واشنطن تتهم موسكو بقصف معارضين تدعمهم في سوريا والأخيرة تؤكد صعوبة التمييز بين الجماعات على الأرض
واشنطن -موسكو – – وكالات
شكل نحو خمسين دبلوماسياً أمريكياً مجموعة «منشقين» تطالب الولايات المتحدة بأن توجه ضربات عسكرية إلى النظام السوري، في انتقادات سياسية قاسية للسياسة التي يتبعها الرئيس باراك أوباما لمحاولة وقف هذا النزاع. واعترفت وزارة الخارجية الأمريكية بوجود «برقية (دبلوماسية) منشقة أعدتها مجموعة من موظفي الوزارة تتعلق بالوضع في سوريا».
ورفض الناطق باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي كشف المضمون الدقيق لهذه المذكرة الدبلوماسية. لكن صحيفتي وول ستريت جرنال ونيويورك تايمز اكدتا أن المذكرة تطلب صراحة شن ضربات عسكرية أمريكية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. واكتفى كيربي بالقول «نحن ما زلنا ندرس هذه المذكرة التي صدرت قبل وقت قصير جدا».
وقالت الصحيفتان اللتان أكدتا انهما اطلعتا على مسودة للنص، إن البرقية هي مذكرة قصيرة وقعها نحو خمسين دبلوماسيا وموظفا في وزارة الخارجية.
وأوضحت «نيويورك تايمز» أن البرقية تدعو إلى «الاستخدام المدروس لأسلحة بعيدة المدى وأسلحة جوية»، أي صواريخ كروز وطائرات بلا طيار وربما غارات أمريكية مباشرة.
«منطق أخلاقي للتحرك»
وأضافت صحيفة نيويورك تايمز أن موقعي المذكرة يعتبرون أن «المنطق الأخلاقي للتحرك من أجل وقف المجازر والآلاف في سوريا بعد خمس سنوات من حرب رهيبة، واضح وغير قابل للجدل».
وتابعت أن المسؤولين الأمريكيين ينتقدون في مذكرتهم «الوضع القائم في سوريا الذي ما زال يؤدي إلى أوضاع كارثية اكثر فاكثر في المجال الإنساني وعلى الصعيد الدبلوماسي والإرهاب».
وأثارت استراتيجية أوباما حيال النزاع السوري جدلا كبيرا في السياسة الخارجية لولايتيه الرئاسيتين. وأوباما الذي انتخب في 2008 ومنح جائزة نوبل للسلام في العام التالي، من القادة الديموقراطيين المشككين في النزعة التدخلية العسكرية. وقد حاول إخراج الولايات المتحدة من حربين بدأتا في عهد سلفه جورج بوش الابن في العراق وأفغانستان.
وأعلن أوباما المتحفظ جدا على خوض نزاع جديد في الشرق الأوسط، صيف 2013 في اللحظة الأخيرة تخليه عن قصف بنى أساسية للنظام السوري على الرغم من اتهامات للجيش السوري باستخدام أسلحة كيميائية ضد مدنيين في أغسطس من تلك السنة.
وفي الأشهر التي سبقت ذلك، وعد أوباما بالتحرك إذا تجاوزت دمشق هذا «الخط الأحمر». ولم تتقبل فرنسا والسعودية بشكل كامل تخلي الرئيس الأمريكي عن التحرك في اللحظة الأخيرة.
ومنذ ذلك الحين ترفض الإدارة الأمريكية كل تدخل عسكري واسع في سوريا حيث أسفر النزاع عن سقوط 280 ألف قتيل.
ولم يواجه هذا الخط بعدم التدخل الذي يدافع عنه البيت الأبيض أي انتقادات علنية من قبل. وأن وزير الخارجية جون كيري ألمح في الأشهر الأخيرة إلى أنه أراد بذل جهد اكبر، وتحدث عن «خطة باء» موضوعة إذا توقفت عملية التسوية السياسية بالكامل في سوريا.
