السياسة بين كلينتون وترامب

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢١/يونيو/٢٠١٦ ٠٤:١٤ ص
السياسة بين كلينتون وترامب

فيكتور ديفيز هانسون

للوهلة الأولى تبدو انتخابات 2016 في صورة لا تعادلها في ضخامتها أي سنة انتخابية في التاريخ الأمريكي. ولأكثر من 30 عاما ظلت هيلاري كلينتون ودونالد ترامب من الشخصيات الشهيرة المثيرة للجدل، ولم يخلو سجل كلاهما من الفضائح والنظرة السلبية من قبل الملايين من الناخبين، كما ان كلينتون تواجه اتهامات فيدرالية محتملة فيما تشهد اروقة المحاكم قضية ضد جامعة ترامب. وفي حال انتخاب كلينتون ستكون أول امرأة تتولى المنصب الرئاسي في تاريخ الولايات المتحدة، أما إذا فاز ترامب فسيكون أول رئيس يتولي المنصب دون أن يشغل دورا سياسيا أو وزاريا أو رتبة عسكرية عليا مسبقا.
بيد أن السباق قد يكشف أنه لا يختلف كثيرا عن النمط التقليدي. ومع ان ترامب يعتبر شخصية فظة إلا أن هناك بعض الشخصيات السياسية الأكثر شهرة والتي تنافسه في الخطاب المتطرف. فحاكم ولاية كاليفورنيا، رونالد ريجان قال ذات مرة عن جامعة كاليفورنيا للمتظاهرين في بيركلي: "لو تطلب الأمر حمام من الدم فليكن ذلك، ولا مزيد من التهدئة"، وعندما اختطف جيش التحرير التكافلي وريثة باتي هيرست وأجبر عائلتها على توزيع الطعام على الفقراء سخر ريجان قائلا: انه لأمر سيئ للغاية أننا ليس لدينا وباء التسمم الغذائي."
ويقسم أنصار حملة "لا لترامب" من الجمهوريين أنهم لن يصوتوا لصالح ترامب، بينما يقول المحبطون من أتباع بيرني ساندرز أنهم لن يعطوا صوتهم لكلينتون. وربما بحلول شهر نوفمبر يغير كل طرف رأيه ليعطي صوته لمرشح الحزب.
ورغما عن تلك العيوب الكثيرة في كل من مرشحي الرئاسة، فترامب هو أحد هواة السياسية غير المنضبطين وكلينتون مؤسساتية ملتزمة بالنص إلا أنهما ما يزال بوسعهما أن يقدما جدول أعمال سياسي متباين تماما كل عن الآخر فيما يقدمه من وجهات نظر مختلفة لمستقبل أمريكا.
صحيح أن سجل كلا المرشحين لا يخلو من سمعة سيئة وانتهازية وافتقار الى معتقدات راسخة، إلا أن كلينتون الآن تبدي التزاما بالجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، وتنبذ الكثير من جدول أعمال إدارة زوجها بيل كلينتون في التسعينيات. وترامب رغما عن جميع التناقضات فهو في الوقت الراهن على الأقل أكثر تحفظا من كلينتون. ولا ينظر الى ترامب ولا كلينتون من قبل الجانب الآخر باعتباره من الوسط.
وبالنسبة لترامب فمن المرجح أن يكون اختياره لأصدقاء وأعداء أمريكا فقط على أساس المصالح الوطنية المتصورة، أما كلينتون فمن المفترض أنها ستواصل سياسة أوباما الخارجية "القيادة من الخلف". وترامب سيكون صريحا حول العلاقة بين الإرهاب والمتشددين، في حين من المرجح أن تحاكي كلينتون سياسة أوباما بعدم الإشارة إلى الإسلام على الإطلاق في هذا السياق.
وربما يعيد ترامب النظر في قانون الضرائب لخفضها مع تقليص الدور الحكومي والبحث عن حلول ترتكز على أنشطة الأعمال، بينما من المرجح أن تزيد كلينتون من الضرائب على أصحاب الدخول العليا مع توسيع الحكومة استمرارا لسياسة أوباما. وهناك احتمالات أن يخفض ترامب الإنفاق العام مع زيادة نفقات الدفاع، بينما ستوسع كلينتون الاستحقاقات مع الحد من الإنفاق العسكري إلى المعايير السابقة.
ومن المفترض أن يفي ترامب بالوعود التي قطعها على نفسه بإغلاق الحدود في وجه الهجرة غير الشرعية من خلال بناء جدار على الحدود، كما أنه ربما ينهي الملاذ الذي توفره بعض المدن. أما كلينتون من المرجح أن تبقي على سياسات الهجرة المتساهلة التي تنتهجها إدارة أوباما مع تقديم عفو عام رسمي.
وتميل كلينتون للاعتقاد بأن الحكومة يجب أن تعمل بشكل جذري للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، في حين لا يبدو ترامب أنه على يقين من أن ارتفاع درجات الحرارة نتيجة النشاط البشري يمثل تهديدا وجوديا يستحق تغيير جذري في الاقتصاد للتصدي له.
كما من المرجح أن يعارض ترامب فرض سيطرة أكبر على السلاح فيما من المؤكد أن كلينتون ستضاعف جهود إدارة أوباما لجعل امتلاك السلاح أكثر صعوبة. وفي المحكمة العليا ستعين كلينتون بلا شك المزيد من القضاة مثل الفقهاء التقدميين سونيا سوتومايور وايلينا كاجان، أما ترامب فسيحاول توجيه المحكمة في اتجاه القضاة المحافظين مثل صامويل أليتو وكلارنس توماس.
وبشكل عام، إذا كان الناخبون راضين عن السياسات الخارجية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحالية لإدارة أوباما، من المرجح ان كلينتون ستضمن الابقاء على هذه السياسات لأربع سنوات أخرى على الأقل، وعلى الجانب الآخر فإذا كان الناخب يشعر أن أوباما – على حد تعبير ترامب - "كارثة" فربما يمثل المحافظ ترامب تحولا في الاتجاه المعاكس.
لقد سئمنا من موجة الأخبار السياسية اليومية والحديث عن آخر التصرفات الشائنة لترامب وتداعيات فضيحة البريد الإلكتروني لكلينتون وتعاسة أنصار ساندرز وأعضاء المؤسسة الجمهورية مع المرشحين، ولكن في النهاية، كما هو الحال مع معظم الانتخابات، ما تزال انتخابات 2016 توفر خيار سياسي صارخ التباين، بصرف النظر عن التشككات وعدم القبول لكلا المرشحين.

مؤرخ في معهد هوفر في جامعة ستانفورد الأمريكية