تيريزا ماي.. تاتشر بريطانيا الجديدة؟

الحدث الجمعة ٠١/يوليو/٢٠١٦ ٢٢:٥٤ م

لندن –
تبدو وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي التي بقيت بعيدة عن الحرب الداخلية في حزب المحافظين في حملة الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، مرشحة توافقية لتولي رئاسة الوزراء بعد ديفيد كاميرون، لا سيما بعد انسحاب بوريس جونسون من السباق.

ويوضح استاذ العلوم السياسية في جامعة باث ديفيد ماتس لوكالة فرانس ان ماي «ابتعدت عن الاضواء في اثناء الحملة ما يتيح لها كسب تاييد اوسع في اوساط الحزب المحافظ» لتكون «المرشحة التي توقف بوريس».
ويرى تيم اوليفر من معهد «لندن سكول اوف ايكونوميكس» ان رئيس الوزراء المقبل «لا يجب بالضرورة ان يكون شخصية انخرطت في حملة البريكست».
واعتمدت تيريزا ماي البالغة 59 عاما خطا حازما جدا في وزارة الداخلية، سواء في ملفات الجانحين او المهاجرين غير القانونيين او الدعاة الاسلاميين.
كما انها فاجأت الجميع في مطلع العام بالاعلان عن الدفاع عن حملة البقاء في الاتحاد، في بادرة اخلاص لرئيس الوزراء، رغم انها من المشككين في فكرة اوروبا.
لكنها ادت واجبها بالحد الادنى، مدافعة حتى عن ضرورة الحد من الهجرة، احدى النقاط الرئيسية لدى مؤيدي الخروج.
وحـــدا هـــذا الموقف التوافقي بصحيـــفة «صنداي تايمز» الى تقــديمها على انها «الشخصـــية الوحـــيدة القادرة على توحيد التيارات المتخاصـــمة في الحزب» المحافظ.

«مارغريت تاتشر جديدة» –

بدأت ابنة القس الانغليكاني تيريزا ماي حياتها السياسية في 1986 بعد دراسات في الجغرافيا بجامعة اكسفورد وفترة قصيرة في بنك انكلترا (البنك المركزي). وانتخبت يومها مستشارة في مجلس منطقة ميرتون الميسورة.
بعد فشل ترشيحين الى الانتخابات التشريعية، انتخبت في 1997 نائبة عن المحافظين في دائرة ميدنهيد المزدهرة في بيركشير (جنوب انجلترا).
في 2002 و2003، كانت ماي السيدة الاولى التي تتولى الامانة العامة للحزب المحافظ. وبرزت خصوصا في خطاب وصفت فيه المحافظين الذين كانوا اكثر يمينية آنذاك بانه «حزب اشرار»، ما عاد عليها ببعض العداوات.
وبين 1999 و2010، تولت ماي مناصب عدة في حكومة الظل للمحافظين الذين كانوا وقتها في صفوف المعارضة، وكلفت حقائب البيئة والعائلة والثقافة وحقوق المرأة والعمل. وفي 2005، دعمت ديفيد كاميرون بشكل كبير.
لاحقا عند انتخابه رئيسا للحكومة في 2010، اصبحت وزيرة للداخلية، الحقيبة التي ستحتفظ بها مع اعادة انتخاب رئيس الوزراء في 2015.
اطلق عليها نتيجة مواقفها الحازمة لقب «مارغريت تاتشر الجديدة»، في اشارة الى رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة التي كانت توصف بـ »المرأة الحديدية».
واشارت صحيفة «ديلي تلغراف» التي تعتبرها اقوى سيدات الساحة السياسية في البلاد الى انها «بلغت القمة بفضل تصميم شرس».
لكنها تلقى الاشادات اولا بفضل اندفاعها في العمل اكثر من الكاريزما، ما قد يضر بها احيانا بالمقارنة مع بوريس جونسون الذي قاد حملة الخروج من الاتحاد الاوروبي والذي يحسن ادارة ظهوره التلفزيوني ولقاءاته العامة.
وتيريزا ماي متزوجة بفيليب جون ماي منذ 1980 وليس لديهما اولاد. وهي تهوى رياضة المشي والطبخ.

