العراق بين مطرقة التحريروسندان النزوح

الحدث الجمعة ٢٤/يونيو/٢٠١٦ ٢٢:٥٠ م
العراق بين مطرقة التحريروسندان النزوح

بغداد – – وكالات

حذّرت منسقة الأمم المتحدة للإغاثة الإنسانية في العراق ليز جراندي، من حدوث أزمة إنسانية العام الجاري لاسيما مع بدء العمليات العسكرية لتحرير الموصل مركز محافظة نينوى من قبضة تنظيم(داعش) الإرهابي. وقالت جراندي، في تصريح صحفي عقب ندوة أقامها مركز التنسيق المشترك لمكافحة الأزمات التابع لوزارة الداخلية في إقليم كردستان العراق بأربيل بحضور وزير داخلية الإقليم كريم سنجاري، إن العمليات العسكرية في العراق على تنظيم داعش ومدينة الموصل يمكن أن تشرد قرابة 2.3 مليون شخص.

وأضافت: أن الندوة بحثت الخطط المعدة من أجل استقبال النازحين من الموصل وتلبية احتياجاتهم الأساسية، مشيرة إلى أنه تم بحث السيناريوهات المتعلقة بالأزمة الإنسانية التي قد تنجم خلال استعادة السيطرة على الموصل وأن اقليم كوردستان بات مستعداً للتعامل مع الأزمة واتخذ التدابير اللازمة لذلك.

من جانبه، قال مسؤول مركز التنسيق المشترك لمكافحة الأزمات في وزارة الداخلية بكردستان هوشنك محمد، إنه سيتم تنفيذ خطة الإقليم والحكومة العراقية المركزية المدعومة من قبل مؤسسات إغاثية دولية، من أجل استقبال حركة النزوح التي ستحدث مع انطلاق عمليات استعادة الموصل. ولفت إلى الحاجة إلى 275 مليون دولار أمريكي في المرحلة الأولى من أجل إيواء 400 ألف شخص، وتلبية احتياجاتهم خلال فترة 6 أشهر تلي انطلاق العمليات بالموصل ثاني اكبر المدن العراقية، والتي اجتاحها داعش في يونيو 2014.. وتوقع بدء عملية تحرير الموصل عقب الانتهاء من تطهير محافظة الأنبار من الإرهابيين.

تكهنات ومخاوف

ويزيد التكهن بهذا الوضع الإنساني الطارئ من التعقيدات التي تواجهها الحكومة العراقية وحلفاؤها الأمريكيون بعد أن أعلنت خططا لتنفيذ حملات لإخراج مقاتلي تنظيم داعش المتشدد هذا العام من معظم الأراضي العراقية.

وتقول الأمم المتحدة إن هناك أكثر من 3.4 مليون شخص في مختلف أنحاء العراق أجبرهم الصراع على مغادرة منازلهم. وفي الشهر الأخير فرّ 85 ألف شخص من الفلوجة التي تبعد مسافة ساعة بالسيارة عن بغداد وسط حملة عسكرية أسفرت عن استعادة أجزاء كبيرة من المدينة من أيدي المتشددين. واجتاح تنظيم داعش أجزاءً كبيرة من شمال وغرب العراق قبل عامين وأعلن قيام دولة خلافة في تلك الأراضي وفي أراض أخرى سيطر عليها في سوريا المجاورة.

السيناريو الأسوأ

وقالت جراندي إن السيناريو الأسوأ في الموصل نفسها - وهي أكبر مدينة تحت سيطرة المتشددين حتى الآن - قد ينطوي على نزوح مليون شخص. وأضافت «نتحدث عن تضاعف عدد الأسر النازحة في البلاد حرفيا في غضون بضعة أشهر».
ومضت قائلة «نحاول تحضير الإمدادات وخطط الطوارئ لكل تلك المناطق ونحن نفعل ذلك بثلاثين في المئة فقط من المبالغ التي طلبناها». وطلب المجتمع الإنساني هذا العام 861 مليون دولار لمساعدة 7.3 مليون من العراقيين المحتاجين في أجزاء مختلفة من البلاد لكنه حتى الآن لم يتلق إلا نحو 266 مليون دولار. وتواجه الحكومة العراقية صعوبات لتقديم المساعدة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها نتيجة الانخفاض الشديد في أسعار النفط العالمية. وتكتظ المخيمات التي تديرها الحكومة بالفارين من الفلوجة الذين قطعوا عدة كيلومترات سيراً على الأقدام مروا فيها من أمام قناصة تنظيم داعش ووسط حقول الألغام التي زرعها في الحر القائظ ليجدوا أنه لا يوجد حتى ما يستظلون به.
وقالت جراندي إن الجماعات الإنسانية التي لم تتمكن من دخول المدينة منذ سيطر المتشددون عليها في أوائل العام 2014 أساءت تقدير أعداد المدنيين المحاصرين داخلها بأكثر من النصف.

