بلدية مسقط تحذر: تسكين "العمالة الوافدة" بوسط الأحياء السكنية يهدد التركيبة الإجتماعية

بلادنا الأحد ٠٨/ديسمبر/٢٠١٩ ١٧:٠٣ م
بلدية مسقط تحذر: تسكين "العمالة الوافدة" بوسط الأحياء السكنية يهدد التركيبة الإجتماعية

مسقط – الشبيبة

مواطنون : نرى أهمية أن يتحمل كل من أصحاب الأعمال والمباني مسؤولية تسكين العمالة الوافدة في أماكن غير التي يأهلها السكان وسط الأحياء

قد تصبح المناطق التي يأهلها السكان والمختلطة بسكنات العمالة مُعرضة أكثر عن غيرها لظهور عادات صحية سيئة

ينص الأمر المحلي رقم (23/92) في شأن تنظيم المباني بمسقط وتعديلاته، بعد السماح بإقامة مجمعات أو مباني لسكن العمال أو العزاب بالمناطق السكنية

إقامة مدن عمالية سيكون له أهمية كبيرة كمبادرة جديدة تلامس حاجة المجتمع في إبعاد العمالة الوافدة.

أصبحت سكنات العمالة الوافدة "العزاب" هي الشوكة التي تؤرق مضاجع السكان في الأحياء السكنية وخاصة القديمة، حيث هجر بعض الأهالي منازلهم وانتقلوا للعيش في بيوتِ أخرى ابتعادًا عن الصخب والفوضى التي قد يسببها الجوار من العمالة الوافدة، باعثين من جانبهم برسالة إلى الجهات المعنية للنظر حيال هذا الأمر الذي يهدد التركيبة الاجتماعية والاستقرار المجتمعي في هذه الأحياء، كما يدعو الأهالي إلى تطبيق القانون في عدم السماح لملاك العقارات بتأجير الوحدات السكنية إلى العمالة الوافدة، كما يدعو أفراد المجتمع بعضهم لبعض أن يقفوا معًا من أجل توطين المصلحة العامة وتقديمها عن المصلحة الشخصية؛ وذلك بعدم منح الفرص لهذه الفئات بأن تكون بجوار عوائل محلية؛ لما يمكن أن يتسبب به من خطورة بالغة، وأضرارًا اجتماعية وأمنية واقتصادية بسبب العادات الدخيلة التي يمارسها البعض من فئات العمالة الوافدة، والتقاليد المتباينة تمامًا مع ثوابت المجتمع العماني، مما يؤثر تأثيرا سلبيّا على الأمن والاستقرار في التجمعات المحلية والأحياء السكنية.

مناشدة لأصحاب المباني:
ظهرت مناشدات متكررة لمواطنون من بعض مناطق العاصمة مسقط بسبب ما أحدثته ظاهرة تكدس العمالة الوافدة بوسط مساكن العائلات، وما يشكلونه من أخطارا جسيمة بدأت تظهر آثاره في أنتشار قضايا السرقات وقضايا أخلاقية أخرى، وقد تحدث المواطن يونس بن محمد البوسعيدي: "لقد أصبحت بعض الاحياء تكسوها الفوضى العارمة بسبب تكدس العزاب والسكن بالقرب من العائلات، ناهيك عن القلق والإزعاج الذي قد تسببه هذه العمالة للقاطنين بنفس المنطقة، إلى جانب العادات والتقاليد المختلفة التي يقوم بها البعض، وتطال بتأثيرها الوسط المحلي، وهي أمور غير صحية إجمالًا، مع اعترافنا بأن هذه الظواهر قد تكون نتيجة طبيعية للنمو والتقدم العمراني والاقتصادي الذي شهدته السلطنة، والذي أفرز تبيانًا في النسيج الإسكاني من خلال زيادة أرقام العمالة الوافدة؛ الأمر الذي إنعكس على صعوبة توفير مساكن لهذه العمالة أو تسكينهم في الأحياء السكنية أو مواقع أخرى بمختلف المناطق في محافظة مسقط، إلا أننا كمواطنون عمانييون نرى أهمية أن يتحمل كل من أصحاب الأعمال والمباني مسؤولية تسكين هذه الفئات في أماكن غير تلك التي يأهلها السكان وسط الأحياء، نظرًا لما يترتب على ذلك من آثار ومخاطر عديدة.

