باريس – – وكالات
يرى سوريون أن الحل السياسي»المنشود في بلادهم لا يزال بعيد المنال في ظل التجاذبات الإقليمية منها والدولية، لكن ذلك لا يمنع البعض منهم أن يبدي قليلا من التفاؤل رغم « ضبابية الواقع الذي مهما طال لن يستمر» .
الأهداف النهائية
يقول السياسي ورجل الأعمال غسان عبود لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ) بمناسبة اقتراب موعد الجولة الثالثة من مفاوضات جنيف المعلنة في 25 من الشهر الجاري أشار إلى أن الجهات الدولية الفاعلة غير متفقة على الأهداف النهائية لعملية التفاوض و»كل يغني على ليلاه» وهذا يجعل الجهات المتفاوضة غير جدية.
وأضاف عبود وهو يملك مؤسسات سورية إنسانية خيرية وإعلامية أنه «لو كان المجتمع الدولي جادا بإنهاء الأزمة لاتخذ الاتجاه الصحيح لحلها وهو إيجاد تفاوض بين الفئات الاجتماعية السورية لبناء عقد اجتماعي فسوريا لم تعد تحتاج إلى عقد سياسي فقط، ولا يمكن أن تنجح أية مفاوضات بغياب العدالة وأخذ المجرمين الذين أجرموا بحق الشعب السوري وأصبحوا مجرمي حرب إلى المحاكم الدولية وإنشاء محاكم محلية برقابة وتقنيات دولية لمحاكمة المجرمين الأقل شأنا من الزعماء والجنرالات» وفق تعبيره.
وكانت موسكو طرحت عدة أسماء لإدخالهم في وفد المعارضة من أجل أن يكون لها ثقل في الموقف وإدارة كفة الأمور أثناء وبعد المفاوضات الأمر الذي لم يحسم حتى الآن.
ورفع النظام من سقف شروطه ضد المعارضة من خلال إصراره على فكرة « مكافحة الإرهاب كأولوية متجاهلا أي التزام بجنيف واحد الذي ينص على « حكومة انتقالية «.
وقال وزير الخارجية وليد المعلم بعد محادثات قبل أيام في دمشق مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا» هناك ضرورة للحصول على قائمة بالتنظيمات الإرهابية وقائمة بأسماء المعارضات، وأهمية احترام قرارات مجلس الأمن وخصوصا المعنية بمكافحة الإرهاب وأن جهود الحل السياسي وقرارات مجلس الأمن الأخيرة بهذا الصدد مرتبطة بصدقية جهود مكافحة الإرهاب التي تستدعي إلزام الدول الداعمة للإرهاب بالتوقف عن ذلك» على حد قوله.
وبهذا الموقف تغلق السلطات السورية الباب أمام أية مفاوضات باستثناء» مكافحة الإرهاب» ، وترى قوى المعارضة أن مكافحة الإرهاب ضرورة من ضمن كل البنود و هي يجب أن تكون خلال المرحلة الانتقالية وليس قبل ذلك.
فجوة كبيرة بين اللاعبين
ويقول السياسي وليد البني لـ ( د. ب. أ) وهو أحد الذين يقدمون أنفسهم كمستقلين « استبعد أن يتم الاتفاق على عقدها، فالفجوة كبيرة بين اللاعبين الأساسيين على الساحة السورية، فروسيا التي تمسك بالأرض عمليا بالتحالف مع إيران والجماعات المتحالفة معها لن تسمح للنظام بالحضور إلا بشروطها، ومن الواضح أن هذه الشروط غير مقبولة من الأطراف في الجهة المقابلة وخاصة فيما يتعلق بوفد المعارضة وتصنيف الجماعات الإرهابية «.
