ضرورة الحد من جفاف البيانات

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢١/يونيو/٢٠١٦ ٢٠:٠٥ م
ضرورة الحد من جفاف البيانات

بامبانغ سوسانتونو
لقد تأثرت العديد من مناطق آسيا بدرجات الحرارة المرتفعة وبأسوأ موجة جفاف منذ عقود حيث يواجه ملايين الناس نقصاً في الغذاء أو الماء مما يؤدي إلى خسائر بالأرواح وبسبل الرزق والمحاصيل والماشية وبينما يؤثر نقص المياه سلباً على الإنتاجية ويخفض من إنتاج الطاقة في المحطات المائية ومن صادرات الطعام فإن الاقتصادات تعاني بالفعل.

وإن نقص البيانات المتعلقة على سبيل المثال بالتدفقات النهرية بما في ذلك كمية المياه التي يتم تحويلها للاستخدام الزراعي والاستهلاك البشري يقوض من الإدارة الفعالة للموارد كما أن غياب السجلات المفصلة لمعدل سقوط الأمطار وخاصة في المناطق النائية يعيق من الجهود المبذولة لتقييم مخاطر الفيضان والجفاف. نحن بحاجة كذلك للبيانات الدقيقة من أجل تصميم أنظمة الري المناسبة والسدود ناهيك عن بناءها في الأماكن التي ستحدث أكبر تأثير فيما يتعلق بالتخفيف من تأثيرات التغير المناخي.
إن نقص البيانات يحبط صناعة السياسات بطرق كثيرة فعلى الرغم من أن الزراعة تستهلك حوالي 80% من مخزون المياه العذبة في آسيا فإن معظم البلدان لا تستطيع بشكل صحيح قياس كمية المياه المستخدمة في زراعة محصول ما وكمية المياه التي يتم إعادة استخدامها مجدداً. إن المزيد من الوضوح المتعلق بكمية المياه التي تدخل في مستجمعات المياه وتخرج منها والغرض منها سيؤدي لعمل سياسات أذكى بنفس الطريقة التي يعتمد بموجبها المستثمرون الأذكياء على المحاسبة المالية الجيدة وكما أظهرت بعض الدول التي تعاني من شح المياه مثل أستراليا فإن تلك المحاسبة تساعد البلدان في تخصيص المياه بشكل أكثر فعالية بين منتجي الزراعة والطاقة فيها وبين المستهلكين في المناطق الحضرية.
هنا يأتي دور تقنية الأقمار الصناعية فالمسوحات الاعتيادية فوق المناطق التي توجد فيها محاصيل باستخدام الاستشعار عن بعد- مثل المسح الصحي لكامل الجسم يمكن أن تجمع المعلومات بشكل سريع عن هطول الأمطار ودرجة حرارة الأرض وحتى مستويات المياه الجوفية وهي بيانات يمكن أن يستغرق جمعها شهوراً وعندما تقترن تلك البيانات بقياسات فعلية على الأرض فإن تلك البيانات يمكن أن تساعد الحكومات في أن تحسب بشكل أفضل الموارد المائية والاستعداد للجفاف والفيضان والتخطيط للاستخدام المستقبلي للمياه.
إن نظام «واتر اكوانتنج بلس سوفتوير سيستم» - والذي قام معهد يونيسكو –اي اتش اي وهو المعهد الدولي للإدارة المائية ومنظمة الأغذية والزراعة بتطويره- يستخدم البيانات المفتوحة للاستشعار عن بعد من أجل تقييم استخدام الأراضي وهطول الأمطار ودرجات الحرارة. إن تلك البيانات تمكن النظام من تحديد كمية المياه المتوفرة في حوض النهر وكمية المياه التي يتم استخدامها لأغراض مختلفة وكيف أن استخدام المياه قد تغير مع مرور الوقت.
إن تلك المعلومات ستساعد بلدان مثل كمبوديا وفيتنام في مواجهة الارتفاع المفاجئ في الطلب على المياه وحتى تساعدهما في تحقيق ذلك الهدف قام معهد يونيسكو-أي أتش ي وبدعم من البنك الأسيوي للتنمية بالعمل مع حكومتي البلدين – بالإضافة إلى السلطات في الهند وأندونيسيا والباكستان وسريلانكا وأوزبكستان – من أجل عمل برنامج تجريبي من أجل الرد على أسئلة جوهرية تتعلق باستخدام الأراضي والمياه.
نحن بحاجة للمزيد من تلك المبادرات وبسرعة وإحدى المجالات التي يتوجب التركيز عليها هي الزراعة فعلى سبيل المثال في مناطق المرتفعات الوسطى في فيتنام والمناطق الساحلية هناك حاجة عاجلة من أجل حصد «المزيد من المحاصيل لكل قطرة مياه يتم استخدامها» وتحسين كيفية التعامل مع الحالات الطارئة. لو تم استخدام تقنية الأقمار الصناعية بشكل كامل فإن بإمكان المزارعين الحصول على معلومات مقيدة على هواتفهم النقالة تتعلق بكمية المياه التي يجب استخدامها ومتى يتم استخدامها كما يمكن تحديد المزارعين الأكثر إنتاجية في المنطقة وتشجيعهم على نقل خبراتهم للمزارعين الآخرين.
إن الخطوة الجوهرية الأخرى هي عمل خارطة لمخزونات المياه واستخدامها في طول البلدان وعرضها وجعل تلك المعلومات متوفرة على الإنترنت وعوضاً عن تراكم الغبار على بيانات حيوية كما كان يحصل في الماضي فإنه يتوجب زيادتها وتحديثها ومشاركتها على نطاق أوسع وذلك حتى يصار إلى استخدامها بشكل مفيد.
إن الحد من جفاف البيانات لن يؤدي لوحده لإنهاء أزمة المياه الآسيوية ولكن هذه خطوة أولى حاسمة من أجل التحقق من أن مصير المنطقة لن يتم تحديده من قبل طقسها.

بابمانج سوزانتونو هو نائب رئيس بنك التنمية الآسيوي

لإدارة المعرفة والتنمية المستدامة.