مسقط - سعيد الهاشمي
قال مدير دائرة الشؤون الفلكية بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية م. عمار بن سالم الرواحي إن السلطنة تعتمد على رؤية الهلال وتأخذ بما يقرره علم الفلك في حالة "الاستحالة".
وأضاف في حوار مع "الشبيبة" أن هناك عدة معايير تنتهجها الدول لمعرفة دخول أشهر السنة الهجرية، موضحاً أن بعض الدول تأخذ بالرؤية وبعضها تأخذ بالحساب أو بالاقتران ولكن أغلبها تأخذ بالرؤية.
وأكد الرواحي أن اختيار هذه المعايير يتم من قبل الفقهاء وليس من الفلكيين، لكونها مسألة شرعية، بينما الفلك يخدم الجانب الشرعي في مسألة الحسابات ومدى إمكانية رؤية الهلال.
الحسابات الفلكية
وعن الحسابات الفلكية قال الرواحي إن التقويم ككل من بدايته إلى آخره ومن توقيت للصلاة إلى دخول الأشهر الهجرية كلها تتم بالحساب، والحسابات الفلكية موجودة منذ قرون وفق معادلات رياضية دقيقة، ويمكن استخراجها لقرون مقبلة، وهي حسابات دقيقة، فالكون يتحرك بدقة متناهية.
وأضاف: مع توفر التقنيات الحديثة والتطبيقات للحواسيب والهواتف، وجدت برامج حسابية تتعلق بالحسابات الفلكية تحسب حركة الأجرام السماوية، كما أنها متنوعة، فهناك برامج محاكاة وهي لعامة الناس، وهناك برامج متخصصة وهي أدق في إعطاء المعلومات ويمكن الاستفادة منها مع الأخذ في الاعتبار المعادلات الرياضية المستخدمة.
حالة الاستحالة
وشرح الرواحي حالة الاستحالة بالقول: هناك عدة حالات للهلال منها الاستحالة، وتعني أن رؤية الهلال غير ممكنة قطعاً، وذلك حين ينزل الهلال قبل أو مع غروب الشمس. وبين أن السلطنة تعتمد على علم الفلك في هذه الحالة كون الهلال غير موجود أساساً فوق الأفق.
وأشار إلى أن هناك حالة أخرى يستأنس فيها بعلم الفلك وهي حين تشير الحسابات إلى عدم إمكانية الرؤية من حيث إن القمر يغرب بعد الشمس ولكن ارتفاعه عن الأفق الغربي يكون قليلاً والفترة الزمنية والمسافة الظاهرية الفاصلة بين القمر والشمس لا تسمح برؤيته.
وحول الحالة الأخيرة وهي إمكانية رؤية القمر أوضح أن هذا يمكن تصنيفه إلى جزأين الأول إمكانية رؤيته بالمناظير الفلكية فقط، وفي هذه الحالة تكون الرؤية بين الصعبة والسهلة، والثاني إمكانية رؤيته بالعين المجردة ولكن ذلك يقترن بصفاء الجو، وفي هذه الحالة ليس شرطاً أن تتم رؤية الهلال، فقد تشير البيانات لإمكانية رؤيته بسهولة ولكن لا يرى في ذلك اليوم بسبب الظروف الجوية.
ثلاث لجان
وقال مدير دائرة الشؤون الفلكية بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية إن لدى الوزارة ثلاث لجان أولاها اللجنة الرئيسية برئاسة معالي الشيخ وزير الأوقاف والشؤون الدينية وعضوية سماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة وأهل العلم وأصحاب الفضيلة القضاة، وهناك اللجان الفرعية ودورها استقبال البلاغات من عامة المجتمع والتحقق منها، ثم تحال البلاغات للجنة الرئيسية، فاللجنة الفرعية تتأكد من هذه البلاغات وتسلم النتائج للجنة الرئيسية التي هي بدورها تعلن عن يوم دخول الشهر، كما أن هناك لجاناً ميدانية لرصد الأهلة مكونة من 25 لجنة تتكون كل منها من واعظ وإمام وعضو من الجمعية الفلكية العمانية ومن يشاركهم من المواطنين، وفي كل لجنة هناك أجهزة متخصصة في رصد الهلال، ويتم الإشراف على هذه اللجان الميدانية من قبل دائرة الشؤون الفلكية.