وأضاف «وما دام لم يتم الاتفاق على هاتين النقطتين فلن يكون من الممكن عقد هذه المفاوضات أصلا، لكن حتى ولو عقدت فإنني لا أتوقع نتائج مهمة منها لأن ما يجري على الأرض لا يدل على أن روسيا وإيران تعملان على حلول وسط ولا حتى على تطبيق مدرجات القرار 2254 بل على حسم عسكري يمكنهما من فرض تصورهما للحل» .
وأوضح أن «الأطراف الأخرى مثل الدول الغربية والسعودية وتركيا وقطر لا يقومون بما يكفي من الجهد على أرض المعركة ليتمكنوا من التصرف كند للروس والإيرانيين وفي نفس الوقت لا يريدون التسليم بانتصار المحور الروسي الإيراني لذلك لن يسمحوا لوفد الرياض (الهيئة العليا) بالذهاب إلى جنيف بناءً على الشروط الروسية الإيرانية « حسب تعبيره.
ويرى ماجد حبو العضو في الهيئة السياسية لمجلس سوريا الديمقراطية في تصريحات لـ (د.ب.أ) أن سقف التوقعات لجنيف 3 ليس عالياً في ظل استمرار أطراف الصراع المحلي - سياسيون وعسكريون - في إعادة إنتاج ذاتهم، يضاف إلى ذلك الموقف الإقليمي المتشنج الذي يبحث عن حل نزاعاته الإقليمية عبر الدم السوري.
عدم نضوج
وكانت أوساط سياسية سورية قالت إن دي ميستورا لم يرسل « الدعوات « للمفاوضات التي ستعقد في جنيف حتى الآن. وأضاف حبو وهو يساري التوجه أن « الموقف الدولي بالعموم حاسم في الملف السوري، لكن عدم نضوج الأطراف المحلية - بعضها - وكذا الموقف الإقليمي يجعل من توقعات المفاوضات المقبلة دون السقف المأمول والتوقعات العملية للمفاوضات هي لقاء بروتوكولي عاصف وغير جدي في المرحلة الأولى، يليه إجماع دولي - إقليمي للدفع بعناصر جديدة للمفاوضات تبقي الباب موارباً - للولوج إلى عمق أكثر جدية في الملف.
وتجري مشاورات مكثفة هذه الأيام بين الأطراف المعنية وفي العواصم صاحبة القرار المؤثرة إقليميا و دوليا بمشاركة الأطراف السورية من السلطة والمعارضة تحضيرا لجولة المفاوضات التي ستكون غالبا انعكاسا لموازين القوى العسكرية على الأرض.
وتقول العضوة في الهيئة العليا للمفاوضات سهير الاتاسي لوكالة الأنباء الألمانية « يبدو أنه لا مانع لدى المجتمع الدولي والولايات المتحدة بالذات أن تكون تلك المفاوضات شكلية غير حقيقية، والدليل على ذلك هو غياب الإرادة الدولية الفعلية للضغط على روسيا والأسد لأجل تهيئة بيئة مناسبة لتلك المفاوضات عبر تطبيق ما اعتبرناها مجرد إجراءات حسن نوايا تتجلى في البنود الإنسانية للقرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن«.
وأضافت الاتاسي « ربما لا يدرك (الأمريكيون) مدى خسارتهم لو فشلت المفاوضات القادمة كما فشلت مفاوضات جنيف 2 على أيدي نظام معدوم السيادة والشرعية، يفتقر اليوم أكثر من أي يوم مضى حتى إلى مجرد إقرار هدنة، أو التفاوض حولها ، ليصبح قرار السلم والحرب بيد روسيا التي تسير قدماً بالخيار العسكري رغم كل ادعاءاتها بكونها راعية للعملية السياسية».
ولفتت إلى أن المعارضة، بشقيها السياسي والعسكري وبكافة أطيافها ومكوناتها ستكون في المفاوضات المقبلــة موحّـــدة فـــي الموقف التفاوضي والرؤية السياسية أكثر من أي وقت مضى وستكون حائط صدّ أمام محاولات إعادة تأهيل الأسد ونظامه» حسب تعبيرها.