مسقط - ش
لطالما مثلت السلاحف رموزاً مختلفة في شتى أساطير وحكايات الشعوب، فقد رمزت السلحفاة عند المصريين للحماية، ووسيط المدينة الروحي عند اليابانيين. كما أن بعض الثقافات كالصينية والشمال أمريكية قد آمنت بأن الكرة الأرضية محمولة على ظهر قوقعة سلحفاة فقدسوها وعاملوها كالآلهة.
ولهذه الكائنات الأليفة دور كبير في إثراء المياه الإقليمية بالسلطنة، كما تصرح العديد من المخطوطات والوثائق القديمة وذلك نظراً لكثرة توافد هذه الكائنات إلى سواحل السلطنة في جموع غفيرة لتصبح أهم نقطة استقطابية للسلاحف بين سواحل المحيط الهندي.
إضافة إلى كون شواطئ السلطنة اللازوردية مزارٌ يستقطب السياح من العمانيين ومن مختلف الجنسيات الأخرى إلا أنها تمثل أيضاً موطناً يعشش فيه عدد من أنواع السلاحف، ومن أمثلتها:
•السلحفاة الخضراء: للحظ أن يحالفك بمشاهدة سلاحف من هذا النوع على امتداد سواحل السلطنة وليس في إحداها على وجه الخصوص.
•السلحفاة ضخمة الرأس: تعد السلطنة معلماً مهماً يحتضن هذا النوع من السلاحف المهددة بالإنقراض والتي تأخذ من جزيرة مصيرة وجزر الديمانيات وسواحل ظفار موطناً لوضع بيوضها.
•السلحفاة صقرية المنقار: وهي من الأنواع التي تعيش أمداً طويلاً (تمتد فترة حياتها إلى 67 سنة تقريباً). وتتواجد في سواحل مسقط وجزر الديمانيات.
•سلحفاة ردلي الزيتونية: ويأتي هذا النوع من السلاحف في الطليعة من ناحية ثروتها وقيمتها في الشواطئ التي تستوطنها كشواطئ جزيرة مصيرة.
•السلحفاة جلدية الظهر: كالضيف خفيف المقدم تأتي هذه السلاحف إلى مياه السلطنة الإقليمية، لذا تختلف عن مثيلاتها في كونها لا تتخذ من سواحل البلاد موقعاً لطمر بيوضها. كما وتعد الأضخم بين مثيلاتها.
وفي كل عام، تهاجر أفواج ومجموعات هائلة من السلاحف مواطنها باتجاه سواحل السلطنة لوضع بيوضها في جو من الدفء والسكينة بأحضان الرمال الذهبية. ويقدر عدد تلك التي تأتي نحو السلطنة ب 20,000 سلحفاة بشتى صنوفها.
وحتى يتسنى لك عيش تجربة تشهد فيها سحر الطبيعة وعظمة الخالق في ما خلق من خلال مشاهدة السلاحف من سائر الأنواع والأشكال الجميلة فإن رأس الحد هو الوجهة الأمثل. وإن صحّ التعبير، فإنه لأمر نادر أن يمر يوم في شاطئ رأس الحد ولا تجد فيه السلاحف وهي تزحف منتشرة على طول خطها الساحلي لتصنع حفراً وسط الرمال وتضع بيضها فيها، وبالأخص في شاطئ رأس الجنز.
وتبعد قرية رأس الجنز بحوالي 3 ساعات فقط عن العاصمة مسقط. ومن ناحيتها الشرقية ترى مزيجاً تذهل له الأعين من الجبال الشامخة والكثبان الرملية اللتي تتراقص مع نغمات الرياح والمياه ذات الزرقة النقية وخضرة الأشجار الزاهية، كلها داخل إطار جمالي واحد من الطبيعة.
وسرعان ما تسلك طريقك في هذه القرية سيقع ناظرك على أهم المعالم البيئية والعلمية التي تضمها وهو المركز العلمي الذي يتناول ويستعرض كل ما يخص السلاحف وأنواعها ومواسم وضع بيضها وخروجها من الماء وعودتها إليه وغيرها الكثير مما يجذب انتباه الزوار سواء أولئك المنخرطين في علومها أو متتبعيها أو حتى لمن جاء بهدف المعرفة فقط. كما ويعمل المركز أيضاً على الحفاظ والتطوير من أماكن تعشيشها في ساحل المنطقة.
ويضم المركز العلمي برأس الجنز فندق ومطعم وذلك ليتسنى للسياح أخذ قسط من الراحة وإكمال مغامرتهم المثيرة مع السلاحف لاحقاً. كما يمكنهم إمضاء الليلة بالفندق والاستمتاع بجولة مع المرشد لأماكن طمر بيض السلاحف بعد رؤيتها في معرض الصور بالمركز ومعرفة ما يحدث عن كثب. وفي الصباح الباكر وقبيل أن تنسج الشمس خيوطها الذهبية على الساحل، يستطيع الزوار أن ينهوا قصة الطبيعة الجميلة التي ابتدؤوها بالأمس في منظر بديع لصغار السلاحف، مبصرةً النور لأول مرة، وهي تشق طريقها من الحفر التي فقست فيها نحو المياه معلنة عن انطلاق حياة جديدة من الهجرة والترحال.
وقد حظيت منطقة رأس الحد بفرصة استثمارية جديدة وذلك عبر مشروع رأس الحد الصديق للبيئة. وسيعمل هذا المشروع على توفير ما عدده ٧٠٠ غرفة فندقية متوزعة على فنادق خمس نجوم ومنتجع بوتيك، إضافة إلى مركز متخصص لحماية الحياة البرية، وحديقة للتأمل تبلغ مساحتها 10 آلاف متر مربع، وحديقة تأخذ بالسياح في جولة للحياة البحرية. كما وسيتم إنشاء قرية تراثية لاستعراض الجوانب الثقافية الحافلة للبلاد.