مأمون.. والحلقة 23

مقالات رأي و تحليلات السبت ٠٢/يوليو/٢٠١٦ ٢٠:٥٤ م
مأمون.. والحلقة 23

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

أكاد أجزم أن الحلقة الثالثة والعشرين من مسلسل مأمون وشركاه حالة خاصة في مسيرة (الزعيم) عادل إمام، كما تجسد (تفاهة) العمل الدرامي الذي يقدمه، وشاهد على انحدار، ليس الفنان الكبير فحسب، بل الدراما التي يقدمها باسم الكوميديا، وربما الدراما العربية، وليس أدل من ذلك، شريكه في البث الرمضاني المسلسل السوري باب الحارة، حيث تحول الزعيم الآخر أبو عصام إلى (محلّل) على مدار عدة حلقات، ويتحول المهرج (النمس) إلى بطل!
أما لماذا هذه الحلقة على وجه التحديد فإن الإشارات فيها واضحة..
لم يتعود عادل إمام إلا أن يكون البطل، فكيف تمر حلقة كاملة دون أن يظهر فيها هذا البطل (إلا أن تكون لقطة فاتتني سريعا)، والعمل حاضر بحضوره فقط، حيث اسمه يشكل الرافعة الحقيقية للعمل، وبدونه لا يستحق العرض!
توارى بطل المسلسل، مأمون المليونير البخيل، ليكون عاملا في السجن، حيث كل شيء مجهز له، من الملابس المكوية والنظافة التامة والمساجين الطيبين، فيكون مأمون زعيم السجن أيضا، كما هو حديث المجتمع بعد حادثة حريق مبنى البنك الذي كشف عن ثروته الطائلة، وفي خزائن لا يعرف محتواها إلا هو، والتي قدرت بنحو مليار.. بالتمام والكمال!!
الحلقة الـ 23 غيّبت البطل، وبقيت مناورة بين صورتين أساسيتين، حفل تهويد حفيد مأمون في البيت الذي يريد أبناؤه بيعه، حيث وصل الحاخام خصيصا لإقامة الطقوس، كون أم الطفل يهودية، في (تغييب) لبقية العائلة التي ذهبت إلى حفل عيد ميلاد، وهو الصورة الثانية في هذه الحلقة، والمتسمة بالرقص والاستعراض الجسدي، بحضور زوج ابنة مأمون، رجل الدين، الإرهابي بالضرورة، كما تقدمه أعمال عادل إمام منذ سنوات طوال.
تتنقل المشاهد بين حفلين، واحد في غاية السلام طلبا لتهويد طفل مصري، وآخر راقص يندس فيه إرهابي يعمل على تفجير البيت على رأس من فيه من اليهود (الطفل وأمه ووالدها، جدّ الطفل)، مع إضافة الصورة النمطية تجاه المتدينين، أو لنقل الجماعات الإسلامية، حيث "الضرورات تبيح المحظورات" كما يكرر أحدهم، وما يمكن رفضه دينيا قبوله محتمل إن كانت فيه مصلحة!
عبر هذا (السخف) الدرامي يواصل عادل إمام تشويه صورة الإسلام، وخطرها أشد كونها الرسالة الناعمة التي تأتي في قالب كوميدي تقدمه الدراما المصرية على قناة عربية، محسوبة على دولة خليجية، فلم نر النموذج المعتدل في هذه الأعمال وهي تقترب من رجل الدين الصالح الذي ننشده، ومعنا أطفالنا، مثالا صالحا للاقتداء به، فيأتي التعميم على أن الملتحي ليس أكثر من مشروع إرهابي يريد أن يقتل الكفار والمشركين، حيث الجهاد ليس البدء بمجاهدة النفس إنما يبدأ بقتل من نحكم عليه، وفق حساباتنا ورؤيتنا، بالقتل تفجيرا!
كان اليهودي يقرأ في سكينة وصمت، وربما يمكن قراءة الرسالة الإيجابية في ذلك، مقابل الانشغال العربي بالرقص والعمل الإرهابي، لكن اللعبة السياسية تعمل أيضا، ليس في هذا العمل وحده، على تكريس الحضور الإرهابي للشخصية المسلمة/ المتدينة/ أعضاء الأحزاب الإسلامية وبينها الإخوان، ومن يحمل المصحف ويطيل لحيته فهو ليس إلا متاجرا بالدين، وقنبلة موقوتة انفجارها مسألة وقت!