وضع مأساوي

وقالت جراندي إنه من المتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة 50 درجة مئوية في الأسابيع المقبلة وبالتالي فإن الأولوية للمأوى إلى جانب المياه والطعام والنظافة والرعاية الصحية. وأضافت «في هذه الحرارة إذا لم تكن الأسر آمنة داخل خيام فعلينا أن نقلق على وضعها».
ومضت قائلة «إذا لم نحصل على مزيد من المساعدة فسيكون علينا مواجهة حقيقة أن الأوضاع يمكن أن تتدهور بشدة».
يذكر أن القوات العراقية كانت قد طوقت في وقت سابق آخر حي في الفلوجة لا يزال خاضعا لسيطرة تنظيم داعش، في حين تبذل المنظمات الإنسانية جهودا لتقديم مساعدات الى المدنيين اليائسين.
وبعد شهر من انطلاق هجوم واسع النطاق ضد احد ابرز معاقل الجهاديين، باتت قوات النخبة قريبة من بسط سيطرتها الكاملة على مدينة الفلوجة. وقال قائد العمليات في الفلوجة الفريق عبدالوهاب الساعدي لفرانس برس «بامكاني القول إن اكثر من 80 في المئة بات خاضعا لسيطرة قواتنا».
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي اعلن الانتصار قبل أسبوع، وتركزت العمليات الأخيرة على مطاردة جيوب المقاومة في الأحياء الشمالية من الفلوجة.
وفي حي الشرطة، اكتشفت قوات مكافحة الإرهاب ورشة متفجرات حيث تكدست عشرات الصواريخ المحلية الصنع ومواد لتصنيع القنابل.
وانتشرت معدات لحام، وكتل صفراء من العبوات البلاستيكية وضعت في وعاء للطلاء، وأكياس مليئة صواعق وأخرى محشوة بمسحوق في جميع أنحاء الغرف.
وفي حين تهدمت منازل بأكملها في جنوب الفلوجة خلال ذروة الهجوم في وقت سابق الشهر الجاري، يبدو أن مساحات كبيرة في شمال المدينة نجت من ذلك مع أضرار طفيفة نسبيا. وأعرب الضابط مهند التميمي عن الأمل في عودة عشرات الآلاف من النازحين في وقت قريب. وقال لفرانس برس «تم التعامل مع ثماني عبوات ناسفة فقط هنا»، مشيرا إلى الطريق أمام المستشفى الرئيسي في الفلوجة. وأضاف «في الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة، ينبغي أن تعود العائلات فور الموافقة على حالاتها من قبل مجلس المدينة».
وفي هذا الإطار، قال المسؤول العسكري في التحالف الدولي الجنرال البريطاني دوج شالمرز عبر دائرة الفيديو المغلقة من بغداد إن القادة العسكريين في التحالف «فوجئوا إلى حد ما» بـ«السرعة» التي دخلت فيها القوات الحكومية إلى الفلوجة.
ولفت إلى أن تطهير المدينة من المتطرفين «سيكون أسرع بكثير مما توقعناه قبل أسابيع عدة».
ووفقا للأمم المتحدة، نزح حوالى 85 ألف شخص منذ بدء العملية قبل شهر.
وعندما فرت العائلات من القتال وبعد مرور اشهر على حصار منهك ترك العديدين يتضورون جوعا، اعتقلت القوات العراقية الرجال البالغين للكشف عما إذا كانت لديهم علاقات مع التنظيم.
وما زال آلاف منهم قيد التحقيق حتى الآن ما دفع ببعض المسؤولين والجماعات الحقوقية الى إبداء قلقها حيال حالات تعذيب وانتقام طائفي. وقد تدفقت أعداد كبيرة من المدنيين الأسبوع الفائت إلى مناطق آمنة لا يوجد فيها أي شكل من أشكال المأوى في حين تسجل درجات الحرارة درجات قياسية من الحر. وأعلن المجلس النروجي للاجئين، إحدى المجموعات العاملة في جهود الإغاثة، أن المنظمات الإنسانية تكافح للوصول إلى الأسر الأكثر ضعفا. واضاف ان «الحوامل والاطفال وكبار السن والاشخاص ذوي الإعاقة ينهارون بسبب نفاد الخدمات الطبية وقلة المساعدات المتوفرة في المخيمات».
وتشكل خسارة الفلوجة التي تقول القوات العراقية إنها ستكون خلال أيام قليلة، ضربة كبيرة للتنظيم المتطرف ومزيدا من التراجع في مناطق «الخلافة».
وقد بدا التنظيم المتطرف يفقد قوته بشكل مطرد في العراق منذ العام الفائت، واصبح تدريجيا يعتمد اكثر على مهاجمة اهداف مدنية في بغداد او الإعلان عن هجمات كبيرة في الغرب لنشر أيديولوجيته وجذب المزيد من المجندين.