها .. فالمسلمون ينتظرون شهر رمضان من السنة إلى السنة رغبة في الحصول على رضا الله سبحانه وطمعا في رحمته وغفرانه وأن ينالهم العتق من النار .. فيحرصون على الالتزام بالأخلاق الحميدة التي لا تظهر عند البعض إلا في رمضان فقط كالتصدق على الفقراء والتسابق في قراءة القرآن والحرص على الصلاة جماعة في المساجد وصلة الأرحام وقيام الليل وغيرها من المبادئ التي حث عليها ديننا طوال العام.
هنا نتساءل .. لماذا لا يستمر هذا الجو الإيماني الجميل على مدار العام سواء في رمضان أو بعد رمضان ؟!
للأسف كثير من المسلمين تفتر عزائمهم بعد انقضاء الشهر العظيم فيصيبهم الكسل والخمول فنراهم يؤخرون الصلاة ويهملون قراءة القرآن حتى تتراكم الأتربة على المصاحف ويبخلون بأموالهم على المحتاجين ولا يصلون أقاربهم حتى الدعاء قد يضنون به على أنفسهم وكأن العبادة الحقة انتهت بانتهاء شهر رمضان.
لاشك أن ما نراه من مظاهر إيمانية عظيمة في رمضان تثبت بما لا يدع مجالا للشك أننا قادرون على أدائها طوال العام فالمساجد مفتوحة ومستعدة لاستقبال المصلين خمس مرات كل يوم والمصحف موجود لنتلوه في رمضان وغيره والفقراء يعانون الحاجة على مدار السنة ولكننا للأسف نترك أنفسنا للشيطان يسوف لنا أقدارنا كيف يشاء.
إن مداومة الإنسان على الأعمال الصالحة دليل قبول الله جل شأنه لصومه وتلك الأعمال لذلك ينبغي علينا أن نجعل رمضان صفحة جديدة للتوبة والإنابة والمداومة على الطاعات واجتناب المعاصي فرب رمضان هو رب باقي الشهور .. فلنخصص وقتا من يومنا لقراءة جزء من القرآن ولنحرص على الصلاة في المساجد والتصدق والاستمرار على الأعمال الصالحة حتى يقبل الله طاعتنا في رمضان وغيره.
على كل منا أن يقف وقفة مع النفس قبل أن تجرفه الحياة فيقيم أفعاله في رمضان ويعاهد ربه على أن يلتزم بما فيها من أعمال صالحة .. فإذا كانت إرادته قد انتصرت في رمضان ويستحق على ذلك الاحتفال بالعيد الذي يعد جائزته الكبرى على صبره على صيامه وكبح جماح شهواته فإن هذه الإرادة الحديدية يجب أن نتحلى بها طوال العام حتى تنتشر المودة والرحمة والتكاتف والجود والكرم في مجتمعاتنا وتستطيع أمتنا الإسلامية مواجهة التحديات التي تحدق بها من كل جانب.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون أيامنا كلها أعيادا وأفراحا .. وكل عام وجميع المسلمين بخير.

* * *
حروف جريئة
مازال البعض يطلق الشائعات لزعزعة استقرار المجتمع .. فنشر أزياء عمانية "كمة ودشداشة" على مواقع التواصل الاجتماعي وبها إضافات تسيء للهوية العمانية وزخرفات وتعديلات ورسوم تخدش الحياء وهي غير موجودة أساسا في الأسواق كما أعلنت وزارة التجارة والصناعة يثير الإزعاج والقلق في المجتمع والخوف على تراثنا التليد .. زينا هو هويتنا فليحافظ كل منا عليه وليتمسك به دون تغيير حتى نحتفظ بالسمة الجميلة التي تميزنا بين الشعوب.

* * *
مسك الختام
قال تعالى "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون".