انقرة - القدس المحتلة – زكي خليل – علاء المشهراوي - وكالات
وقعت تركيا وإسرائيل امس الثلاثاء اتفاق إعادة تطبيع العلاقات بين الجانبين الذي أعلن رئيسا وزراء الجانبين يوم أمس الاول التوصل إليه.
وذكرت وكالة "الأناضول" التركية للأنباء أن مستشار وزارة الخارجية التركية فيريدون سينيرلي أوغلو قام بتوقيع نص التفاهم في مقر الوزارة بالعاصمة أنقرة.
من جانبها، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن المدير العام لوزارة الخارجية وقع الاتفاق امس في القدس.
وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم صرح أمس الاول بأن تفعيل السفارات وتعيين سفراء لدى الجانبين سيتم فور مصادقة الطرفين على التفاهم.
ازمة
من جانب اخر يثير اتفاق المصالحة الاسرائيلي- التركي، ازمة سياسية داخل حكومة نتنياهو كما يبدو. فقد قال وزير كبير في المجلس الوزاري السياسي – الامني، "رئيس الحكومة يحولنا الى ختم مطاط". واحتج الوزير على طرح الاتفاق للنقاش في المجلس الوزاري للمصادقة عليه بعد توقيعه فقط. وقال الوزير: "قيامه بإحضار حقيقة واقعة لنا يعتبر خطوة حقيرة". ورغم ان هذا الانتقاد ليس من المتوقع ان يؤدي الى الغاء الاتفاق، الا انه يدل على عمق الأزمة السياسية التي تولدت في اعقابه.
وقالت صحيفة "يديعوت احرونوت" مهما احتدت المواجهة داخل الحكومة حول اتفاق المصالحة، فانه يبدو أنه لا يواجه أي خطر. فدستور الحكومة والكنيست يلزم الحكومة على مناقشة الاتفاق، لكن رئيس الحكومة ليس ملزما بالحصول على مصادقة الوزراء. والجهة الوحيدة التي يمكنها رفض الاتفاق، حتى بعد توقيعه بالأحرف الاولى، هو المجلس الوزاري المصغر، الذي يتوقع التصويت فيه على الاتفاق اليوم، وفي حال عدم حدوث أي تغيير دراماتيكي، يتوقع حصول نتنياهو على دعم واضح من قبل المجلس الوزاري، علما ان المعارضين الوحيدين المتوقعين هم وزير الامن افيغدور ليبرمان، ووزير التعليم نفتالي بينت، ووزيرة القضاء اييلت شكيد. واذا تم بعد ذلك تقديم التماس ضد قانونية الاتفاق، فانه من المتوقع رفضه، لأن المحكمة العليا لا تتدخل بالقرارات السياسية.
مع ذلك فان الأزمة السياسية بالغة الاهمية. اولا، المعارضة الشديدة لليبرمان تشكل اول مواجهة بينه وبين نتنياهو منذ تم تعيينه وزيرا للأمن، قبل ثلاثة اسابيع، بعد جلوسه لسنة في المعارضة، وانتقاده الشديد لرئيس الحكومة في كل فرصة. واعلن ليبرمان خلال محادثة مغلقة مع نواب كتلته، امس، معارضته للاتفاق، وقال انه "لا يبدو حاليا انه سينطوي على شيء يغير موقفي". وانتقد وزير الامن قرار دفع تعويضات لعائلات نشطاء الارهاب الذين كانوا على متن "مافي مرمرة"، لكنه اوضح بأنه لا ينوي ادارة حملة عامة ضد الاتفاق او انتقاده على الملأ.
بالإضافة الى ذلك، يمكن لنتنياهو سماع معارضة بينت وشكيد خلال اجتماع المجلس الوزاري. وقد حرص وزيرا البيت اليهودي، بينت وشكيد، على عدم التصريح في هذا الشأن، وادعيا انهما يحتاجان لدراسة تفاصيل الاتفاق قبل التعقيب عليه – لكنه حسب ادعاءات مسؤولين كبار في الحزب، فانهم يتحفظون بشكل خاص من قرار دفع التعويضات لتركيا. وستكون هذه هي الحالة الثانية التي يواجه فيها نتنياهو الانتقاد من الجهات اليمينية المتشددة في حكومته، والتي يدير معها صراعا دائما على اصوات الناخبين اليمينيين. ووصل انتقاد آخر من جهة وزير الزراعة اوري اريئيل الذي بعث باحتجاج الى نتنياهو وادعى ان قرار المصادقة على الاتفاق في المجلس الوزاري وليس في الحكومة غير ديموقراطي.
ونشرت "يديعوت احرونوت" ان جنود البحرية الذين تواجدوا على سطح سفينة مرمرة، وتلقوا الضربات، ونشرت صورهم في العالم كله، وترسخ الحادث في وعي افراد وحدة النخبة هذه، وهؤلاء تلقوا نبأ التوصل الى اتفاق المصالحة مع تركيا بمشاعر مختلطة. انهم يصرون على انه ليس لديهم ما يعتذرون عنه، لكن غالبيتهم يقولون انهم سيواصلون قدما ولا ينشغلون بكرامتهم.
