مسقط - الشبيبة
تعكس ميزانية 2020 حرص الحكومة العمانية على السيطرة على العجز الذي يتوقع أن ينخفض بنسبة 11٪ من 2.8 بليون ريال عماني في العام 2019 إلى 2.5 مليار ريال عماني في العام 2020؛ كما يتوقع أن ينخفض العجز، كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، من 9 ٪ في العام 2019 إلى 8 ٪ في العام 2020. وتسعى الحكومة لتحقيق هذا الهدف، في ظل انخفاض عائدات النفط؛ وذلك من خلال زيادة عائدات الغاز والضرائب وغيرها من الإيرادات غير النفطية. ويهدف الإنفاق الحكومي إلى السيطرة على العجز، مع ارتفاع يقدر بنسبة 2٪ فقط مقارنة بميزانية العام 2019، والتي تعزى أيضاً إلى زيادة تكلفة الفائدة على القروض. وإن أهمية تحقيق توازن مالي وفقاً لميزانية العام 2020 بما يتوافق مع المبادرة الحكومية «توازن» ، تهدف إلى تعزيز الإيرادات وتحسين التكاليف وتقليل الديون.
تشكل عائدات النفط والغاز جزءًا كبيراً من عائدات الحكومة حيث تبلغ حوالي (72٪)، رغم انخفاض النسبة بشكل بطيء. تجدر الإشارة إلى أن ميزانية السلطنة للعام 2020 تستند إلى سعر النفط الذي يقدر بـ 58 دولاراً للبرميل، مثلما كان السعر في 2019. ووصل متوسط سعر النفط ، في العام 2019 ، 64 دولاراً للبرميل؛ وبناء على هذه المعطيات، فمن المحتمل أن يساعد تحقيق الأسعار،خلال عام 2020، الحكومة على مواصلة الحفاظ على أهداف النمو بشكل أفضل.
تهدف ميزانية 2020 إلى تحسين مناخ الاستثمار من خلال الحفاظ على مستوى مناسب من الإنفاق العام، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتقديم الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة عن طريق تخصيص حصة من المشاريع الحكومية. وعلى وجه الخصوص، تضمنت ميزانية العام 2020 عشرة مشاريع بلغ مجموع استثماراتها أكثر من 25 بليون دولار أمريكي، في ظل مساهمة القطاع الخاص.
يتوقع أن يلعب القطاع الخاص دوراً فاعلاً وأكبر في مشاريع التنمية والمساهمة في توفير فرص العمل؛ كما يتوقع أن يساعد كل من قانون استثمار رأس المال الأجنبي الجديد وقانون الشركات التجارية وقانون الإفلاس وقانون الخصخصة وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي تم اصدارها جميعاً في العام 2019 ، في تحقيق المعدلات المستهدفة للاستثمار الأجنبي والمحلي.
وقدرت ميزانية العام 2020 زيادة بنسبة 13٪ في الإيرادات غير النفطية مقارنة بالعام 2019، وذلك من خلال تسييل وبيع الشركات المملوكة للدولة والزيادة في تحصيل الضرائب وإيرادات جديدة من رسوم ترخيص خدمات الاتصالات. وتشمل بعض التدابير الضريبية الحكومية الأخرى زيادة كفاءة عمليات تحصيل الضرائب من خلال هيئة الضرائب المنشأة حديثاً بالإضافة إلى طرق أخرى لتمويل المشروعات الحكومية. ولا تعتمد ميزانية 2020 على عائدات ضريبة القيمة المضافة كما هو متوقع؛ حيث أكد وزير التجارة والصناعة العماني خلال مشاركته في «دافوس» مؤخراً، أنه من المتوقع أن تطبق ضريبة القيمة المضافة بدءًا من 2021.
ومن المتوقع أن تخصص الحكومة 5.3 بليون ريال عماني من نفقاتها، وعبر الشركات المملوكة للدولة، لاستكمال وصيانة مشاريع البنية الأساسية الرئيسية. ولا تزال ولاية الدقم تتصدر اهتمامات الحكومة في هذا الشأن؛ مما يدل على التزام الحكومة تجاه مواصلة جدول أعمال التنمية على الرغم من الضغوط المالية.
