جنيف - ش – وكالات
يحتفل أعلى محفل لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بالذكرى العاشرة لتأسيسه في جنيف هذا الأسبوع بدون أي صخب دبلوماسي، في الوقت الذي تتفق فيه كثير من الدول ومجموعات النشطاء على أن مجلس حقوق الإنسان يحتاج إلى إضافة قوة تأثير لبياناته البليغة التي يصدرها.
ويصدر المجلس أكثر من 100 قرار كل عام حول قضايا تتراوح بين انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا إلى حق المواطنين في الحصول على سكن مناسب.
وبعكس مجلس الأمن الدولي ومقره نيويورك، فإن مجلس حقوق الإنسان لا يتمتع بأية سلطات لتوقيع عقوبات على الحكومات المخالفة عند ارتكابها جرائم ضد الإنسانية أو غيرها من الانتهاكات، كما لا يمكن إجبارها على التعاون مع خبراء حقوق الإنسان بالمجلس.
وتقول ليلى مطر ممثلة منظمة " هيومان رايتس ووتش " الحقوقية في جنيف " إن عدم التعاون مع المجلس وآلياته مثل آلية الإجراءات الخاصة ( والتي تعني تكليف مجموعة من الخبراء بتقديم تقارير عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم) هو مسألة متأصلة ".
وقدمت كوريا الشمالية أحد الأمثلة الأكثر تطرفا لعدم التعاون في مارس الماضي، عندما أعلن وزير خارجيتها ري سو يونج أن الدبلوماسيين التابعين لوزارته سيتجاهلون قرارات مجلس حقوق الإنسان وسيقاطعون أية مناقشات يجريها المجلس حول الأوضاع الحقوقية في هذه الدولة الشيوعية.
وأصدرت عدة منظمات حقوقية اقتراحا مشتركا في آذار/مارس الماضي يهدف إلى زيادة فعالية المجلس.
وعلى سبيل المثال قالت هذه المنظمات إنه يتعين على المجلس أن يضع معايير واضحة في قراراته، لقياس مدى التقدم الذي تحقق في قضايا حقوق الإنسان، كما طلبت إصدار تقارير حول تنفيذ القرارات.
وطرحت مجموعة تضم أكثر من 60 دولة من مختلف مناطق العالم اقتراحا منفصلا أمس الاثنين يحث مجلس الأمن الدولي على الاهتمام بآراء وتحذيرات مجلس حقوق الإنسان بدرجة أكبر، وأن يستخدمها كنظام للإنذار المبكر للأزمات الأمنية الناشئة.
وفي هذا الصدد قال وزير خارجية سويسرا ديديه بيركهالتر وهو يقدم هذا الاقتراح الدولي إن تعزيز الروابط بين المجلسين في نيويورك وجنيف من شانه أن يدعم من فعالية مجلس حقوق الإنسان.
وأضاف " إن عشر سنوات ليست كافية للارتقاء باحترام حقوق الإنسان بشكل ملحوظ ".
بل إن المراقبين المنتقدين يؤكدون على أن المجلس يتمتع على الرغم من ذلك ببعض نقاط القوة، ومن بينها مراجعاته الدورية لسجلات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وهذا يبعث برسالة مهمة تقول إن " كل دولة في العالم لديها مشكلات في حقوق الإنسان ويجب أن تخضع للمراجعة "، على حد قول مارك ليمون رئيس " مجموعة يونيفرسال الحقوقية "، وهي مركز للفكر مقره جنيف يقوم بدراسة عمل مجلس حقوق الإنسان.
وأوضح ليمون وهو دبلوماسي بريطاني سابق أن مجلس حقوق الإنسان أبلى بلاء حسنا عندما قدم تحذيرا مبكرا بشأن الأزمات التي في طور التخمر، مثل الوضع في بوروندي العام الماضي، حيث أثارت انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة في هذه الدولة المخاوف من اندلاع موجة جديدة من الصراع العرقي بين قوميتي الهوتو والتوتسي.
وعندما تم تأسيس مجلس حقوق الإنسان عام 2006 ليحل محل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي أثبتت عجزها، قررت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أنه يتعين على المجلس الجديد أن" يتبنى أعلى المعايير ".
وطالبت منظمات المجتمع المدني في اقتراحها الهادف للإصلاح بأن يكون للدول المرشحة لعضوية مجلس حقوق الإنسان سجل مدقق يشير إلى تقدمها في مجال حقوق الإنسان، وكذلك التعاون مع الأمم المتحدة.
وتوضح ليلى مطر أن السبب الأساسي لكثير من أوجه ضعف المجلس هو أنه وقع فريسة للنواحي السياسية، وهذا لا يؤثر فقط على انتخابات العضوية فيه بل أيضا على انتهاجه سياسة الكيل بمكيالين.
ومع ذلك يرى الخبراء والمدافعون عن حقوق الإنسان أنه من المهم أن تضم عضوية المجلس في جنيف مجموعة واسعة من الدول حتى لو كان بعضها لديه سجل سيء في هذا المجال.
ويعلق على هذا الرأي مافرد نواك الباحث النمساوي في المسائل القانونية والذي عمل مقررا للمجلس حول التعذيب قائلا " إذا صممنا على أن تقتصر عضوية المجلس على الدول التي لها سجل ناصع في حقوق الإنسان، فلن نجد سوى حفنة من الدول فقط في مداولات المجلس ".