سر نجاح يعقوب

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢١/يونيو/٢٠١٦ ٢١:٢٩ م

عزيزة الحبسية

تواكب وجود الوافدين في السلطنة مع بدايات النهضة حتى أصبح المشهد العام لا يخلو من مزيج الآسيويين الهنود والباكستانيين والبنجلاديشيين في الحياة العامة في مسقط وغيرها من الولايات العمانية. وربما كانت الأكثر تأثيرا والأكثر قربا منا هي الجالية المسلمة من هؤلاء الذين نقف معهم صفاً في صلوات التراويح وصلوات الجمعة وتتمازج أرواحنا وسلوكياتنا معهم في شهر رمضان المبارك، فالمسلمون من الجاليات الآسيوية يكرسون مثلنا أوقاتهم للعبادة وقراءة القرآن وللدروس الدينية والذكر في دور العبادة والمساجد، محاولين البعد عما يفسد هذه الأعمال الطيبة في هذا الشهر، ويعتبرون مثلنا ساعة الإفطار من التواقيت المهمة في رمضان ليجتمع الجميع حول مائدة واحدة إذ يتناولون الطعام بعد الدعاء.

العامل البنجالي يعقوب يمثل نموذجا للجالية الآسيوية المسلمة في عُمان، ففي شهر رمضان يصر يعقوب على أن يبقى محله الصغير من حيث الحجم المبارك من حيث عدد الرواد إلى ما قبل أذان الفجر وقد بنى سمعة جيدة وكون أعدادا من الزبائن الذين بهم كبر المحل ووقف على رجليه واكتسب شهرته كذلك، ليقدم في أيام رمضان السحور والمشروبات المثلجة والشاي وليكسو الجو ألفة ويكتسي بأطايب الوجبات لمن يبحث عن وجبة سحور معتبرة تسد جوعه لمواجهة يوم صيام قائظ.

يعقوب عامل بنجالي، وهو صاحب أشهر محل لبيع الخفايف في المنطقة العاشرة بالموالح الجنوبية، ويقدم يعقوب في أيام الفطر الشاي ويتفنن في تقديم الوجبات، كما أن جل زبائنه من البنجاليين والوافدين الآسيويين، وهو يتقن معاملة الزبائن، وهذا هو جواز سفره الذي أكسبه ثقة الناس. وفي غير أيام رمضان يكون محل يعقوب أول المحلات التي تفتح أبوابها لتستقبل زبائنها وتقدم الإفطار الصباحي بسعر رخيص جدا، لذلك يقبل عليه الوافدون العاملون بالمنطقة.

ويمثل يعقوب صورة الكثير من الوافدين المسلمين الآتين من بنجلاديش والهند وباكستان، ففي إحصائية نشرها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات هذا العام شكلت الجالية البنجلاديشية المرتبة الثانية من نسبة وجود الوافدين بعد الوافدين من الجنسية الهندية وبلغت نسبتهم 35.0 % وفي المرتبة الثالثة جاءت الجالية الباكستانية بنسبة 12.9 %. والجالية الآسيوية المقيمة في سلطنة عمان لا تشعر بالفرق بين أجواء رمضان في السلطنة وبين شهر رمضان في موطنهم الأصلي، حيث قضى بعضهم في السلطنة سنوات طويلة واعتاد على أجواء الصيام في عُمان، وهم يرون أن رمضان ومناسكه وتقاليده وعاداته تتشابه إلى حد كبير وذلك لأن السلطنة تزخر بالألفة وبالطبيعة والشخصية العمانية التي تحتضن الغريب وتحتضن بشكل خاص المسلمين الذين يعوضون دفء العائلة بلمة الأصدقاء والمعارف وبتناول الإفطار في المساجد.

والغالبية من الوافدين المسلمين يشعرون أن عُمان وطنهم الثاني فالمساجد عامرة بموائد الرحمن وهم يتشاركون تبادل الأطباق حتى مع الجيران من المواطنين، فعادات وتقاليد رمضان تكاد تكون متوازنة ومتسقة مع العادات العمانية وهناك احترام تام لفريضة الصوم، وتجدهم أيضاً يحرصون على قراءة القرآن الكريم قبل صلاة العشاء في كل المساجد ثم صلاة التراويح. وربما نشعر في بقية أعوام العام بوجود هذا الكم من الوافدين كعنصر بشري يزاحمنا في الطرقات وفي العمل ونشعر بمنافستهم السلبية في الحياة.. ونرى الوافدين في بقية أيام العام كأنهم مجتمع آخر مختلف داخل مجتمعنا لكننا في شهر رمضان ننصهر معهم ونصبح مجتمعا واحدا مع الوافد الآسيوي المسلم.

عزيزة الحبسية

azizaalhabsi87@gmail.com