أبعاد صحية:
وتحدث الممرض عيسى بن محمد العوفي قائلا " قد تصبح المناطق التي يأهلها السكان والمختلطة بسكنات العمالة مُعرضة أكثر عن غيرها لظهور عادات صحية سيئة كالتدخين والتبغ، وغيرها مما قد يؤثر سلبا على الناشئة على المدى البعيد، حيث أن استئجار عامل واحد لسكن ما يجلب عمالاً آخرين للتكدس والعيش بذات السكن مما يجعل حجم التأثير أكبر، وقد تنعدم الشروط الصحية للإقامة ويصبح مكان لتجمع النفايات وبقايا الأكل، مما يؤدي إلى جلب الحشرات والقوارض والحيوانات السائبة. ناهيك عن الأضرار الأخرى التي تهدد صاحب العقار كالتهرب عن دفع أي مبلغ".

وبشكل عام فإن تواجد العمالة الوافدة بوسط المواقع والمخططات السكنية له أبعاد إجتماعية وأمنية واقتصادية، حيث أنهم اعتادوا بممارستهم لسلوكيات دخيلة على المجتمع، كونهم من ديانات ومجتمعات غير إسلامية لهم عادات وتقاليد مختلفة، كما أن تواجدهم يكون مصدر إزعاج ومضايقات للقاطنين من العائلات وخاصة النساء والأطفال.

تزعزع الاستقرار:
وقال المحامي صلاح بن خليفة المقبالي: "إن ظاهرة تسكين العمالة الوافدة في وسط الأحياء السكنية هي مشكلة باتت تقض مضاجع المجتمع بصورة كبيرة، وأضحت تحتاج إلى تدخل تشريعي لتجنيب المجتمع مخاطرها ، وهذا الأمر كما توضح الإحصائيات في سجلات البلاغات والسجلات الجرمية نوعٌ من التجمعات السكنية للعزاب يؤدي إلى إيجاد مجموعة من الجرائم التي تهدد أمن المجتمع واستقراره، مثل السرقات والتحرش والاتجار بالخمور والمواد الممنوعة ، وهذا الأمر كان بعيدا عن المجتمع في وقت سابق ، وما ظهرت هذه المشكلة إلا عندما أصبحت المخططات السكنية وبالأخص القديمة منها تعج بإسكان العمالة الوافدة .وعلى ذلك ، فإن إسكان العزاب "العمالة الوافدة" يكون بصورتين في هذه المخططات السكنية ، فإما أن يكون عن طريق عقد إيجار ، أو عن طريق تصرف المالك في ملكه بأن يكون العمال تحت كفالة مالك العقار أو يعملون لديه، وفي كلتا الحالتين يكون التصرف مشروعا في ظاهره ، إذ لا يجوز أن يُمنع المالك من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون، وقانونا هنا نجد أن تأجير المالك للعماله الوافدة العزاب لا يكون منطويًا على مخالفة للقانون ، وإذا ما كان العقد إيجارا فإن المشرع لم يمنع من إبرام عقد إيجار بهذه الحالة ، إلا متى ما اتضح أن المقصد من الإيجار هو لممارسة عمل غير مشروع ، ولكن المشكلة الراهنة هي في وجود مجموعة كبيرة من العمالة الوافدة تسكن في مكان واحد داخل المخططات السكنية ، وهنا قد يقول قائل بأن المشرع لم يمنع تسكينهم في المناطق السكنية ، وأن مالك العين المؤجرة يتصرف فيها تصرف المالك في ملكه والذي هو محمي وفق النظام الأساسي للدولة ، وردا على هذا القول نقول: صحيحٌ أن المشرع لم يمنع ذلك نصا وأنه وفر الحماية القانونية للملكية الفردية ، ولكن هذه الحرية ليست بعيدة عن التنظيم والمبادئ العامة التي تحكم كافة علاقات الأفرا د، فسلطة المالك ليست مطلقة بل هي محدودة بأن لا تسبب ضررًا للغير ، ومتى ما كان استعمال الحق يترتب عليه ضرر على الغير فإن صاحب الحق يمنع من التصرف في حقه ، فضلاً عن أنه يكون عليه وجوبًا تعويض من ترتب عليه ضرر من استعمال هذا الحق إن كان استعمال الحق فيه نوع من التعسف ، وكان الضرر خارج الأضرار المألوفة .

