كوادر فنية عُمانية «ضئيلة» في مجال إصلاح السيارات

بلادنا السبت ١٨/يونيو/٢٠١٦ ٢١:٤٢ م
كوادر فنية عُمانية «ضئيلة» في مجال إصلاح السيارات

مسقط - عزان الحوسني

تشهد تجارة إصلاح السيارات ازدهاراً ونمواً مستمراً مع ازدياد عدد السيارات في السلطنة والتوسع السكاني في استخدامها حيث أصبحت تجارة مزدهرة تدر دخلاً متنامياً على أصحابها.

قطاع إصلاح السيارات مثل غيره من القطاعات التي تديرها القوى العاملة الوافدة ضمن التجارة المستترة، إلا ما ندر من خلال بدء إقبال الشباب العُماني على إدارة بعض محلات إصلاح السيارات بأنفسهم وإشرافهم عليها.
لكن الغالبية العظمى من هذه الورش تدار بأيدي قوى عاملة وافدة تتفاوت خبرتها ومهارتها في هذا القطاع.
حول ذلك يقول أبو شامس الغملاسي إن معظم العاملين في هذه الورش لا يعلمون مكان العطل بالتحديد بل يقومون بتغيير ما يأتي أمامهم إلى أن يصلوا إلى مكان العطل أو أنهم لا يجدونه أصلا، فيضطر بذلك صاحب المركبة إلى أن يكلف نفسه شراء العديد من القطع التي لا يحتاجها وفي الوقت نفسه لا يجد من يصلح مركبته وبخاصة السيارات الألمانية والأمريكية.

استغلال الورش

ويقول عبدالله أبو هلال، أحد أصحاب المركبات إنه تعب كثيرا و«تبهدل» لمعرفة عطل سيارته الأمريكية، حيث كان المكيف يعمل على إدخال الهواء الحار بدلا من البارد، وقال إنه ذهب من صناعية إلى صناعية أخرى بالسلطنة لحل هذه الإشكالية إلا أنه لم يجد من يفهم فيها إطلاقا، وذكر أن الكثير من الورش أرادت استغلال عطله في القدوم بأعطال أخرى وبذلك سينفق الكثير من المال من غير فائدة تذكر لحل مشكلة التبريد في مكيف المركبة، إلى أن ذهب إلى إحدى الصناعيات بالدول المجاورة وتفاجأ بانسداد مجرى أحد الأنابيب الدافعة للهواء البارد، وذكر أنه لم يكلف تصليحها إلا 50 ريالا عمانيا.
زايد الحوسني، أحد المستهلكين، وصف ورش إصلاح المركبات بأنها تفتقد إلى الكوادر من أصحاب المعرفة والخبرة، فلا توجد خبرة معتمدة في هذه الورش بخاصة للسيارات الألمانية والأمريكية، وذكر أن بعض الكوادر التي تعمل بهذه الورش مجرد أشخاص عاديين لا يملكون أي خبرة في مجال تصليح المركبات، وبعضهم يعملون في أعمال أخرى ويأتون إلى السلطنة في مهنة ميكانيكيين.
وأضاف أن البلاد التي يأتي منها العاملون في الورش بالسلطنة (بلدان آسيا) لا توجد بها كل أصناف السيارات التي توجد بالسلطنة كالسيارات الألمانية والأمريكية، لذلك تجد أن هناك صعوبة في إصلاح هذه المركبات من قِبل هذه الكوادر.
وأكد الحوسني أنه يجب تأهيل الكوادر العُمانية في التقنيات وغيرها في مراكز التدريب ليتمكنوا من الإلمام بكافة السيارات الموجودة بالسلطنة ورفع نسبة التعمين وإعطاء فرص للعُمانيين في هذه الأعمال ذات المردود الجيد من المال.

