قراءة في بيان مجلس الوزراء «2» التعليم من المهد إلى اللحد

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٧/يونيو/٢٠١٦ ٢١:٣٣ م
قراءة في بيان مجلس الوزراء «2»
التعليم من المهد إلى اللحد

علي بن. راشد المطاعني
تجسيداً للاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله - بالتنمية البشرية ودورها في بناء مستقبل أفضل لهذا الوطن وأبنائه، وجَّه جلالته بالإبقاء على البعثات الداخلية والخارجية لأبنائه طلبة الدبلوم لعامي 2016 /‏‏‏ 2017م كما هي بدون تغيير رغم تداعيات الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية وانعكاساتها على الإنفاق الجاري والإنمائي، وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ما يحظى به التعليم على اختلاف مراحله ومستوياته من اهتمام كبير لدى جلالته الذي أطلق بدايات النهضة كلمته المشهورة «التعليم ولو تحت ظل شجرة» فأبى جلالته أن تُمس مخصصات التعليم أياً كانت الظروف والمسببات التي تعيشها البلاد، وهو ما أكده مجلس الوزراء في البيان الذي استعرض ملامح العمل التنموي في البلاد في المرحلة القادمة، والتوجهات الجديدة للحكومة في التعاطي مع الظروف، إلا أن التأكيد على التعليم وتجويده وزيادة الابتعاث في التخصصات الفنية والطبية والصناعية من كافة الجهات والمؤسسات في الدولة، يعكس منهاج عمل جديد يعزز النهوض بالتعليم العالي في البلاد وتمكين أبنائنا الطلبة للنهل من منابع العلم والمعرفة واستشراف آفاق المستقبل بكل آماله وتطلعاته، وهو ما يجب أن يكون عنوان العمل في المرحلة القادمة للارتقاء بالكوادر الوطنية في كل المجالات وتمكينهم بكل السبل التي تنير الدرب لهم للإسهام في خدمة بلادهم، ويفرض هذا الاهتمام الكبير بالتعليم من جلالته مسؤوليات كبيرة في الارتقاء به من كافة الفئات المستفيدة سواء جامعات وكليات أو طلبة، لترجمة هذا الاهتمام بتجويد التعليم العالي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى من الجميع بدون استثناء.

فبلا شك أن الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله - بالتعليم تدفع الجميع للاهتمام به في كل المراحل والمستويات العلمية، ولعل إبقاء أعداد البعثات الدراسية لطلبة الدبلوم العام بما يربو من 29359 أي ما يقارب من ثلاثين ألف فرصة دراسية داخل السلطنة وخارجها، له من الأهمية الكبيرة التي تمتد مكاسبها على العديد من الجوانب منها توفير فرص التعليم العالي لأغلب المتقدمين من خريجي الدبلوم العام في البلاد من خلال الابتعاث الداخلي في الجامعات والكليات الحكومية والخاصة التي سوف تستوعب ما يربو على (27 ألف طالب وطالبة) والابتعاث الخارجي في الجامعات العالمية التي سوف تتيح لأكثر من 1640 طالبا وطالبة الدراسة في الخارج، وبذلك تكون فرص التعليم العالي متاحة لأغلب المخرجات من أبنائنا الطلبة في السلطنة حيث تتاح لهم فرصة إكمال دراستهم الجامعية، وهي فرصة شأنها أن ترتقي بالتنمية البشرية في البلاد باعتبار أن العنصر البشري هو الموجه للتنمية ومتى ما كان مؤهلا سيكون قادرا على العطاء النوعي، ولديه الإدراك المعرفي اللازم للإسهام في خدمة وطنه.

ومن شأن هذه اللفتة السامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله - بالإبقاء على معدلات القبول لخريجي الدبلوم العام كما هي في السنوات الماضية، إنعاش الكليات والجامعات الخاصة في السلطنة التي تعتمد بشكل كبير على البعثات الحكومية، فهذه الخطوة سوف تسهم في إضفاء الجدوى الاقتصادية للاستثمار في التعليم العالي في السلطنة وتعزيز جودته بما يسهم في ترسيخ التعليم العالي في البلاد من خلال الجامعات والكليات التي تعد بالطبع منارات للعلم والمعرفة في كل دولة ترفد العلم والبحث وتسهم في خدمة المجتمع ولها أدوار أخرى في تعميق الدراسات الخاصة بالمجتمع العماني، وإيجاد كوادر وطنية تعمل في هذا السلك الرفيع من مجالات العلم والمعرفة.
إن عدم المساس بالتعليم وتعزيز مخصصاته من شأنه أن يفتح آفاقا أمام أبنائنا الطلبة بحصولهم على فرص التعليم العالي، وأن المستقبل في إكمال تعليمهم العالي في الجامعات والكليات مشرق متى ما اجتهدوا وثابروا في التحصيل وبالتالي يذكي لدى أبنائنا روح المنافسة ويبعث في نفوسهم حب التعلم ونهل المعرفة من منابعها بعيدا عن إحباطات القبول ومعدلاته التي بالطبع تلقي بظلالها متى ما كانت قليلة، على الدافعية لدى الطلبة في تحديد مستقبلهم العلمي.
ولا يفوت أن نشير إلى أن الأثر لهذه اللفتة في إتاحة فرص التعليم العالي لأبنائنا، أن تخفف الأعباء المالية وتبعاتها على الأهالي الذين عانوا كثيرا في تحمل تكاليف تعليم أبنائهم في الجامعات داخل السلطنة وخارجها، فاستمرارية إبقاء على الأعداد التي سيتم قبولها هذا العام، سيشكل انفراجة كبيرة للعديد من الأهالي الذين أبناؤهم على مقاعد الدبلوم العام والقلق الذي كان يعتريهم حول مدى إمكانية استيعابهم بهذه الأعداد أو تقليصها نظراً للظروف المالية.