التحقق من البلاغات
وبسؤاله عن كيفية التحقق من البلاغات الواردة من المواطنين قال الرواحي: بالنسبة لرؤية هلال رمضان وشوال عندما يأتي أي بلاغ من المواطنين يتم تسليم هذه البلاغات للجان الفرعية، التي تتواصل بدورها مع الشاهد بحيث لا تقلل من جهده، ولكن لتتحقق عن ماهية ما رآه وتطرح عليه عدة استفسارات حتى تتأكد من المعلومات المتوفرة لديه ما إذا كانت متوافقة مع المعطيات العلمية الدقيقة أم لا، ويتم تسليم هذه النتائج إلى اللجنة الرئيسية التي تتولى اتخاذ القرار.
وأوضح أنه في بعض الأحيان قد يكون هناك توهم عند بعض الشهود فتعرض الشهادة على جميع المعطيات المتوفرة، العلمية منها والشهادات الأخرى لزيادة الموثوقية.
وأشار الرواحي إلى أن احتمال أن تكون الرؤية لكوكب آخر غير القمر "أمر وارد"، موضحاً أنه منعاً لأي خطأ من هذا النوع أو غيره فقد وضعت آليات علمية تتم متابعتها من قبل متخصصين في علم الفلك، يتبينون من كل معلومة واردة مع وجود متخصصين في العلوم الشرعية.
أسباب التشكيك
وتطرق الرواحي في حديثه إلى الأسباب التي تدفع البعض إلى التشكيك في رؤية الهلال لا سيما عندما تتم مشاهدة الهلال مرتفعاً في اليوم الثاني، فبين أن ارتفاع الهلال وكبر حجمه شيء طبيعي لا يدل على خطأ في الرؤية، فالقمر يدور حول الأرض في الشهر مرة واحدة، ويومياً يزيد مكثه في السماء أكثر من اليوم السابق بمتوسط 50 دقيقة ويرتفع بمتوسط 12 درجة عن اليوم السابق.
وأشار إلى أن الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أن النظر في ارتفاع وحجم الهلال لا عبرة به. كما جاء فيها أن جماعة من المسلمين كانوا في سفر إلى الحج فلما كانوا بذات نخلة تراءى الناس هلال ذي الحجة فمنهم من قال هو لليلتين، ومنهم من قال هو لثلاث ليال، أي رأوه مرتفعاً وكبيراً جداً حتى أن منهم من قال هو لثلاث ليال، ومنهم من قال هو لليلتين، فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هو لليلة رأيتموه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: إن الله عظّمه لكم لتروه.
وأضاف: هنا لا معنى للتشكيك في هذا الأمر، وبعض عوام الناس تراقب الهلال فقط في رمضان وشوال وهذا يجعلهم غير مدركين لموقع الهلال وارتفاعه.
الاختلاف بين الدول
وعن الاختلاف بين الحين والآخر بين السلطنة والدول المجاورة وما يبرر ذلك، أكد الرواحي أن السلطنة هي أول دولة في الوطن العربي تغرب عنها الشمس، وبالتالي فهي تعلن عن الرؤية قبل غيرها، ما يعني أنه لا يمكن القول إنها تتعمد الاختلاف، كما أن للسلطنة معيارها المستقل في الرؤية، في حيت أن بعض الدول تأخذ بمعايير أخرى.
وأشار في هذا الإطار إلى أن هناك مقترحات كثيرة في هذا الشأن، كما أن هناك مؤتمراً تم عقده في تركيا قبل ثلاثة أسابيع لإيجاد تقويم هجري موحد وشارك فيه ممثلون لقرابة 60 دولة، حيث كان هناك مقترحان، الأول مقترح التقويم الأحادي، والثاني مقترح التقويم الثنائي.
