إغلاق فجوة المهارات الناشئة في آسيا

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٩/يناير/٢٠١٦ ٢٣:١٠ م
إغلاق فجوة المهارات الناشئة في آسيا

تواجه آسيا الآن تحدي رأس المال البشري. فعلى مدار العقود الثلاثة الماضية، ساعدت المكاسب الكبيرة في حجم قوة العمل والجودة آسيا في التحول إلى مركز لسلاسل الإمداد العالمية ــ وبالتالي تمكينها من دعم التقدم السريع نحو مستويات الدخل والمعيشة في الاقتصادات المتقدمة. ولكن مع تزايد عجز العمال عن تلبية متطلبات سوق العمل، يصبح النجاح المذهل الذي حققته المنطقة في مجال التنمية عُرضة للخطر.

الواقع أن آسيا لديها وفرة من العمال الشباب المتعلمين. ولكن في وقت يتسم بالترقية الصناعية والتطور التكنولوجي المتزايد، تصبح المعارف والمهارات المكتسبة في المدرسة غير كافية غالبا. ونتيجة لهذا، أصبحت مستويات البطالة والبطالة المقنعة وعدم الرضا الوظيفي بين الشباب في ارتفاع.

وفي مختلف أنحاء آسيا، يشعر أفراد حصة كبيرة من العمال بأنهم إما أكثر تعليماً أو أقل تعليماً مما يتناسب مع الوظائف التي يشغلونها، في حين يشكو أرباب العمل غالباً من الافتقار إلى الخريجين المؤهلين. وتشير دراسة مسح أجرتها «مجموعة القوى العاملة» إلى أن 48% من أرباب العمل في آسيا واجهوا صعوبة في شغل الوظائف الشاغرة لديهم في العام 2015، مقارنة بنحو 28% في العام 2006. ومن ناحية أخرى، يناضل العديد من خريجي الجامعات بما في ذلك 45% في كوريا الجنوبية بحثاً عن وظيفة. ورغم الاختلافات بين بلدان آسيا، فإن بعض نقاط الضعف في السياسات والأنظمة المصممة لتعزيز تنمية المهارات أصبحت مستوطنة. وأكثر نقاط الضعف هذه ضرراً عدم قدرة العديد من البلدان على نقل المهارات المناسبة من خلال برامج التدريب قبل التوظيف وعلى رأس العمل. ففي الهند على سبيل المثال، شارك 0.8% فقط من الطلاب في المتوسط في التعليم الفني والمهني الرسمي في المرحلة الثانوية من الفترة 2006 إلى 2010. والواقع أن نظام التعليم والتدريب الفني والمهني في الهند يستطيع تدريب أقل من ربع 13 مليون شخص يدخلون سوق العمل سنويا. ونادراً ما يكون نظام التعليم والتدريب الفني والمهني متاحاً في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم أو القطاع غير الرسمي، كما يتلقى قدراً ضئيلاً للغاية من التمويل العام. وعلاوة على ذلك، يعمل الافتقار في مختلف أنحاء آسيا إلى المشاركة من قِبَل الشركات الخاصة ــ أرباب العمل المحتملين ــ على تقويض قدرة أنظمة التعليم والتدريب الفني والمهني على الاستجابة بالقدر الكافي للتغيرات في سوق العمل، وبالتالي التقليل من فرص العمل المتاحة للخريجين. ففي بنجلاديش، وإندونيسيا، وسريلانكا، تدير أقل من ربع الشركات برامج تدريب داخلية رسمية. وتساهم نُدرة المعلمين المؤهلين تأهيلاً جيداً والإدارة غير الفعّالة في تفاقم هذا الوضع.
ويتعين على الحكومات في مختلف أنحاء آسيا أن تعمل على ابتكار طرق لتحويل أنظمة التعليم والتدريب لديها، حتى يتسنى للعمال اكتساب المهارات التي يحتاجون إليها لتعزيز النمو الاقتصادي والإنتاجية ــ المفتاح إلى الوظائف الأفضل والأجور الأعلى. ومن الأهمية بمكان أن تعمل الحكومات على جعل اكتساب المهارات سمة أساسية في سياسات التنمية الوطنية. وفي وقت يتسم بالتغير السريع، يصبح من الضروري تنسيق التعليم ومهارات التدريب مع التجارة والسياسات الصناعية لتحسين فرص تلبية متطلبات أسواق العمل الناشئة.
.

أستاذ الاقتصاد ومدير معهد

البحوث الآسيوية في جامعة كوريا