رمضان «تيك أوي»

مقالات رأي و تحليلات السبت ١٨/يونيو/٢٠١٦ ٢١:٣٦ م

عزيزة الحبسية
azizaalhabsi87@gmail.com

كنت أتمنى أن تقوم جهة بدراسة أو بمسح لمعرفة نسبة انخفاض الطلب على مقاهي الوجبات السريعة محليا وبالتالي معرفة انخفاض مستويات الكوليسترول وتوابعه من الامراض المرتبطة بطعام (التيك اوي) وتأثير ذلك على مظاهر الصحة العامة.
كما يبدو ظاهريا فإن الناس تفضل تناول الطعام داخل البيوت في هذا الشهر. فالوجبات السريعة في الغالب مواد غذائية تنتج بكميات ضخمة وهي تعد وتقدم بسرعة، وهي نسبيا أقل قيمة غذائية مقارنة بالاغذية والاطباق التي تأخذ وقتا جيدا في الاعداد والطهي والمكونات، وعادة ما تكون هذه الوجبات معدة سلفا أو مسخنة وتقدم للزبائن على شكل حزم غذائية وهي بدائل سريعة ورخيصة عن وجبات الطعام المطبوخ في المنزل باحتراف. وقد تم ربط تناول الكثير من الوجبات السريعة بالامورالصحية السلبية كالسمنة وارتفاع الكوليسترول حيث يتم استبدال العشاء التقليدي للاسرة باستهلاك الوجبات الجاهزة و"بالأكل عالماشي".
المهم في هذا كله أن شهر رمضان أعاد للطبخ المنزلى بهاءه وهيبته لتتربع المائدة العمانية مرة أخرى على عرش التغذية اليومية سحورا وفطورا، ما يجعلنا نستنتج أن الناس عادت إلى عادات غذائية صحية أكثر في هذا الشهرالكريم.
والحديث عن المطبخ العماني وانتقال المجتمع أو أكثريته الى (التيك أوي) والوجبات السريعة يشبه انتقال كثير من المجتمعات الى الحياة المدنية المعاصرة وطرق تناول الغذاء فيها، فمنذ العام 1971 بدأ (ماكدونالد) تصدير ثقافته للعالم من خلال سلسلة المطاعم التي تم إنشاؤها حول العالم وانتشرت مطاعم ماكدونالد في الخليج العربي ومن ضمنها السلطنة التى عرف جيل الثمانينيات فيها (ماكدونالدز) وبعدها (برجر كنج) و(بيتزا هت) الخ.
وترتبط فكرة الاكل السريع بالتنمية الحضرية في العالم، فالامريكان مثلا بدؤوا ينفقون نقودهم مع زيادة القوة الشرائية التي أتت مع الطفرة الاقتصادية عقب الحرب العالمية الثانية، إضافة الى الخطوات التي قطعتها المراة في المجتمع وعملها خارج المنزل حيث صار تناول الطعام في الخارج أمرا اعتياديا ومألوفا ومقبولا ومن ثم صارت الخدمة السريعة من ضرورات التقدم الاقتصادي وأصبحت غير مكلفة.
وعندما جاءت الثورة التي غيرت في الانتاج الزراعي وطرق تصدير وتوزيع الطعام وصناعة المطاعم مع الثروة الصناعية الكبرى بعد الحرب بدأت سلاسل الوجبات السريعة في الانتشار في منتصف الخمسينيات وحتى العام 1960 وكان افتتاح أول فرع لماكدونالدز عبارة عن شركة للمشاوي في كاليفورنيا في عام 1940 وبعد التقييم برز للمؤسسين أن أغلب الارباح تأتي من تقديم (الهامبورغر) كما أن المراهقين والعائلات على حد سواء كانوا يهتمون بتناول الطعام بسرعة.. وتباع أطباق الفطائر وفطائر اللحم والرقائق واللحوم المطبوخة في المدن الكبيرة مثل لندن وباريس.
وفي مدينة كبيرة كمسقط حيث انتشار النشاط الاقتصادي والتجاري وانتشار أفرع وسلاسل المقاهي العالمية للوجبات السريعة والحياة المدنية وانغماس الناس في حياة السرعة والعمل، نشأت ثقافة (التيك أوي) والوجبات السريعة أكثر من غيرها من المناطق الاقل نموا اقتصاديا وتجاريا كالمناطق الداخلية والولايات العمانية، ما ينبئ بانحسار المطبخ العماني ووجباته التقليدية المعروفة ويعطي مؤشرات لحدوث منعطفات صحية بالمجتمع العماني تستدعى الملاحظة.