سلام يراوح مكانه
في الواقع، ترعى روسيا والولايات المتحدة عملية دبلوماسية وسياسية لتسوية الأزمة في سوريا - محاولات لوقف إطلاق النار وحل سياسي ونقل مساعدات إنسانية - لكنها تحتضر.
من جهة أخرى تقود واشنطن تحالفا عسكريا دوليا شن 13 ألف عملية قصف جوي منذ صيف 2014 على تنظيم داعش في سوريا والعراق.
كما نشرت واشنطن عشرات من أفراد القوات الخاصة الأمريكية على الأرض في سوريا حيث رفض أوباما باستمرار نشر عشرات الآلاف من الجنود.
وانتقد المحلل اهارون ديفيد ميلييه الذي كان مستشارا لستة وزراء خارجية على التوالي، في تغريدة على تويتر أن «دبلوماسيين أمريكيين يحثون أوباما على ضرب الأسد، بأي هدف؟ أمر جيد أن وزارة الخارجية لا تقود السياسة الأمريكية».
اتهامات أمريكية
من جانب آخر قال مسؤول عسكري أمريكي كبير إن روسيا نفذت ضربات جوية يوم الخميس في جنوب سوريا ضد معارضين يقاتلون تنظيم داعش منهم قوات تدعمها الولايات المتحدة.
ووجه المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته انتقادات قوية للضربات الروسية قرب التنف موضحا أنه لم يكن هناك أي وجود لقوات برية روسية أو سورية في المنطقة وقت القصف مما يستبعد فعليا ذريعة الدفاع عن النفس. وقال المسؤول «الأفعال الأخيرة لروسيا تثير قلقا كبيرا بشأن النوايا الروسية». وأضاف: «سنطلب تفسيرا من روسيا عن السبب الذي دفعها للقيام بهذا الفعل وسنطلب تأكيدات بأن هذا الأمر لن يتكرر مرة أخرى».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا إن طائرات حربية قصفت اجتماعا لقوات تدعمها الولايات المتحدة وتحارب داعش في قرية التنف قرب معبر التنف الحدودي مع العراق مما أدى إلى مقتل اثنين من المقاتلين وإصابة أربعة.
وأضاف المرصد أنه لم يتضح جنسية الطائرات التي نفذت الهجوم.
ودأبت واشنطن على رفض التعاون مع روسيا في سوريا ضد تنظيم داعش منذ أن شنت موسكو حملتها الجوية في سبتمبر العام الفائت متهمة روسيا بالتصرف بشكل منفرد لدعم الرئيس السوري بشار الأسد. وتطالب الولايات المتحدة الأسد بالتنحي.
واقتصرت الاتصالات بين الجيشين الأمريكي والروسي بشأن سوريا على اتصالات تهدف إلى تجنب حدوث أي تصادم عرضي أثناء تنفيذ حملات قصف منفصلة وفي ظل وجود عدد صغير من القوات الأمريكية على الأرض.
على الجانب الآخر قال الكرملين أمس الجمعة إنه من الصعب التمييز بين المعارضة المعتدلة والمتطرفين على الأرض عند توجيه ضربات جوية في سوريا إذ أنهم في كثير من الأحيان يقاتلون بالقرب من بعضهم البعض. وأدلى متحدث باسم الكرملين بالتصريحات عندما طلب منه التعقيب على مزاعم مسؤول عسكري أمريكي كبير لم يتم الكشف عن هويته اتهم القوات الروسية في سوريا بقصف مقاتلين تدعمهم واشنطن.
كما انتقد المتحدث مذكرة دعا فيها مسؤولون أمريكيون لشن ضربات جوية على القوات الحكومية السورية وأضاف أن أي محاولة لتغيير النظام في سوريا ستدفع المنطقة برمتها إلى الفوضى.
51
مسؤولاً أمريكياً
يعلنون رفضهم لسياسة أوباما ويطالبون بعمل عسكري ضد الرئيس السوري وبتغيير النظام لهزيمة داعش