تحقيق – شيماء عبدالفتاح
كثيرة هي العادات التي ارتبطت بالشهر الفضيل خاصة في السنوات القليلة الفائتة حيث ارتبط شهر العبادة بالإسراف والبذخ في كل شيء، وقد تحدثنا في عدد سابق عن الإسراف في شراء متطلبات المنزل وأدوات الطبخ واليوم سنتحدث عن الإسراف الكبير وغير المبرر في أصناف الطعام والشراب التي يكون مصيرها في نهاية اليوم هو سلة القمامة.
عُرف العرب بالكرم منذ القِدم ولكن ما يحدث على الموائد الرمضانية في هذه الأيام لا علاقة له بالكرم بل هو نوع من الإسراف الشديد، حيث نجد أن المائدة الرمضانية تمتلئ -في بعض الأحيان- بما لا يقل عن 10 أصناف وأنواع من الطعام مما أدى إلى ارتفاع معدلات الاستهلاك بشكل غير مسبوق رغم أن شهر رمضان هو شهر الصوم للمسلمين وبالتالي قلة ساعات تناول الطعام والشراب فيه، فنجد أن معدلات الإنفاق فيه تزداد عن بقية الشهور في الدول العربية بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص، وهذا ما أكدته تقارير اقتصادية نشرت مؤخراً حيث أظهرت أن معدلات الإنفاق للأسرة الخليجية بالشهر الفضيل تعادل قيمة الإنفاق في ثلاثة أشهر، وأن استهلاك الأسرة يزيد بنسبة 150%، إذ أصبحت حمى الشراء واستهلاك السلع في شهر الصوم أعلى منها في أي شهر آخر على مدار السنة.
ان حجم الغذاء في العالم يبلغ 4 مليارات طن وفق إحصاءات منظمة ال"فاو" التي أعلنت أن نسبة الفاقد والهدر في أمريكا وأوروبا تتراوح بين 30 و50 بالمائة، بينما تتراوح نسبة الهدر في دول الخليج بين 50 و70 بالمائة، ومعظم المواد الغذائية التي يتم شراؤها يتم رميها في النفايات مما يترتب عليه ارتفاع وزيادة في فاتورة المستهلك في رمضان، كما أظهرت أن المستهلك الأمريكي يطلع على الأسعار بدقة ويعقد مقارنات بين السلع المختلفة ويخطط لميزانيته بشكل جيد ويشتري ما يحتاجه فقط ويهتم بإدارة المخزون على مستوى الأسرة، وهي مزايا لا تتوفر في المستهلك العربي أو الخليجي الذي يغلب عليه الشراء العشوائي للسلع التي يحتاجها والتي لا يحتاجها.
بداية يعلق ياسر بن محمد قائلا: رمضان هو شهر الكرم لكننا نجد أن الكثيرين يتخذون من هذا مبررا للإسراف في شراء الطعام لإعداده طوال شهر رمضان خاصة في الولائم والدعوات والعزائم الرمضانية، فيتفنن الكثيرون في إعداد أصناف متعددة يكون مصير كثير منها في نهاية كل عزومة سلة المهملات، متناسين أن شهر رمضان هو شهر عبادة وليس شهر إسرافٍ وأنواع متعددة من الطعام.
حفظ النعمة
يضيف العباس الحسني قائلا: هناك الكثير من الفقراء الذين هم بحاجة إلى هذه الأطعمة التي تكون مصيرها القمامة، وأنا لا أعارض مبدأ العزومات والولائم الرمضانية فهي فرصة لصلة الأرحام ولكن أرى أنه لا داعي لكل هذه الكميات التي تهدر بصورة يومية، فمن الأفضل أن يتم تغليف كل الأطعمة المتبقية وتوزيعها على الفقراء والعمال والجيران، فمن الأفضل أن ينتفع بها آخرون بدلا من إهدارها وذلك من مبدأ حفظ النعمة.
سريعة التلف
أما مهيرة بنت حسين فتضيف: تقع الكثير من ربات البيوت في هذا الخطأ حيث تشتري الكثير من المواد الاستهلاكية التي -للأسف- تتلف سريعا في المطبخ خاصة مع درجات الحرارة العالية التي تتصادف مع شهر رمضان وبالتالي يكون كم المواد المهدرة أكبر من المستهلكة، لذلك من الأفضل أن تشتري المرأة ما هي بحاجة له فقط دون أن تصاب بحالة من حمى الشراء التي تقضي فيها على الأخضر واليابس في الأسواق ليكون مصيرها في النهاية سلة المهملات قبل استخدامها.
عادات مختلفة
تضيف نورة الوهيبية قائلة: نشعر بالاختلاف في شهر رمضان من ناحية الأصناف المتعددة والأطعمة التي لا نقوم بعملها إلا في هذه الأيام، وأجمل ما في هذا الشهر هو اجتماع العائلة على الإفطار والسحور فهذا لا يتيسر للجميع في باقي أيام السنة حيث تتناقض مواعيد العمل والدراسة وينشغل الجميع، لذا فمن أروع اللحظات التي تمر علينا هي لحظات اجتماع العائلة وتنوع وتعدد الأطباق، ولكن بالفعل يتبقى الكثير من الطعام وقليلون من يستخدمونه في اليوم التالي حيث إن عاداتنا تختلف عن عادات بعض الشعوب الأخرى فلا يحتفظ الكثيرون منا بباقي الطعام في الثلاجة لاستخدامه لاحقا فيفسد -للأسف- ويكون مصيره القمامة.
توسط واعتدال
تقول رفيدة آل جمعة: إن ترشيد الاستهلاك ضروري في رمضان، ولا أعني البخل والتقشف ولكن أقصد التوسط والاعتدال، حيث أرى أن الكثير من الأسر تتكبد الكثير من المصروفات في هذا الشهر فقط من أجل الطعام والعزائم والولائم وهذا إسراف غير مبرر، بالفعل هناك أصناف نقوم بعملها في رمضان ونشتاق إليها باقي أيام السنة ولكن الاعتدال مطلوب، وإذا كان هناك فائض من الطعام بشكل يومي فمن الأفضل أن نقوم بتوزيعه على الفقراء والمساكين، وأرى أن السبب الرئيسي وراء الإسراف في أنواع وأشكال الأطعمة هو برامج الطبخ ومواقع التواصل الاجتماعي حيث يتم تداول صور الوصفات وطرق إعدادها وهذا يجعل الزوجة تتفنن في عمل هذه الوصفات الجديدة.
لا تسرفوا
بهذا الصدد يعلق الشيخ سالم النعماني على الأمر قائلا:
يعتبر الإسراف من أكثر المظاهر السيئة في رمضان والله سبحانه وتعالى يقول: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) إذن فلا داعي لكل هذه الوجبات والأصناف التي يكون مصيرها في النهاية سلة المهملات، وأنصح الجميع بأنه إذا ما كان هناك طعام كثير متبق فمن الأفضل توزيعه على الفقراء والمساكين لأنه يجب على المسلم الغني أن يكون قلبه على أخيه الفقير ويشعر به ويعطيه مما رزقه الله.