وبالتالي فإن مسألة إسكان عمالة أو عزاب في منطقة معدة للسكن العائلي ينطوي على أضرار بالغة بهذا المجتمع ، ودرء مفسدة ذلك أولى من حماية مصلحة مالك العين المؤجرة ، وبالتالي فإن الضرر الأعلى يدفع بالضرر الأدنى ، فيترتب على ذلك أن يبطل عقد الإيجار ، ويلزم مالك العين المؤجرة بإخلائها أو حتى وإن كان العمال تابعين له فيلزم بنقلهم إلى مكان آخر بعيدا عن مساكن العوائل ، كون ذلك ينطوي على أضرار جسيمة ، درؤها أولى من معالجتها بعد وقوعها ، ولكن استعمال حق الإبطال لهذه التصرفات القانونية يكون بيد القاضي فقط ، فهو الذي يكون بيده ترجيح المضار والمنافع ، فطالما لا يوجد لهذه الحالة تنظيم تشريعي فإن إعمال مقتضيات العدالة يكون بيد القاضي فقط وهو الذي يكون له الحق في إبطال التصرفات القانونية متى ما تجاوز استعمال الحق حدوده. ومن جانب آخر فإن بلدية مسقط كان لها السبق في هذا الجانب حين قامت بتنظيم إسكان العزاب في المخططات السكنية ، ونظمت منعه وذلك بموجب الأمر المحلي رقم (23/92) في شأن تنظيم المباني بمسقط وتعديلاته.

كما أوضح علي بن خلفان السلطي "قد يقوم البعض باستغلال هذه المنازل في أعمال طبخ وتحضير المأكولات، بغرض بيعها للمقاهي والمطاعم، والبعض الآخر يمارس بها أعمال خياطة الملابس بصفة عامة، وبيعها في الأسواق التجارية، مما تتسبب هذه الأعمال في تجميع المخلفات وبالتالي تحدث ضجة كبيرة وإزعاج للقاطنين بنفس المبنى".

إجراءات تنظيمية:
وعبّر سليمان بن عامر الشقصي، مدير دائرة التفتيش الحضري بالمديرية العامة لبلدية مسقط بمطرح الكبرى بالقول: "أصدرت بلدية مسقط تعميماً إدارياً يقضي بتحديد نوع استعمال العقار بعقد الإيجار، ويأتي التعميم الإداري في ظل انتشار ظاهرة تسكين "العزاب" من العمالة الوافدة في الأحياء السكنية، والسكنية التجارية بأعداد كبيرة وما تشكله هذه الظاهرة من آثار سلبية تهدد النسيج الاجتماعي للمجتمع. ونصَّ التعميم على التأكد من توضيح نوع استعمال العقار بشكل دقيق إذا كان المستأجر شركة، وذلك بكتابة سكن عائلي في خانة الاستعمال، أمّا إذا كان سكن موظفين وعمَّال فنيين (عزاب) فيتوجب على المختصين عدم تسجيل ذلك العقد، بينما إذا كان المستأجر فرداً ونوع الاستعمال سكني فإنه يتم تسجيل العقد، والمستأجر يتحمل مسؤولية تسكين العزاب من العمال إذا اتضح ذلك مستقبلاً.

التفتيش الحضري:
وأضاف الشقصي: "إن من أهم اختصاصات دوائر التفتيش الحضري بالمديريات التابعة ببلدية مسقط القيام بزيارات تفتيشية من أجل ضمان عدم وجود أي ملاحظات أو مخالفات متعددة، ومتابعة التجاوزات المتعلقة بتسكين العزاب في المناطق السكنية، حيث قامت دائرة التفتيش الحضري بالمديرية العامة لبلدية مسقط بمطرح الكبرى بتنظيم حملات ميدانية وإجراء زيارات تفتيشية، ومتابعة المباني، وأسفرت هذه الزيارات خلال النصف السنوي الأخير من هذا العام رصد (40) مخالفة لعدد (74) منزل في منطقة وادي عدي والحمرية، كما تم تسجيل عدد الحالات التي تم تحويلها للقانونية بعدد (3) حالات".