وقال احد جنود البحرية (ش) لصحيفة "يديعوت احرونوت" ان "هذا الحادث كان صعبا لنا، رغم انه مضت ست سنوات الا ان الجرح لم يلتئم". وأضاف: "امل ان يكون هذا الاتفاق مجديا وان تكون معايير رئيس الحكومة نابعة من مصلحة الدولة وليس من مصالح سياسية. انا لا اعرف ما هي المعايير الحقيقية التي قادت الى القرار. احداث ذلك اليوم لا تزال ترافقني. لقد اصبت خلال السيطرة على السفينة بجراح لا زلت اعاني منها حتى اليوم، ولكن الى جانب ذلك، انا مستعد للتخلي عن كرامتي والصفح من اجل مستقبل اولادي واحفادي. هل اقول بأن هذا الاتفاق جيد بالنسبة لي؟ لا بتاتا".
كما احتج (أ) على اجزاء من الاتفاق، وقال: "هناك شيء يثير الاستفزاز في حقيقة ان اسرائيل يجب ان تدفع تعويضات لتركيا. لقد تلقيت ضربات بقضيب حديد وشاهدت العيارات التي اطلقت من اسلحة "المخربين". كنا نعرف بأنه لا يتواجد على متن السفينة نشطاء سلام سيستقبلوننا بالورود، ولكننا لم نستعد ايضا لوجود "مخربين" هناك. حاولنا الامتناع الى اكبر حد عن استخدام القوة، ومن المؤسف مقتل تسعة اتراك، لكننا لو لم نتصرف بانضباط لكان يمكن سقوط عدد اكبر من القتلى". وحسب اقواله: "ليس هناك ما نعتذر عنه. كان هناك نشطاء على السفينة حاولوا قتلي. ولكن مع ذلك فان المصلحة السياسية اهم.
موقف رام الله
أكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن البنود المتعلقة بقطاع غزة في اتفاق استئناف تطبيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا يجب أن تكون من اختصاص السلطة الفلسطينية.
وقال المالكي في تصريح اذاعي إن “أي جهود تركية في قطاع غزة يجب أن تمر عبر الحكومة الفلسطينية مع ترحيبنا بتقديم المساعدات الإنسانية إلى القطاع وجهود رفع الحصار عنه، وكذلك استعداد تركيا للقيام بالعديد من مشاريع البنية التحتية في القطاع “.
وأضاف “نحن نعتبر الاتفاق التركي الإسرائيلي شأن مرتبط بقرارات سيادية بين دول لإعادة تفعيل علاقات ثنائية فيما بينهما ولذلك فإننا لا نتدخل في مثل هذا الجانب”.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هاتف الليلة قبل الماضية الرئيس الفلسطيني محمود عباس لاطلاعه على اتفاق بلاده مع إسرائيل لاستئناف العلاقات بينهما بحسب ما ذكرت وكالة الانباء الفلسطينية الرسمية (وفا).
....................
انقرة تستبعد دفع تعويضات لروسيا والكرملين يستبعد اصلاح العلاقات في بضعة ايام
انقرة – موسكو – ش تراجع رئيس الوزراء التركي بن علي يلديرمامس الثلاثاء عن تصريحات ادلى بها مساء الاثنين، واستبعد ان تكون تركيا مستعدة لدفع تعويضات لروسيا عن اسقاط المقاتلة الروسية قرب الحدود السورية السنة الماضية.
وقال لشبكة "سي ان ان تورك" انه "من غير الوارد دفع تعويضات لروسيا. عبرنا لهم فقط عن اسفنا" وذلك ردا على سؤال حول هذه القضية التي اثارت ازمة دبلوماسية خطيرة بين البلدين الذين يحاولان الان تطبيع العلاقات الثنائية.
وقال بن علي مساء الاثنين للتلفزيون التركي العام "عرضنا فكرة اننا مستعدون لدفع تعويضات اذا لزم الامر" فيما مد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يده الى موسكو لتطبيع العلاقات الثنائية التي تدهورت بسبب هذه القضية.
لكن الرئاسة التركية اوضحت ان انقرة لم تصل الى هذه المرحلة بعد. وقال مصدر في الرئاسة لوكالة فرانس برس "ليس لدينا موافقة لدفع تعويضات" متحدثا عن "التباس" ساد المقابلة التي اجريت مع يلديريم.
وكانت انقرة تستبعد حتى الان تقديم اعتذارات او تعويضات لموسكو.
في موسكو، اعلن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف امس الثلاثاء ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتصل بنظيره التركي رجب طيب اردوجان اليوم الاربعاء لكن "تطبيع" العلاقات بين البلدين سيستغرق وقتا.
وقال مسؤول تركي ان بوتين سيعبر في هذا الاتصال عن "امتنانه" لنظيره التركي.
وفي 24 نوفمبر 2015 اسقط الطيران التركي مقاتلة سوخوي 24 روسية قرب الحدود السورية وقتل الطيار باطلاق النار عليه اثناء هبوطه بالمظلة، ما تسبب بتوتر كبير في العلاقات بين انقرة وموسكو.
واكدت تركيا انذاك ان المقاتلة دخلت مجالها الجوي وانها حذرتها "عشر مرات خلال خمس دقائق" فيما اكدت موسكو ان المقاتلة كانت تحلق في الاجواء السورية ولم تتلق تحذيرا قبل اسقاطها.
على الجانب الاخر قال الكرملين امس الثلاثاء إنه من غير المتصور أن تنصلح العلاقات المتوترة بين روسيا وتركيا في بضعة أيام.
ويأتي ذلك بعد اعتذار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن إسقاط طائرة حربية روسية.