أسئلة الأنواء.. الاقتصادية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٠/يونيو/٢٠١٦ ٠٥:٤٣ ص

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

ما يرشح للناس عن أخبار تداعيات الأزمة النفطية على اقتصاد بلادنا مقلق، مقلق جدا حدّ الحديث عن حالة إفلاس متوقعة خلال السنوات الخمس المقبلة، حتى مع وجود سعر البرميل عند حدود 45 دولارا للبرميل.
مقلق لأن العجز خلال خمسة أشهر، هكذا يقال، قارب أربعة بلايين دولار، والحكومة استدانت، وستستدين، وثم قد لا تجد ما تدفع به كلفة الديون، عدا استحقاقاتها..
المتفائلون، وربما جناح مهم في الحكومة وفق استنتاجاتي المتواضعة، يرون أنها "أزمة وتعدّي" مثلما حدثت أزمات سابقة هوت بالسعر إلى ثمانية دولارات، والتحليلات الاقتصادية حول أسعار النفط أكدت مرارا عدم قدرتها على قراءة المستقبل السعري بصورة واضحة، إنما هي تكهنات ينطبق عليها القول "كذب المحللون ولو صدقوا".
أما المتشائمون، وما أكثرهم، فيرون أن هناك حالة غرق قد تبلغ مرحلة خطيرة قبل أن يتمكن برميل النفط من التعافي، أو ليكون التشبيه أصدق، قبل أن يصل السعر إلى مستوى يكون بمثابة لوح إنقاذ، فالدولة في عام 2016 ليست كما كانت قبل عشر سنوات أو عشرين سنة، فقد تمددت، وكلفة تسيير شؤونها تضاعفت عدة مرات، والتحديات ضخمة، بينما الممكنات غير متوافرة لعبور هذا النفق.
يقارن الناس بين أزمات الماضي، والأزمة الحالية، ليجدوا أنفسهم، هذه المرة، مطالبين بشدّ الأحزمة، فالوقود أصبح عبئا لم يعتادوا على حمله، رغم أنه في دول كثيرة أغلى بكثير من سعره لدينا، وهناك حديث عن رفع الدعم عن الكهرباء والمياه، وعن ضرائب أخرى، حتى وهي تطبق على الشركات فإن تداعياتها ستصل إلى جيب المواطن حتما، مع غلاء الأسعار وتضخمها.
الخوف من الغد أكثر، حيث اليوم مربك بشكل يشعر به المواطن، والمفارقة أن هناك هدوء حكومياً في التعامل مع ما يحدث، فهل هو هدوء المتمكن والمتحكم في الأزمة، حيث لا يوجد داع للتصريح بحجم المشكلة وتداعياتها، والمطلوب، من الدولة والمواطن، لتجاوزها، أو هو هدوء الحائر كيف يتصرف ومن أين يبدأ والأنواء تضرب بقوة لم تكن في الحسبان؟ وأظن جملة "لم تكن في الحسبان" غير ممكنة أصلا، إذ الأزمات السابقة ينبغي أن تترك دروسا مجانية لتتعلم منها البلدان النفطية، أهمها أن تكون في مأمن من عواصفه، بتنويع مصادر دخلها، وما يحدث في بلادنا من اهتزاز بسبب هذه العواصف يدعو لفتح ملفات التخطيط والقائمين عليها، والمحاسبة الضرورية، ليتعلم الآخرون دروسا أيضا، تفيد مستقبل عمان.
في البلدان الأقوى منا في عالم النفط تسارعت الخطى للنظر في الأزمة بواقعية، حيث اللامبالاة، وبانتظار "جودو" كما تقول المسرحية المأثورة، تعمّق المخاطر، سارت تلك البلدان إلى هيكلة إدارية تخفف العبء عن كاهل الاقتصاد المحلي، وتسرّع دورة الاقتصاد في شرايين البلاد، لكن هل هدوء التعامل العماني مع الأنواء "النفطية" له مبرراته، أو أنه ما سيسبق عاصفة التغييرات، وبحسب قراءة الحالة "العمانية" فإن الهدوء يبقى حتى تذهب الأنواء والعواصف، حينها سنحاول إحصاء الخسائر، ومعالجتها، أينما يمكن أن يجدي العلاج، وصولا إلى "الكيّ"، وعلى المواطن أن.. يتحمل!