محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
وضعت في مساحتي هذه أمس أسئلة حول ما يمكن تسميتها بالأنواء الاقتصادية، مع محاولات دؤوبة من البعض، قصدا أو.. بسذاجة أو طيبة، سكب الزيت على نار تتقد في نفوس البسطاء وهم يجابهون أحوالا اقتصادية يريدونها مريحة قدر الإمكان، حيث شقاء العمر يتوزع على منافذ عدة، أولها البنك، وليس آخرها جمعية.. أو جمعيات!
هناك من يريد حصر التأثيرات على المواطن العادي، أو كما يصفونه بالفقير، بينما يؤججون غضب هؤلاء بترويج أن الأغنياء وكبار المسؤولين لن ينالهم إلا المزيد من الهبات والأعطيات، والإيحاء الدائم بكلمة "لصوص" عند الحديث عن هؤلاء، ليتحول المجتمع، أو الدولة، إلى سارقين ومسروقين.
الوقوع في (فخ) كهذا أراه توجيه دفّة المجتمع نحو "مواجهة" طبقية تزيدها أسعار النفط اشتعالا، مع ترسيخ فكرة أن الأسعار المرتفعة لم تصبّ إلا في صالحهم (الأغنياء والمسؤولين) بينما على المواطن العادي / الفقير تحمل تبعات انهيارها.
هذا القول له ما يبرره اجتماعيا، حتى مع عدم الاتفاق معه بالضرورة مائة بالمائة، إنما الطبقات الكادحة خياراتها الحياتية ضيقة بما لا يعطيها الفرصة للمناورة، لضعف إمكانياتها، ومحدودية دخلها، وغالبا ثباته، بينما العاصفة تقترب من حدود خيمتها، فأسعار الوقود والماء والكهرباء حتمية يومية لا يمكن الصبر عنها، رغم أهمية الترشيد في التخفف من الآثار السلبية، لكن الثري يستطيع أن يقاوم، وينتصر غالبا، هكذا هي لياقته الاقتصادية.
علينا أن نبحث عن إجابات للمرحلة، أكثر مما نتراشق "بالبيض والطماطم" لأننا جميعا في مركب واحد، لن يغرق الغني أو الفقير، بل السفينة جميعها مسؤولية الجميع.. وكلما كبرت "المسؤولية" ازداد الحمل عليها، وعليها أن.. تتحمل.
حتى حينه تبدو الأخبار "المرشّدة" حكوميا تأتي على خجل.. وليس هناك مسؤول يتحدث عما هو المطلوب من الجميع تحمله لمواجهة العاصفة وهي تضرب السفينة..
لا يفترض أن نضخّم الأزمة، باعتبار أنها معتادة في واقعنا الاقتصادي المعتمد كثيراً على النفط، ولكن لا يمكن أن نهوّن أو نترك القضية دون دراسة لأن عمان التي بنت اقتصادها عبر 46 عاما، لا يفترض أن تهزها أسعار نفط، بينما المقومات الأخرى، على الرف تنتظر الاستراتيجيات والتسويفات في التنفيذ وغلبة المصالح وغياب محاسبة المقصّر والفاسد.
نتأخر، كثيرا، وبشكل يساعد على سخرية المجتمع، في دراسة المشاريع واعتمادها وتنفيذها وصولا إلى معضلات التشغيل، على الصعيدين الحكومي والشخصي، باستبساط محوره فكرة "العجلة تدعو للندامة"، وحينما نستيقظ يكون المشروع قد تجاوزه الزمن..
وترك مسقط دون خشبة مسرح، بما له من أدوار تنويرية ممكنة، يشبه ترك حدائقها دون استثمار ترفيهي، وتأخر جاهزية مطارها، وتأخر مشاريع سياحية عدّة كان يمكنها رفد عمان بذهب السياحة، كما هو ذهب موقعنا الجغرافي على خارطة طرق العالم التجارية، هكذا أشير بآخر الأسطر إلى أمثلة بسيطة من كثير فرّطنا فيه، ثم جئنا، لنرتجف أمام تراجع سعر برميل نفط، لم يكن شاغل عمان في يوم كانت فيه امبراطورية ممتدة.