محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
قادتني دعوة جميلة إلى إفطار رمضاني أستطيع القول إنه مميز، منحني فرصة الاستماع إلى أصوات نحسبها جديدة فإذا بها تجاوزت الكثيرين منا، وهي تعرض أفكارها، لأنهم «جيل الإنترنت» كما هو عنوان كتاب مهم قرأه أحد المتحدثين الرئيسيين في اللقاء، وشكّل نقطة مهمة في مسار فهمه لطبيعة هذه الشبكة التي نسبح فيها، وتسبح فينا.
أكثر من 150 شخصاً التقوا على مائدة رمضانية، تحاوروا سابقاً في عالم افتراضي له مرئياته في التحاور، وجاؤوا للاستماع لبعضهم البعض وجها لوجه، يتعارفون في حضور واقعي، ربما هناك من له معرفة «واقعية» بالبعض لكن الحضور تحت مظلة عنوان «الفيسبوك» له سطوعه «التقني». كان الحوار هادئاً، وأغلب المشاركين من الشباب، والمناسبة رمضانية لها روحانياتها، بخاصة أن الندوة الحوارية جاءت قبل موعد الإفطار بتسعين دقيقة تقريباً.
تركزت الأفكار حول تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الوعي، الفردي والمجتمعي، والدور الممكن لمواقع، كهذه، في توسيع دائرة الوعي، بما تنتجه من أفكار، تتحاور أو تتصادم، مع الآخر لتكتسب مساحات أفضل في الرؤية.
هذه المواقع ازدهرت عربياً كمنصات للتعبير كون المخارج الأخرى ليست بذات الأفق الراغب فيه جيل اليوم وهو يعيش حياة مختلفة عن أجيال سبقته، حيث التعبير عن الرأي يتطلب مساحة، وربما مساحات، لا تكفيها قاعات البرلمانات (ولها حساباتها) أو وسائل الإعلام (ولها مصالحها وحساسياتها)، عدا المنصات الاجتماعية الأخرى الأضيق من أن تسمح لفكر يمكنه النفاذ حتى عبر خاصية «الأسماء الرمزية»، حيث تصعد الأشياء المتوارية إلى السطح بتحليق حر، أو وفق تعبير أطلقه أحد المتحدثين، بأنها «أوجعتنا» بصراحتها لكنها ضرورية نحو التغيير.
كان الحديث عن الإيجابيات متاحاً لكنه لم يلغ «اللون الأسود» من حضور هذه المواقع في حياتنا، وما أثّرته من تحزّبات وخلافات على مستويات وطنية ومذهبية، وهذا مرجعه للوعي القاصر في لغة التحاور داخل منصات مواقع التواصل، وليس وعي المجتمع الذي عدّه أحد المتداخلين متقدماً.
ولجمال اللقاء وتأثيره في «وعيي» أسرد بعض المنافع التي رأيتها في هذه المواقع، وأشارت إليها الجلسة الحوارية..
توسيع الوعي يكون عبر «معرفة أشخاص يتحدثون حول موضوع معيّن» و»الوعي ليس الأخذ من المجتمع فحسب بل بإعطائه أيضاً الأفكار عبر صوتك وأفكارك»، وتنمية الوعي بمعرفة الأحداث ونقلها والتفاعل معها، وكشف الزيف.. في الأفكار والأشخاص، وتنمية الفضول المعرفي، والقدرة على تقديم الآراء والمقترحات.
الحوارية لم تغفل وجود «صورة سلبية عن الجيل الجديد» كون المواقع تسمح «بالحرطمة».. أي التنفيس، لكن هذا الوعي المتمدد في عقول الكثيرين سيحدث تأثيره، لا محالة، وأن الزمن ما قبل «فيسبوك» لا يشبه ما بعده.. أبداً.