برنامج " الصدمة "

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٦/يونيو/٢٠١٦ ٢٠:٠٩ م
برنامج " الصدمة "

لميس ضيف

أحتل برنامج الصدمة مكانة خاصة هذا العام في ضمير المتابعين، مثبتا أن الناس متعطشة للإنتاج التلفزيوني الهادف، لا كما يروج صناع الإعلام بأن "الجمهور عايز كذا" في معرض تبريرهم للإسفاف الذي يقدمونه كل عام ويسمونه "فناً" !
نجاح برنامج "خواطر" على مدى أكثر من 11 عاما والنجاح السريع لبرنامج "الصدمة" دليل على أن المنتج الإعلامي القيم الذي تستطيع العائلة التجمع حوله دون حرج من ملابس وإيحاءات الأبطال.. مطلوب. فالعيب ليس في ذائقة الجمهور بل في سطحية وخواء القائمين على "الفن" في الذين لم يقدموا لنا على مدار 25 عاما – هي عمر فضائياتهم- إلا الابتذال والتسلية الفارغة والقيم المشوشة!
البرنامج يحاول مقاربة قضايا وهموم اجتماعية عن طريق مواقف مفتعلة. في الأيام الأولى لعرضه كنت مبهورة بقدرة الشركة المنتجة على الخروج ببرنامج كهذا حتى اكتشفت للأسف بأنه نسخة من برامج غربية - ولا ضير- فنحن نشتري حقوق الملكية الفكرية لعدد كبير من البرامج التي لا وزن لها ولا قيمة. فلنقتبس منهم ما يرفع من منسوب الوعي لا السفاهة على سبيل التغيير.
مما يُحسب للبرنامج أيضا أنه قدم نماذج إيجابية من أبناء مجتمعاتنا خلافا للعادة. فما نراه عن المجتمع المصري والخليجي والشامي والعراقي دوما هي القصص المبسترة الكئيبة التي تأتي في الإنتاج الدرامي. فالمرأة ضعيفة والرجل متسلط والشباب فاسدون والفتيات خاويات والأنانية والمادية والغدر هي أبرز صفات كل تلكم النماذج.
في هذا البرنامج رأينا نماذج حقيقية لمجتمعاتنا العربية من شخصيات سوية مستقيمة ذات دين وإنسانية. مجتمعاتنا بخير. رغم الحروب والمآسي والأزمات الاقتصادية الخانقة لازال بيننا من يعرف أولوياته، ومستعد أن يقدم محتاج غيره على نفسه وهو محتاج .
أما أجمل ما في البرنامج على الإطلاق – في منظوري على الأقل – هو ما كشفه عن المرأة العربية التي تفوق شهامة ونخوة عن الرجل نفسه. فهي تهب دفاعا عن بني جنسها، وعن الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة. وترفع عقيرتها لرفض العنصرية والطائفية دون أن تخشى ردة فعل الآخر. هذا هو ما نعرفه عن المرأة العربية: قوية، معطاءة، جريئة. وهي إحدى ضحايا الإعلام العربي الذي أختزلها في نساء يخلدن للنوم بمكياج كامل. وينفقن حياتهن في الدوران في فلك الحصول على رجل أو الحفاظ عليه وإن كن على أعتاب الستين !!
تحية لـ" الصدمة " التي ثلمت الصورة النمطية البلهاء لبرامج الكاميرا الخفية ثلمة لا براء منها. والتي شغلت ساعة من "وقت الناس" في تنبيههم لما حولهم عوضا عن تخديرهم بالأفكار البالونية . وإن ثبتت صحة ما يشاع عن البرنامج، من أنه أفتعل بعض ردود الأفعال عوضا عن أن تكون عفوية، فلن يغير هذا شيئا من حقيقة أنه أجتهد لتقديم المعرفة بقالب يرسخ في الأفئدة وإن أحتاج لـ" صقل" مواقف الناس أحيانا لإضفاء مزيد من اللمعان. وهو ما تفعله برامج الكاميرا الخفية الأخرى بممثلين محترفين وبسماجة لا وصف لها.