تقرير إخباري: اعترافات "الإخوان المسلمين" وتراجعات تركيا.. رسائل بانتظار رد مصر

مؤشر السبت ٠٢/يوليو/٢٠١٦ ٢٠:٢٥ م
تقرير إخباري:
اعترافات "الإخوان المسلمين" وتراجعات تركيا.. رسائل بانتظار رد مصر

القاهرة - خالد البحيري
"إني أعترف".. عنوان برنامج يقدمه حمزة زوبع أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين على إحدى الفضائيات التابعة لما يسمى بـ"تحالف دعم الشرعية"، عرضت أولى حلقاته مع بداية شهر رمضان المبارك، وعلى مدى 20 يوما كانت اعترافات الضيوف، وهم إما من القيادات الوسطى للجماعة أو من أمراء وقيادات التيار السلفي والجماعة الإسلامية.
بدا واضحا من هذه الاعترافات أن الجماعة أرادت أن ترسل عدد من الرسائل لعدة جهات، منها المجتمع المصري، القيادة السياسية في مصر، قواعد الجماعة والمتعاطفين معها من المصريين وغيرهم، قيادات الجماعة التاريخية، المتواجدين بالسجون، أو خارج مصر.
الرسالة الأولى: أن القيادات التاريخية هي التي أوصلت الجماعة إلى هذا النفق المظلم، وأن الاستبداد بالرأي والاعتماد على "السمع والطاعة" جعلهم يتصورون أن الجماعة يمكن أن تكون بديلا عن الدولة المصرية، وليس أحد مكونات المجتمع المصري.
الرسالة الثانية وهي موجهة بالأساس إلى قواعد الجماعة: أن قيادات الجماعة ارتكبت خطأ تاريخيا فادحا بعدولها عن قرار عدم الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2012، وخوض الانتخابات رغم المعارضة الشديدة من جانب الكثير من أعضاء مكتب الإرشاد آنذاك، وأن هذا القرار الخاطئ جلب دمار للجماعة وسجنا وتشريدا للكثير من المنتمين إليها.
الرسالة الثالثة ومفادها: أن الجماعة بالأساس لم يكن لديها مشروع لتشكيل الحكومة، ولا حتى برنامج للحكم بالرغم من وصول 88 نائبا منها للبرلمان عام 2005، وأن أدبيات الجماعة لم يكن من بينها حكم البلاد.
الرسالة الرابعة: كان هناك خطأ في تدشين حزب الحرية والعدالة، لأن الجماعة بالأساس دعوية وعديمة الخبرة في العمل الحزبي، صحيح أن لها كوادر تشارك في الانتخابات النقابية والعمالية والبرلمانية، لكن ذلك كان يأتي بالتنسيق مع الدولة أحيانا، أو مع من لهم خبرة بالعمل الحزبي أحيانا أخرى.
الرسالة الخامسة: تمهيد الطريق للتخلي عن العمل السياسي والعودة إلى العمل الدعوي فقط، ومن أراد من أعضاء الجماعة ممارسة العمل السياسي يمكنه الانضمام إلى أي من الأحزاب القائمة، وليس إلى حزب الإخوان أو أحزاب التيارات الدينية.
الرسائل الخمس السابقة تم الدفع بها على لسان عدد من قيادات الجماعة وجاءت بعبارات تتضمن اعترافا مبطنا بالأخطاء التي دفعت بالملايين إلى الخروج إلى الشوارع في 30 يونيو 2013: "اعتمدنا على أهل الثقة وليس الخبرة"، "الجيش والشرطة مؤسسات وطنية تضم كثيرا من الضباط الوطنيين المحبين لمصر"، "لم نطالب بإسقاط حسني مبارك في ثورة 25 يناير وإنما كانت لنا مطالب تتعلق بتغيير بعض السياسات"، "لم نتوقع ثورة 25 يناير، ولم نكن مستعدين لما حدث بعدها".
بدا واضحا من اعترافات الضيوف أيضا اتساع الشرخ بين قيادات الجماعة التاريخية مثل محمود حسين وإبراهيم منير والقيادات الوسطى، وجاءت الاتهام للكبار بعدم الإيمان بالديمقراطية أو الانتخابات داخل الجماعة، والاستبداد والتحكم. كما جاءت الاعترافات صريحة بأن شباب الجماعة في مصر انفصلوا عن القيادات ويتحركون وفق رؤيتهم دون قيادة على الأرض.

الزج بالسلفيين
الغريب أن الجماعة وقياداتها وهي تحاول تضميد جراحها وارسال برقيات الاعتذار غير الصريح، ورسائل الطمأنة للنظام المصري كانت تلوح بورقة السلفيين، في محاولة للمقارنة بين نهج الجماعة "المتسامح" كما يرون أنفسهم، والنهج المتشدد الذي يصل إلى التطرف من قبل تيارات أخرى، وكأن الرسالة: "نحن الإخوان نفكر ونتعامل دون عنف وبالتالي لا غنى للدولة المصرية عنا، لمواجهة التيارات الأكثر تشددا وعنفا والذين لو تركت لهم الساحة لكانت العواقب وخيمة".
كانت هذه الرسالة واضحة في استضافة أحد أمراء الجماعة الإسلامية في أسيوط ويدعى عامر عبد الرحيم، والذي لوح بأن هناك ثأرا بين الجماعة والأمن الوطني وأنهم يعرفون أسماء الضباط الحقيقة وليست المستعارة، استعدادا للحساب حينما تسمح الظروف.
هنا تدخل المذيع الإخواني ليؤكد أن: "التغيير بالقوة أو استخدام العنف له أضرار كثيرة وأن أول المتضررين منه من يتبنون هذا النهج، وأن ذلك يعطي مبررا لعنف مضاد من قبل الأجهزة الأمنية، وأن التغيير عن طريق السلمية أكثر إيجابية وأقل ضررا على المجتمع ككل".
وفيما يبدو أنه اعتذار عن أحد الأخطاء التاريخية جاء التأكيد على أن اغتيال الرئيس الأسبق محمد أنور السادات كان خطأ جسيما وأن من قاموا بذلك دفعوا الثمن غاليا.

تراجعات تركيا
لا يمكن فصل هذا المشهد عن مشهد آخر مواز له وهو تراجع القيادة التركية عن موقفها العدائي ضد مصر منذ 30 يونيو 2013، والتأكيد صراحة على الرغبة التركية في تطبيع العلاقات مع مصر من جديد في أقرب فرصة، ويمكن الربط بين المشهدين بأن تركيا هي التي وجهت الإخوان لهذه التراجعات والاعترافات من أجل التخلص من هذه المسألة التي تمثل حجر عثرة في طريق العودة إلى علاقات متميزة مع مصر مثلما كان الحال قبل ثورة 25 يناير 2011.
ويبدو أن تركيا قررت أن تنهي خلافاتها مع مصر تدريجياً، وذلك بعد أن انهته مع اسرائيل وروسيا، حيث قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إنه لا مانع من تطوير العلاقات الاقتصادية بين تركيا ومصر وعقد لقاءات بين مسؤولي البلدين.. يمكن أن يذهب مستثمرونا إلى مصر، وأن يطوروا من استثماراتهم، وقد يؤدي ذلك مستقبلا لتهيئة المناخ لتطبيع العلاقات، وحتى إلى بدء علاقات على مستوى الوزراء، لا يوجد ما يمنع حدوث ذلك وليست لدينا تحفظات فيما يتعلق بهذا الموضوع. وأضاف: من الممكن إجراء زيارات متبادلة بين المسؤولين ورجال الأعمال في البلدين، واتصالات متبادلة تتعلق بالمجال العسكري.