إتيكيت استخدام نبرة الصوت

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٦/فبراير/٢٠٢٠ ١١:٢٦ ص
إتيكيت استخدام نبرة الصوت

سعدون بن حسين الحمداني

إن نبرة الصوت مثل المقطوعة الموسيقية تتكون من مجموعة من النغمات العالية والمنخفضة وكذلك الظواهر الطبيعية على سبيل المثال في هبوب الرياح فهناك العاتية التي يتجنبها الناس بسبب صوتها العالي المخيف والمزعج وهناك الرياح العذبة الهادئة التي تلامس مشاعرالناس بكل معاني الارتياح والاسترخاء وهذا ما ينطبق على نبرة الصوت. نلاحظ أن جميع المعاهد والجهات الاكاديمية الدبلوماسية التي تدرس هذا المفهوم تؤكد بأن يكون نبرة الصوت بين المنخفضة الى المعتدلة في أعلى مراحلها ويسمى هذا الاسلوب أو النمط بأنه الاسلوب (الملكي أو السلطاني) لما له مدلولات على الشخصية الهادئة المشرقة المتعلمة حيث تلعب نبرة الصوت دوراً اساسيا في بناء أو هدم إي علاقة أو أحترام لما له من أثر كبير على نفس المتلقي سواء أيجابيا أو سلبياً بغض النظر عن نوع الكلام وفي طبيعة الحال فأن الانسان لا يختار صوته ولكن يستطيع أن يتحكم فيه من حيث حدة الصوت وشدته وهناك عدة مستويات ونبرات ومنها الرخيم والأبح والجهوري والنشاز وغيره، فبعض الأشخاص يتميز بصوت هادئ ودافئ ومريح يلامس مشاعر الناس، والبعض لديه صوت عالي ومستفز يجعل المستمع يتفادى الانصات إليه.

يعتبر إتيكيت نبرة الصوت من أهم المفاهيم الحديثة بفن الدبلوماسية وعلم الآجتماع ولغة الجسد. يقصد بأتكيت الصوت هي ( نبرة ومستوى الصوت لدى الشخص) وكان من أهم الدروس التي تدرس في المدرسة الفرنسية الدبلوماسية في نهاية القرن االثامن عشر هي نبرة الصوت الهادئة والمنخفضة لتدلل على رقي الشخص في أخلاقه وتربيته ومستوى تعليمه، ويعتبر إتيكيت الصوت في السلك الدبلوماسي من أحد أهم الدلائل الايجابية للدبلوماسي ورقي معلوماته وحنكته وشخصيته وخاصة في المحافل الدولية وحضور المناسبات الوطنية في ساحة عملهم. وهذا ما هو مطلوب في كل شرائح المجتمع بدءأً من العائلة والتي هي أصغر مكون أو نواة بالحياة الى أكبر المجمعات البشرية وهي الإسواق والموالإت ومحطات القطارات وصالات المطارات ..الخ ويستثنئ من ذلك الجانب العسكري.

كانت مدرستنا الاسلإمية سباقة وهي الاولى في هذا المجال حيث حثت على الصوت الهادئ المنخفض وهناك إيات قرانية كريمة بهذا الخصوص ،واضعين بعين الاعتبار المكانة الاجتماعية والدينية والعلمية والعمرية لكل شخص، وكانت هذه الاية الكريمة ذات دلائل كبيرة في هذا الموضوع حيث قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ...سورة الحجرات اية 2:وهو مثال ودرس رباني راق وكامل علينا الاقتداء والعمل به لنا جمعيا ابتداءً من الاسرة الصغيرة من الابن والوالدين/‏ الرعية والمسؤول بين الادنى والاعلى /‏الموظف ومديره الى اخر الامثلة التي يمكن تطبيقها، لأن الله سبحانه وتعالى خاطب أصحاب الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم» بعدم رفع صوتهم فوق صوت النبي لمنزلة الرسول الكريم وهو سيد وخاتم الانبياء وعليه يجب علينا نحن ان نقتدي بهذه الاية الكريمة ونجعل طبيعة تعاملنا مع الاخرين بنفس الادب الرباني.

أن أتيكيت الصوت وما يحمله من أدب التعامل يعكس صورة حضارية وراقية وسوف ينظر لك الجميع بكل إحترام وتقدير لما له من سمات جميلة وحساسة وهادئة ولا ننسى أختيار الكلمات المناسبة والمتدوالة على العكس من الصوت المرتفع والنبرة العالية المستهجنة من أغلبية افراد المجتمع. حيث قال تعالى :إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴿١٩ لقمان﴾ وقد أدبنا القرآن الكريم بهذه الأية الكريمة بأن صوت الحمير عالي النبرة ومرتفع الصوت لذلك يكون مكروهاً وغير محبذ عكس الاصوات الجميلة الهادئة. وأكد الخالق على أهمية خفض الصوت لما له من هيبة ووقار قال تعالى: وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ (12 لقمان) وهنا كلمة أغضض بمعنى أخفض الصوت على أن يكون هادئاً وجميلاً . ان هناك تكريماً من رب العزة الذين يخفضون الصوت أمام الرسول الكريم لذلك فان الاسلام والقران الكريم يعلمان البشرية لغة الجسد وأتكيت الصوت لذلك علينا الالتزام والعمل به على محتلف الأزمان والأماكن من العائلة الى أسرة الموظفين سواء في الوزارة او الأماكن الرسمية الاخرى بمختلف وأنواعها .

أن حسن الصوت وهدوء نبرته ووضوح مخارج الاصوات من العلامات التي علمنا إياها رسولنا الكريم «صلى الله عليه وسلم» في حديثه الشريف: : ( زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ ) أي بتحسين أصواتكم عند القراءة فإن الكلام الحسن يزيد حسناً وزينة بالصوت الحسن، لذلك نرى الخشوع وحسن الصوت في الترتيل والتجويد لتظهر نعمة الصوت التي وهبها الله لنالذلك علينا أن نربي اطفالنا وابناءنا على ذلك بدلاُ من ان نلهث خلف المدارس الغربية.
وفي االختام : علينا الاقتداء والعمل بالاسلوب الهادئ وهو الأسلوب الملكي أو السلطاني ابتداءً من الاسرة الصغيرة /‏ الرعية والمسؤول بين الادنى والاعلى /‏الموظف ومديره الى اخر الامثلة التي يمكن تطبيقها في حياتنا اليومية لما لها من أنعكاس على شخصية الانسان.

دبلوماسي سابق