لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com
لينا صالح العلي سيدة لبنانية قتلها ولدها الوحيد مؤخراً لأنها "معادية لتنظيم الدولة الإسلامية" ولأنه ضاق ذرعاً بإلحاحها عليه ليعود لحياته الطبيعية ويذر رفاق الموت الذين صاحبهم منذ انتسابه لهم.
في لقاء تلفزيوني معهم على القناة اللبنانية انتحب إخوتها الذين فجعهم الخبر ولم يتوقعوا أن تذبح أختهم بدم بارد وعلى يد من؟ على يد الولد الذي عصرت حياتها من أجله!
قبل يومين فقط أصدرت ما تسمى "ولاية الجزيرة" فيديو يظهر عناصر لتنظيم داعش في الموصل يظهر فيه شخص أربعيني يدعى أبو عبد الله وهو يُعدم أخاه وعددا آخر من المتهمين "بالتعامل" مع القوات العراقية أو قوات البيشمركة. وبدا أبو عبد الله هذا فخورا بقتل أخيه الذي كان جاثيا على قدميه وهو يرميه بالرصاص. وكان معتدا بنفسه وهو يؤكد في التسجيل أن "لا اعتبارات عشائرية أو وطنية أو غيرها في أحكام الإعدام التي ينفذها التنظيم".
وربما يذكر كثيرا منكم الحادثة التي هزت المملكة العربية السعودية في عيد الأضحى عندما أقدم سعد راضي العياش على قتل ابن عمه صبيحة العيد وطلب من أخيه أن يصور مشهد القتل وسط توسلات القتيل التي يتفجر من وجعها الحجر وكل ذلك عقابا لابن عمه لأنه "التحق بالعمل العسكري غير الإسلامي" على حد وصفه. وظهر أبو القتيل بعدها يدعو على ابنه بجهنم على فعلته المشينة تلك، مؤكدا أن القاتل غير ملتزم بالصلاة خلافاً لابن عمه القتيل!
نفهم اليوم سرّ الموقف المتصلب لدول مثل الصين وروسيا وكوريا، بل وأوروبا حتى 40 عاما مضت، أمام كثير من الكتب والأفكار التي تصنفها بأنها "ماجنة ومفسدة للعقول". تفعل دولنا المثل وتتصدى منذ أعوام لإنتاج تعتبره معادياً للأخلاق أو للأديان وتحظر بكل ثقة من صوابية قرارها آلاف المواقع "الفاسدة"، وكان حرياً بها أن تفعل ذلك منذ سنوات مديدة للكتب التي تروج الكراهية والتكفير والتشدد والتي توزع مجاناً وتدرس في الجامعات الشرعية ولها قنوات فضائية تتبنى أفكارها.
لا تسيئوا فهمنا، فنحن مع حرية التعبير بشكل مطلق، ولكن التجربة أثبتت أن العقول البسيطة السطحية تتأثر بشكل مخيف بالأفكار الشيطانية التي تبثها التنظيمات الإرهابية وأذرعها. نظن الأمر كالتالي: البسطاء ناهيك عن الشخصيات السيكوباتية المعادية للمجمع مستنقعات متعطشة لأفكار كهذه، فإن سقيتها بتلك الأفكار ستتلقفها سريعاً وتنبت نباتاً نكداً. أما الطبيعيون فيستطيعون تفنيد ما يمر عليهم ولفظ سمومه.
لقد جاء اليوم الذي صرنا فيه ندعو للمنع، بعد أن كنا نحارب من أجل الحرية والانفتاح.. بعد أن رأينا بيئتنا على حقيقتها وهشاشة عقول شبابنا "المسلم". لا تفسير لهذا الإجرام، ولا كيف تستطيع تنظيمات أن تُمني منتسبيها بالجنة إذا ما هم سفكوا الدم المحرم وإن كان دم أقرب الناس لهم. كل ما نستطيع فعله اليوم أمام هذا النزف أن نخمد صوت الفتن في مهدها، وإن كان ذلك يعني غربلة ما يقدم للقارئ والمشاهد من مادة.