وشرح الرواحي الفرق بين التقويمين بالقول: التقويم الأحادي أن أي بقعة على اليابسة في الأرض يمكن رؤية الهلال فيها، يعتد برؤيتها في جميع دول العالم. أما المقترح الثنائي فيقسم العالم إلى نصفين، نصف للجانب الغربي للأمريكيتين والدول القريبة منها، والنصف الآخر للجانب الشرقي من شرق آسيا إلى الدول الأوربية، فإذا كانت هناك إمكانية لرؤية الهلال في النصف الشرقي في أي منطقة منه يعم ذلك الجميع، والوضع نفسه بالنسبة للجانب الغربي، وقد يتوافق العالم في بعض الأشهر.
وذكر أن في هذين المقترحين تفاصيل أخرى موضع نقاش وأخذ ورد بين الفلكيين والمتخصصين في العلوم الشرعية.
وبين أن المؤتمر خلص بعد التصويت إلى ترجيح كفة التقويم الأحادي. وأرجع ذلك لرغبة هذه الدول في تسهيل معرفة يوم الصيام ووقت العيد للجاليات الإسلامية الموجودة في الدول غير الإسلامية.
واستدرك بالقول إن هذا المقترح محاولة لإيجاد تقويم مدني اصطلاحي فقط، وإن للدول الحرية بأخذ هذا المقترح أو تركه.
عيد الفطر
وتساءلت "الشبيبة" عن موعد عيد الفطر للعام الجاري، وبعض التصريحات التي تشير إلى أنه سيكون يوم الأربعاء السادس من يوليو، ما أكد الرواحي أنه لا يمكن التصريح به إلا في حالة استحالة الرؤية.
وأضاف أن اللجنة الرئيسية هي فقط المخولة بهذا الإعلان، حتى وإن كانت رؤية الهلال سهلة، فهذا لا يعني بأن رؤيته مؤكدة.
وقال: هنا تكمن جهود اللجان والمجتمع بالتحري، فلذلك مهما كانت إمكانية رؤية الهلال سهلة لا يمكن تحديد دخول الشهر إلا بالتحري، ولكن دور علم الفلك يبين مدى إمكانية الرؤية.
الصوم في وكان
وعلق الرواحي على الخبر الذي انتشر في وسائل الإعلام العالمية الخارجية ووسائل التواصل الاجتماعي كذلك ومفادة أن قرية وكان في جنوب الباطنة تصوم ثلاث ساعات مؤكداً أن الخبر مغلوط ولا أساس له من الصحة، فموعد الشروق والغروب لا يؤخذ من سقوط إشعاع الشمس على المنطقة وإنما من الشروق والغروب في الأفق الحقيقي، وليس أفق الجبل.
-----------------------------------------------------------------
الحسابات الفلكية: الرؤية سهلة
أظهرت الحسابات الفلكية لرؤية هلال شوال 1437 هـ يوم الثلاثاء بتاريخ 29 رمضان 1437 هـ الموافق 5 يوليو 2016 في مدينة مسقط أن القمر سيكون في مرحلة الاقتران المركزي في اليوم السابق، أي يوم الاثنين بتاريخ 28 رمضان 1437هـ الموافق 4 يوليو 2016م عند الساعة الثالثة ودقيقة (15:01) مساء بالتوقيت المحلي للسلطنة، ويكون في مرحلة الاقتران السطحي عند الساعة الرابعة وسبع وعشرين دقيقة (16:27) مساء بالتوقيت المحلي للسلطنة، إلا أن القمر سينزل في يوم الاقتران قبل غروب الشمس.
أما في يوم الثلاثاء 5 يوليو 2016 فسينزل القمر عند الساعة السابعة وأربع وأربعين دقيقة (19:44) مساءً، وتغرب الشمس عند الساعة السادسة وثمانٍ وخمسين دقيقة (18:58) مساءً، أي أن القمر سينزل بعد غروب الشمس بحوالي 46 دقيقة. وعند الغروب سيكون عمر الهلال من الاقتران المركزي 27 ساعة و57 دقيقة.
ويبلغ أكبر مكث للقمر في السلطنة 51 دقيقة تقريباً كما هو الحال في ضلكوت، حيث ستكون الرؤية سهلة بإذن الله في حالة صفاء الجو وتوفر الظروف الجوية المناسبة.