"سرت".. المفخخات تحول دون الحسم

الحدث الاثنين ١٣/يونيو/٢٠١٦ ١٩:٣٤ م
"سرت".. المفخخات تحول دون الحسم

سرت – ش – وكالات
تواجه قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية في مدينة سرت مقاومة شرسة من قبل عناصر تنظيم داعش لمحاولتها اقتحام المناطق السكنية التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف في وسط المدينة الساحلية.
وحققت القوات الحكومية تقدما سريعا في عملياتها العسكرية في (450 كلم شرق طرابلس) الاسبوع الفائت تحت غطاء الضربات الجوية والمدفعية الثقيلة حيث تمكنت من استعادة السيطرة على المطار والميناء.
لكن هذا التقدم بدا يتباطأ مع وصول قوات حكومة الوفاق إلى مشارف المنطقة السكنية الممتدة من وسط مدينة سرت إلى شمالها، لتتحول المعركة إلى حرب من منزل إلى منزل في مواجهة قناصة تنظيم داعش والعبوات التي زرعها في الأحياء.
ويتحصن مقاتلو التنظيم المتطرف في المنازل، ويعتمدون بشكل رئيسي على السيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون وتنطلق من الاحياء السكنية مستهدفة تجمعات القوات الحكومية.
وشن التنظيم أمس الأول ثلاثة هجمات انتحارية بسيارات مفخخة استهدفت تجمعين للقوات الحكومية ومستشفى ميدانيا قتل فيها عنصر واحد على الاقل واصيب اربعة اخرون بجروح.
وفي اعقاب هذه الهجمات، حاولت مجموعة من القوات الحكومية التقدم نحو المنطقة السكنية من جهتها الغربية، وخاضت مواجهات عنيفة مع عناصر التنظيم المتطرف، قبل ان تعود وتنسحب مع بداية المساء، بحسب مصور فرانس برس.
وشاهد المصور اربع جثث لمقاتلين ارتدوا ملابس عسكرية ملقاة على الطريق بين اولى المنازل في الجهة الغربية قرب مستديرة الزعفرانة، قالت القوات الحكومية انها تعود إلى عناصر في تنظيم داعش قتلوا في مواجهات عنيفة معها.
واصيب احد عناصر القوات الحكومية برصاص قناص خلال العملية، وجرى نقله إلى خارج المنطقة السكنية. وقال أحد المقاتلين "قواتنا من المشاة ستتقدم رغم الصعوبات".
وانطلقت عملية "البنيان المرصوص" الهادفة إلى استعادة مدينة سرت المتوسطية من أيدي تنظيم داعش قبل شهر بطلب من حكومة الوفاق الوطني المدعومة من المجتمع الدولي. وتتبع القوات التي تقاتل تنظيم داعش قيادة مشتركة مقرها مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس).
وقتل في العملية العسكرية منذ انطلاقها نحو 140 من عناصر قوات حكومة الوفاق الوطني وأصيب حوالى 500 عنصر بجروح، وفقا لمصادر طبية في مصراتة.
وتتشكل القوات التي تقاتل تنظيم داعش في سرت من جماعات مسلحة تنتمي إلى مدن عدة في غرب ليبيا، ابرزها مصراتة التي تضم المجموعات الاكثر تسليحا في البلاد اذ تملك طائرات حربية من نوع "ميغ" ومروحيات قتالية.
ونشأت هذه الجماعات المسلحة في العام 2011 خلال الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام معمر القذافي. لكن هذه الجماعات احتفظت بأسلحتها وأصبحت اللاعب العسكري الأبرز في ليبيا والأكثر تأثيرا في أمنها.
كما تخوض قوات حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة الوفاق معارك مع التنظيم المتطرف شرق سرت. ونجحت في استعادة قرى وبلدات من التنظيم الاسبوع الماضي وبلغت بلدة هراوة على بعد 70 كلم شرق سرت.
في مقابل ذلك، يضم تنظيم داعش الذي يبلغ عدد عناصره في ليبيا نحو خمسة الاف عنصر، مقاتلين اجانب في سرت يحملون جنسيات شمال افريقية وخليجية، بحسب ما يفيد سكان المدينة.
وتضم مدينة سرت ميناء يطل على البحر المتوسط، ومطارا دوليا وقاعدة عسكرية. كما تضم مجمع قاعات هو الاكبر في شمال افريقيا يسمى بمركز واغادوغو. وهذا المركز يعتبر حاليا اهم حصون تنظيم داعش في المدينة.
ويعبر مدينة سرت شارعان حيويان، طريق الشط والشارع الرئيسي، وتتفرع منهما شوارع اخرى على امتداد الاحياء السكنية المقسمة في معظمها إلى مربعات.
وحظيت مدينة سرت لاكثر من اربعة عقود، بين عامي 1969 و2011، بمكانة مميزة على اعتبار انها مسقط راس الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الذي اقام فيها مقرات حكومية وحاول اكثر من مرة ان ينقل الاجتماعات الحكومية الرئيسية اليها.
لكن سرت تعرضت خلال الانتفاضة الشعبية ضد النظام السابق لدمار كبير. وفي هذه المدينة اعتقل القذافي عام 2011، وقد لجأ إليها بعد سقوط طرابلس بايدي الثوار في نهاية اغسطس من العام ذاته. وقد شهدت هذه المدينة لحظاته الاخيرة قبل أن يقتله الثوار.
ودفعت سرت التي كانت اخر المدن الموالية للقذافي ثمن دعمها للزعيم السابق غاليا. فقد تحولت شوارع باكملها عقب انتهاء المعارك إلى مبان مهدمة، بينما ظل سكانها ينتقدون السلطات الجديدة ويتهمونها بتهميشهم والانتقام منهم، حتى باتوا يطلقون على مدينتهم اسم "المنسية".
وفي يونيو 2015، تحولت المدينة إلى ملاذ لتنظيم داعش الذي جعل منها قاعدة خلفية له تستقطب المقاتلين الأجانب الذين يجري تدريبهم على شن هجمات في الخارج.