جيل الآيباد والكتابـــــــة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٠/يونيو/٢٠١٦ ٢١:٢٣ م

عزيزة الحبسية
بعد ثورة التكنولوجيا في العالم وثورة الابتكار والتطوير في قطاع نظم المعلومات التي هي ليست مليئة بالمساوئ قطعا، فبها من الحسنات الكثير وأهمها تسهيل التواصل بين البشر، تحولت المجتمعات من مجتمعات تؤمن بالوجبات الثقيلة سواء من ناحية الغذاء أو من ناحية المعرفة والثقافة إلى مجتمعات تحب (الخفايف).

وحقيقية أشفق على هذا الجيل الذي أدمن استخدام هذه التقنية وصار يعتمد كليا على تلقي الخبر والمعلومة من القنوات التكنولوجية أن يظلم نفسه وهو في سباقه نحو المعرفة وبناء الوعي، فهو جيل يتلقى دون عناء واضعا رجلا على رجل وهو يشاهد القنوات المشفرة، يتلقى من هذه القنوات التكنولوجية في أحيان كثيرة خبرا كاذبا فيصدقه ومعلومة مغلوطة فيبني عليها أحلامه وتطلعاته!

لقد حولت هذه القنوات نفس الناس إلى نفس قصير في القراءة، فيمكن لمتصفح أن تجذبه صورة عائلية على الفيس بوك أكثر من مقال يحوي معلومات قيمة في الصفحة نفسها، ويمكن أن تشحذ طاقة متلق جملة قصيرة على التويتر نتجت عن موقف فجائي أكثر من أن يلفته تحليل علمي يتحدث عن الموضوع نفسه.

ورغم هذا لا يزال الكثيرون ينحازون إلى القراءة التحليلية العميقة مؤكدين أن أبعادها الفكرية والثقافية أكبر من أن تضاهى وتقارن بشعور ارتجالي سريع وأحيانا بكتابة سريعة خاطفة.
وقد يكون أسلوب التعبير على الفيس بوك أو على التويتر أسلوبا يماشي العصر ويحاكي التقنية (المحمولة) كأداة سريعة ومنصة للتعبير تتاح للجميع إلا أن موضوع التقنيات الحديثة للتواصل موضوع يحتاج إلى دراسات علمية لمعرفة إلى أي مدى يمكن لهذه الوسائط تحقيق نتائج جيدة سواء على صعيد التلقي أو على صعيد تشكيل الوعي، حيث إن المجتمعات الآن بأمس الحاجة لمعلومات دقيقة وواعية تسهم في التنوير الحقيقي.

باحث سويسري يدعى كونراد جسنر كان أول من دق ناقوس الخطر حول التدفق الزائد للمعلومات في كتاب له واصفا طغيان هذا السيل من البيانات على العالم الحديث ورأى أن هذا الإفراط يعد ضارا ومربكا معا للعقل، وأبدى مخاوفه من مخاطر العيش دائما على البيئة الرقمية وتخيل الآثار الخطيرة للتكنولوجيا على العقل والدماغ، هذه المخاوف التي ارتبطت بالتوازي مع الاهتمامات الحديثة حول الاستخدام المفرط للأطفال للتكنولوجيا وتأثيرها السلبي على المحادثة والقراءة وأنماط معيشة الأسرة، ما يؤدي إلى ابتذال أكثر في الثقافة العامة.

وفي دراسة أجريت من قبل جامعة بروك بورت في نيويورك بأمريكا على بعض الطلبة والطالبات وجد أن الحافز للقراءة والكتابة يتقلص عندما يتم استخدام التكنولوجيا في التعلم. وتقول الدراسة إن التكنولوجيا يمكن أن تكون أداة فعالة لمن يواجهون صعوبة وأمية في القراءة والكتابة في القرن الحادي والعشرين.

وقد طبقت الدراسة على طلبة لديهم معرفة مسبقة بالتكنولوجيا كالآيبباد والأوديو بوكس ومايكروسوفت وورد ويبرعون في استخدامها ويحتاجون لطرق إضافية أخرى لزيادة قدراتهم التحصيلية في القراءة والكتابة، فالجيل الجديد يكبر وهو محاط بكل أنواع التكنولوجيا ابتداء من الآيباد والآيفون وألعاب الفيديو وانتهاء بألعاب الكمبيوتر ويعيشون في عالم يعتمد على التكنولوجيا حيث يحقق الطلبة نتائج مدهشة عندما يتعلق الأمر بحصة التكنولوجيا (نظم المعلومات) ويكون لديهم حافز كبير في التفوق في هذه المادة وحافز على القراءة والكتابة، إلا أنهم بحسب الدراسة لا يزالون يحتاجون إلى أساليب التعلم التقليدية لتطوير الكتابة المتعمقة والتفكير النقدي والتحليل العلمي.

عزيزة الحبسية

azizaalhabsi87@gmail.com