مدن عمالية:
وحيث أن إقامة مدن عمالية من شانه أن يكون الحل الأمثل في إبعاد العمالة الوافدة عن الأحياء السكنية، نظرًا لما ستوفره هذه المدن من مأوى الملائم لشريحة العمال ليكونوا قريبا من مواقع العمل، فإنه وتأكيدًا على هذا الجانب أشار بالقول السيد شبيب بن حارب آل بوسعيد - مساعد مدير عام المديرية العامة للاستثمار والتطوير الاقتصادي ببلدية مسقط في حديث سابق بمجلة مسقط بأنه قد تم التنسيق مع وزارة الإسكان لتخصيص أرض لبناء مدينة عمالية في منطقة المسفاة بمساحة 250 ألف متر مربع، وسوف يتم طرح مزايدة للقطاع الخاص وذلك للشركات المتخصصة في بناء وإدارة المدن العمالية. وإدراكًا لأهمية هذا المشروع، قامت بلدية مسقط بتشكيل فريق لمتابعة تنفيذ مشروع بناء وتشغيل المدينة العمالية بالمسفاة حسب القرار الإداري رقم (113/2017)، ويتولى هذا الفريق مهام الإشراف على هذا المشروع.

إطار قانوني:
تحرص بلدية مسقط على التصدي للظواهر السلبية المنتشرة في المحافظة، ولتنظيم إسكان العزاب في المخططات السكنية، نظمت منعه بموجب الأمر المحلي رقم (23/92) في شأن تنظيم المباني بمسقط وتعديلاته، وذلك في الباب الثاني “الشروط المعمارية والفنية” وفق المادة (31) التي نصت في البند "د" منها على أنه: د- لا يسمح بإقامة مجمعات أو مباني لسكن العمال أو العزاب بالمناطق السكنية أو السكنية التجارية ولا يقبل أي تصميم معماري يوحي بذلك، وكما لا يسمح بإقامة مبنى يجمع بين السكن العائلي وسكن العزاب. كما نصت المادة (101) من الأمر المحلي ذاته إلى عدم جواز تشييد أي مبنى أو استعماله إلا للغرض الذي صدرت بموجبه الإباحة، والمنسجم مع فئة الاستعمال والهيكل التخطيطي للمنطقة.

وأصبح كل من يقوم بإسكان العزاب مخالفا للقانون، ويترتب لبلدية مسقط حق التدخل لإزالة أسباب المخالفة وإخلاء الموقع، وذلك وفقا لما قرره البند "3" من المادة (134) من ذات الأمر المحلي، والمتمثلة في: 3- لواحدة أو أكثر من العقوبات التالية في حالة المخالفات الأخرى: أ- غرامة لا تقل عن 25 ريالا عمانيا ولا تزيد على 50 ريالا عمانيًا. ب- غرامة استمرارية لا تقل عن (5) ريالات ولا تزيد على (10) ريالات يوميا. ج- السجن لمدة لا تزيد على ستة أشهر حسب جسامة المخالفة. د- قيام البلدية بإزالة المخالفة وتحميل مرتكبيها كافة المصاريف".

وتؤكد بلدية مسقط على استمرارية دورها الرقابي الذي يؤكد على سريان تشريعاتها، كما تعمل بدورها في استمرارية حملاتها التفتيشية الميدانية لمراقبة كافة الأنشطة ومتابعة استخدامات المباني وفق اشتراطاتها المنصوص عليها قانونياً. وتدعو في الشان ذاته جميع المواطنين للإبلاغ عن أي ملاحظات وذلك بالاتصال على مركز اتصالات مسقط (1111) أو عبر حسابات البلدية على مواقع التواصل الاجتماعي.