مسيرة

ولدت في الأول من أكتوبر 1956 في إيستبورن، تلقت تعليمها في مدرسة هولتون بارك للبنات وكلية أكسفورد. ثم تزوجـــت مـــن فيليــب ماي، وليـــس لـــديها أطفال.
تعرف بهدوئها السياسي، وبدت ذكية خلال الاستفتاء الأخير ببقائها خارج حلبة الصراع ومراقبة ما حـــولـــها، وفقا لصحيفة التلغراف».
عملت ماي في بنك إنجلترا، وجمعية خدمات المقاصة (APACS) قبل أن تصبح نائبة في البرلمان منذ عام 1997.
وأصبحت عام 2016 الأوفر حظا لتحل محل كاميرون لزعامة حزب المحافظين ورئاسة الوزراء.
وكتبت ماي في رسالة نشرتها صحيفة «تايمز»، الخميس، إن البلاد تحتاج إلى قائد قوي ومعترف بمؤهلاته، بعد الاستفتاء، لاجتياز فترة من الغموض الاقتصادي والسياسي، ولإجراء مفاوضات حول أفضل الطرق للخروج من الاتحاد الأوروبي، حسب تعبيرها.
وأعلنت اعتزامها تطبيق «برنامج جذري من الإصلاحات الاجتماعية» لجعل بريطانيا «بلدا في خدمة الجميع».
وكان كاميرون قد عين تيريزا ماي وزيرة للداخلية عام 2010 عند انتخابه رئيسا للوزراء. وبقيت في هذا المنصب بعد إعادة انتخابه عام 2015.
وأبدت السيدة التي توصف بأنها «مارغريت تاتشر الجديدة» قدرا كبيرا من الحزم في مواجهة مرتكبي الجنح والمهاجرين السريين والدعاة الإسلاميين.
وماي من المشككين في جدوى الاتحاد الأوروبي، لكنها اختارت في بداية العام الجاري الوقوف إلى جانب كاميرون والدفاع عن بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد، لكنها دافعت في الوقت نفسه عن الحد من الهجرة، وهو موضوع محوري لدى مؤيدي الخروج من الاتحاد.
ودفعت هذه المواقف التصالحية صحــيفة «صـــنداي تايمز» إلى وصفها بأنها «الشخصية الوحيدة القادرة على توحيد الأجنحــــة المتــناحــرة داخل حزب» المحافظين.
وسيعرف اسم رئيس الوزراء البريطاني الجديد في التاسع من سبتمبر بعد تصويت أعضاء حزب المحافظين البالغ عددهم 150 ألفا، للاختيار بين مرشحين يعينهما نواب الحزب.

استطلاع

مع إعلان حزب المحافظين البريطاني فتح باب الترشيحات لاختيار زعيم جديد للحزب، بدلا من رئيس الوزراء المستقيل، ديفيد كاميرون. قال استطلاع رأي إن وزيرة الداخلية تيريزا ماي تقدمت على بوريس جونسون في نيل المنصب.
وذكرت «لجنة 1922»، التي تتمتع بنفوذ واسع في الحزب البريطاني الحاكم أنه يجب اختيار زعيم جديد للحزب بحلول الثاني من سبتمبر المقبل.
وقالت اللجنة عقب اجتماع طارئ يوم الاثنين الفائت إن الترشيحات لقيادة الحزب ستبدأ يوم الأربعاء وتنتهي الخميس، وبعدها يقوم نواب الحزب في البرلمان باختيار مرشحين اثنين، من أجل التصويت عليهما خلال عملية اقتراع يشارك فيها أعضاء الحزب.
وكان كاميرون قد أعلن أنّه سيتنحى عن منصبه بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. ويعتبر بوريس جونسون الذي كان من أبرز الشخصيات المحافظة في معسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي الأوفر حظا لخلافته، لكنّ عددا من الشخصيات البارزة الأخرى في الحزب بدأت تبحث احتمال السعي لزعامته، وتنافسه وزيرة الداخلية تيريزا ماي التي كانت مؤيدة للبقاء في الكتلة الأوروبية.

تضييق الهوة

وحسب استطلاع أجرته مؤسسة (يوغوف) لصالح صحيفة (إنديبندانت) فإن الوزيرة ماي ضيّقت الهوة مع منافسها جونسون عمدة لندن السابق، حيث الأجواء العامة ترى فيها الأفضل لمنصب رئيس الحكومة.
وقال الاستطلاع إن ماي حصلت على أصوات 19 %من الجمهور مقابل 18%لبوريس جونسون، وجاء وزير العدل مايكل غوف في الموقع الثالث برصيد 5%، جورج أوزبورن 3 %، ساجد جاويد 3%، ليام فوكس 3 %، ستيفن كراب 2%، جيرمي هنت 1 %، وأندريا ليدســـوم 1 %.

واشار الاستطلاع الى أن الوزير ماي تفوقت أيضاً بنسبة 31 في المائة من الناخبين المحافظين، مقارنة مع 24 في المائة بالنسبة إلى جونسون.