ولا يزال تخصيص النففات للإرتقاء بمبادرات الرعاية الاجتماعية مثل التعليم والصحة والإسكان والخدمات العامة تتصدر حصص الإنفاق الحكومي. بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء المركز الوطني للتشغيل بهدف توظيف القوى العاملة الوطنية. ومن المتوقع أن يقوم الصندوق الوطني للتدريب، الذي تم إنشائه لبناء القدرات البشرية وتنمية مهارات الباحثين عن عمل على المستوى الوطني، بتدريب 10000 فرد خلال عامي 2020 و 2021. وتقدر ميزانية الصندوق بـ 26.8 مليون ريال عماني. وبالطبع، يلعب القطاع الخاص دوراً كبيراً جداً في بناء الدولة وستكون مساهمته ضرورية لتحقيق النجاح.
وتهدف الحكومة إلى وضع إطار ميزانية متعددة السنوات (2020-2024) تتماشى مع رؤية 2040 والخطة الخمسية العاشرة. ويعد هذا الاتجاه أحد خطط العمل الرئيسية المحددة في ميزنية 2020 لتحقيق التوازن المالي على المدى المتوسط.
وفي سياق متصل؛ يمثل التنويع الاقتصادي أحد الأهداف الرئيسية لميزانية 2020 ورؤية 2040. وتركز ميزانية 2020 على القطاعات الاستراتيجية الخمسة، بما في ذلك التصنيع والنقل واللوجستيات والسياحة ومصايد الأسماك والتعدين؛ إذ تمثل هذه القطاعات أحد الدعائم الرئيسية لتعزيز النمو الاقتصادي بعيدا عن النفط والغاز. ويرجح أن يعتمد جهود التنويع الاقتصادي، بشكل كبير، على تمويل القطاع الخاص والاستثمارات في المشاريع الاستراتيجية. ويتوقع أن يساعد قانون استثمار رأس المال الأجنبي الجديد وقانون الشركات التجارية وقانون الإفلاس وقانون الخصخصة وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي تم اصدارها في العام 2019، في تحقيق المعدلات المستهدفة للاستثمار الأجنبي والمحلي. وسوف تمهد اللوائح التنفيذية لبعض هذه القوانين المتوقعة خلال العام 2020 طريقاً واضحاً للاقتصاد ومجتمع الأعمال.
إن الاعتماد على عائدات النفط والغاز وأي ظروف معاكسة غير متوقعة في هذا القطاع قد يؤثر على السياسات الاقتصادية على المدى القريب. وسوف تساعد جهود الحكومة نحو التنويع على تخفيف هذا الضغط على المدى الطويل.
ويتوقع مجتمع الأعمال أيضاً إصدار اللوائح التنفيذية، بشكل أسرع ، فيما يتعلق بقانون استثمار رأس المال الأجنبي وقانون الشركات التجارية لا سيما أن هذه القوانين سوف تدفع الاستثمار المضي قدماً، سواء من السوق المحلي أو الدولي.
لا يزال تشكل مسألة تعزيز مهارات الشباب العماني، لتلبية متطلبات الصناعة وتوفير فرص عمل قيمة أحد أولويات الأجندة الحكومية، وسوف تساهم مبادرات ميزانية 2020 في دعم هذه الرؤية الوطنية.
وعلى المدى المتوسط والبعيد، فإن اتخاذ إجراءات محددة للحد من ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي يبدو أمراً ضرورياً للحفاظ على الصحة المالية للاقتصاد. ويجب إدارة تكلفة الاقتراض من خلال العمل مع المجتمع الدولي وتحقيق تصنيفات ائتمانية جيدة. ومن منظور القدرة التنافسية العالمية، عززت السلطنة سهولة تنفيذ ومباشرة الأعمال بمقدار 10 نقاط وتبلغ حالياً 68 نقطة. ومن المرجح أن يؤدي تنفيذ السياسات بشكل أسرع إلى تحسين هذا الترتيب بدرجة أكبر لجعل السلطنة وجهة استثمارية أكثر جاذبية.
أشوك هاريهاران: الشريك ورئيس قسم الضرائب لدى كي بي إم جي لوار جلف
راكيش جاي: رئيس قسم الضرائب لدى كي بي إم جي في السلطنة
أشوك هاريهاران
راكيش جاي