جنازة محمد علي كلاي

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٣/يونيو/٢٠١٦ ٢١:٠٤ م
جنازة محمد علي كلاي

عزيزة الحبسية

بعد إصابته بمرض باركنسون ومعاناته الطويلة مع المرض، قال محمد علي كلاي "لقد أعطاني الله المرض ليرينى أنني لست الأعظم، بل هو الأعظم"..
فقد العالم محمد علي كلاي، الملاكم بطل الوزن الثقيل وواحد من أعظم الشخصيات الرياضية في القرن العشرين. ومنذ أن أعلن خبر وفاته كانت قصة إسلام "كاسيوس كلاي" في المسيحية، "محمد علي كلاي" في الاسلام، تتردد وتطفو الى السطح ويعاد تناولها وتداولها، إلا أن أمراً واحداً كان يطغى على قصة إسلامه وهو أن "محمد علي" استخدم الملاكمة كمنصة للترويج للاسلام كدين للسلام وذلك دفاعا عن ايمانه فهو أصبح رمزا واضحا للمقاومة ضد كراهية الاسلام في امريكا.
لقد أثار وأغضب أمر اعتناق محمد علي للاسلام في العام 1964 الكثير من الامريكان فالكثير منهم يربط هذا الدين بالعنف. وهذا الامر جعل محمد علي كلاي الشرير الاكثر استقطابا كرياضي وملاكم في ذلك الوقت حتى اتهم من قبل منافسيه بأنه يحول رياضة الملاكمة الى ادارة شاملة للكراهية، وكان هو يرفض الكلام الموجه اليه من اعدائه ومنتقديه ويرفض تسمية عرقه بـ "المسلمين السود" ويراها تسمية غير شرعية لمعتقده وكان يقول "ديننا هو دين الاسلام وهو "دين السلام" فالمسلم لا يحمل سكاكين ولا سلاحا ويصلي خمس مرات في اليوم وما يريده هو العيش بسلام فقط.
وقد علق محمد علي على هجمات الحادي عشر من سبتمبر بالرغم من أنه كان يعاني من آثار مرض باركنسون إلا أنه ظهر على التلفزيون ليقول إن الارهابيين المسؤولين عن الهجمات لا يمثلون الاسلام الحقيقي.
ويحضر الى الذاكرة أن "محمد" عندما تمت تسميته بها الاسم رفض معظم الامريكان استخدام اسمه الجديد فقد كان يبدو اسما غريبا واجنبيا وهداما في بلد لا يثق بالمسلمين بشكل عام، ولم يكن لامريكا علاقة صحية مع الاسلام فهو دين مثار للشك والريبة وهو شيء غريب وقريب للاصولية.
لقد كان محمد علي نموذجا لازدهار الاسلام في الولايات المتحدة الامريكية.. ففي العام 1960 أخذت مباريات كلاي في الملاكمة طابعا ثقافيا اكثر كرمز لتهديد القيم المسيحية المتوارثة وكان فهم محمد علي للخلاف بين المسيحية والاسلام قد تشكل من خلال خبرته مع العنصرية التي تمارس ضده وضد السود في المجتمع الامريكي، لذا كانت صراحته في التحدث عن قضايا الدين والعرق والسياسة قد جعلت منه شخصية مثيرة للجدل، الا انه يعتقد بعد وفاته انه عمل على تحقيق التناغم بين اتباع الديانات المختلفة وهو ما يجعله مصدر الهام للكثيرين.
لقد شكل اعتناق محمد علي للاسلام مصدرا بديلا له للسلطة الروحية المسيحية الامريكية التي قاسى فيها السود من تعصب البيض هناك. كان محمد علي يدافع عن الاسلام بشدة ويردد دائما أنه دين السلام وأنه دين لا يروج للارهاب ودين لا يدعو لقتل الناس وكان يرى ان امريكا بحاجة الى فهم الاسلام لانه هو الدين الوحيد الذي سيمحو من المجتمع الامريكي مشكلة العرق.
وحتى في جنازته أراد محمد علي كلاي إشراك العالم مع دينه الاسلامي حيث أقيمت صلاة الجنازة في مدينة لويزفيل في ولاية كنتاكي الامريكية، فكانت جنازته وفقا للتقاليد الاسلامية، وسيظل العالم يذكر "كلاي" رغم رحيله بأنه عمل على تحقيق التناغم بين أتباع الديانات المختلفة وهو ما جعله مصدر إلهام للكثيرين حول العالم.