كابول –
افتتح وزير الخارجية الأفغاني صلاح الدين رباني أمس الاثنين محادثات تشارك فيها أربع دول بهدف وضع خارطة طريق لتحقيق السلام مع طالبان. واجتمع ممثلون لأفغانستان وباكستان والولايات المتحدة والصين في كابول لبحث سبل اجتذاب طالبان إلى طاولة المفاوضات. ويفكر المجتمعون بشأن تحديد المكان والزمان الممكنين لعقد اجتماع بين الحكومة الأفغانية وطالبان، وقال رباني: «نرغب في أن تنضم طالبان بالكامل إلينا على الطاولة للمشاركة في محادثات السلام... أي تأخر في القدوم إلى الطاولة سيضع طالبان في موقف حرج». وأضاف أنه في حالة رفض طالبان حضور المحادثات فستثبت أن هدفها ليس السلام.
وقال رباني: «رغم صبرنا في عملية السلام، لن يقبل الشعب الأفغاني ولن يثق في عملية سلام طويلة الأمد بلا نتائج». وكانت قد بدأت أمس الاثنين في كابول جولة ثانية من المفاوضات الرباعية سعيا لتحريك عملية السلام بين كابول وحركة طالبان في وقت يصعد فيه المتمردون الاعتداءات والهجمات. وبعد جولة أولى جرت قبل أسبوع في إسلام أباد، تجمع الجولة الثانية من جديد ممثلين عن أفغانستان وباكستان والولايات المتحدة والصين.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأفغانية شكيب مستغني لوكالة فرانس برس إن «هذا الاجتماع مهم جدا لأنه سيركز على خارطة الطريق للتوصل إلى السلام في أفغانستان».
لكن من غير المتوقع حضور أي ممثل عن حركة طالبان ولا يعرف متى يمكن أن يستأنفوا المفاوضات التي قطعت الصيف الفائت عند إعلان وفاة مؤسس الحركة الملا محمد عمر.
وكانت أفغانستان أكدت الأسبوع الفائت أن إسلام أباد على وشك كشف قائمة عناصر طالبان الذين يبدون استعدادا للتفاوض غير أن ذلك لم يتحقق، كما أن الريبة المخيمة بين أفغانستان وباكستان قد تعيق الحوار. وكانت باكستان واحدة من الدول الثلاث التي اعترفت بنظام طالبان الذي حكم بين 1996 و2001. وتتهم السلطات الأفغانية باكستان برعاية المتمردين ولا سيما من خلال تأمين ملاذات لهم، وجرت أول مفاوضات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وطالبان في يوليو قرب إسلام أباد لكن سرعان ما تعثرت بعد الإعلان في الشهر نفسه عن وفاة الملا محمد عمر.
وأثارت مسألة خلافته صراعا بين قادة الحركة، ولم يتمكن الزعيم الجديد الملا اختر منصور من الحصول على تأييد بالإجماع، وظهرت الخلافات إلى العلن عندما انشق فصيل يقوده الملا محمد رسول أواخر العام الفائت، وفي ديسمبر أصيب الملا منصور بجروح خلال تبادل إطلاق نار نجم عن خلاف بين قادة في باكستان.
لكن هذه الخلافات لم تمنع الحركة من تكثيف عملياتها في كل أنحاء أفغانستان، فتمكنت في أواخر سبتمبر من السيطرة لثلاثة أيام على مدينة قندوز الكبرى في الشمال، وكانت هذه المرة الأولى التي ينجح فيها المتمردون في السيطرة على عاصمة ولاية منذ 2001.
وضاعف عناصر طالبان في الأسابيع الأخيرة الهجمات على رموز الوجود الأجنبي في البلاد واستولوا على أجزاء واسعة من منطقة سانجين -مركز زراعة الأفيون- في ولاية هلمند التي تعد معقلاً لطالبان في الجنوب.
ويرى المراقبون أن تكثيف المعارك على ارتباط بسعي المتمردين للاستيلاء على أكبر قدر ممكن من المناطق قبل بدء المفاوضات، من أجل أن يحصلوا على أكبر قدر ممكن من التنازلات.
على صعيد آخر أعلن مسؤول أمس الاثنين أن أفغانستان حددت موعدا للانتخابات البرلمانية وانتخابات مجالس الأقاليم، وذلك بعد تأجيلها العام الفائت، وأفاد محمد يوسف نوريستاني -رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات- بأن الانتخابات ستجري في 15 أكتوبر المقبل.
وقال نوريستاني إنه: «ينبغي على الحكومة الأفغانية توفير الأمن اللازم لهذه الانتخابات، كما أن جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية مطالبة بالمساعدة في هذه الانتخابات».
وكان من المفترض أن تنتهي عضوية أعضاء البرلمان في يونيو 2015، ولكن الرئيس الأفغاني أشرف غني مدد عضويتهم بعد تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في أبريل الفائت نتيجة للتأخر في إتمام الإصلاحات الانتخابية.
وتسيطر طالبان أو تتنافس على نحو 40 منطقة من إجمالي 398 منطقة في أفغانستان.
وفي إقليم هلمند المضطرب جنوبي البلاد، تسيطر الحكومة الأفغانية فقط على منطقتين من إجمالي 14 منطقة، حسبما أفادت عضوة مجلس الإقليم راضية بالوش.
وقالت بالوش لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): «لا أعلم كيف تعتزم الحكومة إجراء انتخابات في إقليم لا تسيطر على 90 % منه؟!».