عزيزة الحبسية
انتشرت الحضارة الإسلامية في الغرب في عصور الإشعاع الحضاري الإسلامي الذي نقله المسلمون إليهم. وكان التأتير الإسلامى على أوروبا من خلال إسهاماته المتعددة التي أثرت على جوانب الحياة المختلفة كالفنون والزراعة والعمارة والطب والصيدلة. وقد نهلت أوروبا من علوم الحضارة الاسلامية وبصورة خاصة الترجمات العربية للفيلسوف الاغريقي أرسطو، وكانت علوم العرب قد انصهرت مع نهضة أوروبا.
أما اليوم، فعلى العكس، الاسلام كدين وكحضارة يعيش أكبر منحنياته الخطيرة، فهناك بطبيعة الحال التضليل السياسي والاعلامي الذي يستهدف الاسلام. وقد اكتسب هذا التضليل مساحة في الخيال الغربي الاوروبي، ما قدم للغرب صورة خاطئة ومعاكسة عن الاسلام والمسلمين، إلا أن صراع الحضارات يأبى إلا أن يخلق قنوات جديدة للتواصل وجسورا بين الامم ليختبر في النهاية الاسلام وقدرته على البقاء والانتشار.
وعندما نتحدث حول أسباب انتشار الاسلام في العالم بالامكان القول إن الصورة التي نقلتها الشخصية والثقافة الاسلامية للغرب كانت واحدة من أسباب انتشار الاسلام هناك، فالدعوة الاسلامية تقوم في كثير من قيمها وأسسها على مبادئ السلام والتسامح والتعاطي مع الاخر بقبول وبانفتاح وتسويق الاسلام على أساس أنه رسالة سماوية تهدف الى تعمير الارض وتكريم ورقي الانسان.
واحدة من القصص التي تؤكد على الجسور التي تؤكد على مبادئ الاسلام قصة أسرة بريطانية شاء القدر أن تتعرف على شاب جزائري مسلم جاء الى المملكة المتحدة للدراسة ثم قرر البقاء والهجرة حيث أصبحت أوروبا الجنة الموعودة لشريحة كبيرة من شباب المغرب العربي والافريقي، وقضي الشاب الجزائري عمرا هناك واختلط بحكم معيشته بالمجتمع الغربي إلا أن شخصيته الاسلامية تركت أثرها على من يتعامل معهم في المجتمع البريطاني.
الجميل في موضوع هجرة هذا الشاب أنه غير أفكار هذه العائلة لتثق في شاب مسلم يدخل بيتها وتأتمنه على أطفالها ونسائها. أخبرني رب الاسرة البريطانى أنه قلما كان يؤمن على بيته وأسرته من أي شاب يدخل بيته وهو لا يرحب كثيرا بالشباب إلا أن هذا الشاب المسلم كان شيئاً مختلفاً فاحتضنته عائلة ديسموند ورحبت به ليصبح أخاً وصديقاً للعائلة صغيرها وكبيرها.
لقد ضرب هذا الشاب نموذجاً للشاب المسلم الذي يراعى الأمانة في البيت الذي يدخله وقد أثبت ذلك من خلال سنين قضاها مع وبين هذه الاسرة.. حتى صار يعرف أفراد هذه الاسرة عن الاسلام الكثير من خلال هذا الشاب الجزائري، يعرفون عن مواضيع الصلاة وعن الحج الاكبر وعن أيام الصيام والشهر الفضيل وعن تحريم الاسلام للخمر وللقمار كأفعال وممارسات خبروا في مجتمعهم أنها تورث الهلاك والدمار والانحلال والجريمة. وتبدو هذه الافكار التي يحملها الدين الاسلامي للانسان وللانسانية بالنسبة لهم مغرية وجذابة، لينتقل الاسلام الى الغرب بسلوك ينقله المسلم ممارسة وفعلا وعملا، سلوك يظهر احتراماً للانسان وينقل صورة يفترض للمسلم نقلها عن هذا الدين العظيم.