التجربة والممارسة

ويؤكد خبير الهندسة الميكانيكية بالهيئة العامة لحماية المستهلك د. م. عبدالرزاق عثماني لـ «الشبيبة» أنّ الكفاءة في مجال هندسة ميكانيكا السيّارات تتطلب تجربة وممارسة في هذه المهنة بالإضافة إلى ما يتلقاه الخريج عمليّا وأكاديميّا حيث إن المزج بين هذه المتطلبات يولّد خبرات وكفاءات ذات مستوى عال.
وقال: هناك أعداد كبيرة من الطلبة والمتدربين خريجي مراكز التدريب المهني، يتلقون تدريبا عمليا ونظريا، وفقاً لما وفرته الحكومة من معدات وأجهزة متطورة، حيث يتوّج ذلك بفترة ثلاث سنوات من التدريب الميداني في مختلف الشّركات التي تختصّ في هذا المجال، مؤكدا أن الطّالب أو الشّاب العُماني تلقى ضروريات المهنة في هذا الاختصاص وبعد ذلك تُكتسب التّجربة والخبرة.
وأضاف: لا شك أن كلّ واحد يحتاج إلى التّشجيع والإحاطة في بداية مشواره العملي وحياته المهنية سواء الخاصة (كباحث عن مشروع خاص) أو كموظّف في القطاعين الخاص أو الحكومي. والشاب العُماني، الخريج الذي سيدخل معترك الحياة، لا بدّ من إعطائه الفرصة الكافية والضّروريّة للتعلم من تجاربه وتجارب الغير من خلال المعاملات اليوميّة بجميع أشكالها.
ورأى أنّ الشاب العُماني قادر على الإبداع في هذا المجال، حيث قال: لنا عديد الأمثلة في ذلك ممن تدرّجوا السلّم الوظيفي بكل ثبات وثقة، وهذا أتى بفضل مجهوداتهم وتفانيهم في عملهم وثقتهم بأنفسهم ومما تلقّوه من معلومات سواء على المستوى الأكاديمي أو العملي. وإلى الآن يُشهد لهم بالكفاءة والانضباط.

تشجيع وتطوير

وذكر الخبير بهندسة الميكانيكا بالهيئة العامة لحماية المستهلك أنه يجب أن نمنح هؤلاء الشباب الثّقة فهو دافع نفسي مهمّ جدّا في حياتنا العمليّة لمساعدتهم على الاندماج في هذا المجال الواسع والمعقّد، ولا بدّ من تشجيعهم وتقديم دورات تدريبيّة للتّطوير المهني وتكثيفها لهؤلاء الشباب لتحصل الإفادة، وإعطاء الشاب الفرصة للمشاركة في الدّورات المحليّة والإقليميّة والدّوليّة مثله مثل الموظفين الأجانب؛ لأنّ التّطوير المهني للفنيين والموظفين في عصرنا الحالي وما تشهده تكنولوجيا السيّارات من تطوّر كبير أصبح ضروريّا، وهو من الرّكائز المهمّة لتطوير وازدهار أيّ مؤسسّة مهما كان نوعها أو نوع النّشاط الذي تتعاطاه.
وأكد أهمية إعطاء الشّاب العُماني الفرصة لتحمّل المسؤولية مع تطعيم المؤسّسات الحكوميّة والخاصّة بخبرات أجنبيّة قادرة ومستعدّة للإفادة ولتكون مرجعا لهذا الشباب الطّموح.
وأشار عثماني إلى أنه عندما تُعطى الفرصة كاملة للكادر العُماني الشاب، مع وجود التّشجيع والتأطير اللاّزمين فإنّه سيكون لهذا الأثر الإيجابي، دون أن ننسى الجانب الأهمّ وهو دراسة السّوق، فالإحاطة الحكوميّة بتوفير خبرات ذات صلة بالمجال لتقديم الاستشارات اللاّزمة والتّأطير الكافي لإدارة أيّ مشروع ناجح تحدث انعكاسات إيجابيّة ماديّا واقتصاديّا، وفي كلّ مشروع ناجح يمكن توفير أعداد من مواطن الشّغل والمساهمة في التّقليص من الباحثين عن عمل إضافة إلى العائد المادي.